خروج ناشئي اليمن مبكرا يثير التساؤلات.. ما الأسباب؟ وما مستقبل الأحمر الصغير بعد هذا الخروج؟ (تقرير)
- عاطف العميري الإثنين, 04 يوليو, 2022 - 08:02 مساءً
خروج ناشئي اليمن مبكرا يثير التساؤلات.. ما الأسباب؟ وما مستقبل الأحمر الصغير بعد هذا الخروج؟ (تقرير)

[ منتخب ناشئي اليمن ]

المنتخب اليمني للناشئين.. أبطال بطولة غرب آسيا في نسختها الثامنة، خاض غمار النسخة التاسعة من البطولة محملا بآمال كبيرة في الحفاظ على اللقب وتكرار الإنجاز للمرة الثانية على التوالي أو الوصول لمرحلة متقدمة في البطولة على الأقل، ولكن حدث ما لم يكن متوقعًا، التعرض لخسارتين أمام المنتخب العراقي والأردني، خسارتين قذفته خارج أسوار البطولة مبكرًا، بالرغم من الفوز العريض على نظيره العماني برباعية نظيفة في ختام دور المجموعات.

 

خروج لم يكن وقعه سهلًا على الجماهير اليمنية التي رابطت لمؤازرة المنتخب في المدرجات وخلف الشاشات، خاصة مع الأداء المميز الذي قدمه أشبال المدرب قيس محمد صالح في المباريات الثلاث، الأمر الذي دفعها إلى طرح تساؤلات حول هذا الخروج، أهمها: ما هي أسباب هذا الخروج المبكر؟ تساؤلات حاولنا الإجابة عليها من خلال توجيهها للمهتمين بالشأن الرياضي وذوي الاختصاص لنخرج بهذا التقرير..

 

رؤية ضبابية وعشوائية.. والشهرة قاتلة

 

الناقد الرياضي مراد أبو الرجال يرى أن الخروج المبكر جاء كنتيجة لسوء الإعداد وعدم وجود رؤية واضحة وطويلة المدى لبناء المنتخبات ابتداء من البراعم إلى الناشئين إلى الشباب والأولمبي ثم المنتخب الأول.

 

مراد ابو الرجال

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول ابو الرجال"العمل عشوائي جدا، وما يتم هو عمل تجمعات قبل أي بطولة بشهر أو شهرين على أفضل الأحوال، وهذا الأمر لا يبني منتخبات للمستقبل في ظل تعطل الأنشطة الرياضية وعدم وجود محفزات للاعبين للاستمرار في زاوية الرياضة".

 

فيما يعتقد الصحفي المختص بالشأن الرياضي ولاعب نادي أهلي تعز سابقًا سامي الحنظلي أن هناك الكثير من العوامل تظافرت وتسببت بهذا الخروج المبكر ابتداء من الضغط الجماهيري والإعلامي اللذين تسببا بضغط نفسي على اللاعبين، ويرى الحنظلي أن مما ساعد المنتخب في تحقيق البطولة الماضية كونهم غير معروفين، لكن الأمر اختلف في هذه البطولة.

 

ويفسر كلامه بقوله:" المنتخب اليمني دخل هذه البطولة بطلا، لذلك كانت جميع الأنظار متجهة إليه، كل الفرق تلعب بكل قوتها للفوز على البطل، لكن في البطولة السابقة كانت المنتخبات الأخرى لا تعرف منتخبنا وإمكانياته، وكان منتخبنا غير مرشح للظفر بالبطولة، خاصة وأنه لم يكن لدينا أي بطولة سابقة، فكان الصعود من الأسفل إلى الأعلى من دون أي صخب إعلامي، والمنتخبات الأخرى لم تكن متوقعة أن يقدم منتخبنا هذه النتائج".

 

الصحفي المختص بالشأن الرياضي ولاعب نادي أهلي تعز سابقًا سامي الحنظلي

 

"قصر مدة المعسكر التدريبي، وعدم لعب مباريات ودية قوية،  وكذلك استبعاد بعض اللاعبين بسبب تجاوز السن القانوني وعدم اختيار بدلاء مناسبين بسبب ضيق الوقت، كانت من جملة أسباب خروج المنتخب المبكر من البطولة" يضيف سامي.

 

اتحاد كرة القدم.. إصرار على الفشل وآذان صماء

 

الكابتن نبيل مكرم مدرب نادي الرشيد يرى أن الأحمر الصغير "كان أفضل من الكثير من المنتخبات المشاركة في البطولة فنيًّا ومهاريًا"، ويوجه أصابع الاتهام لاتحاد كرة القدم ويرى أنه السبب الأول والأخير في خروج المنتخب المبكر؛ لأنه لم يقم باللازم لتحضير وتجهيز المنتخب للبطولة.

 

ومما يثير غرابة الكابتن مكرم، إصرار الاتحاد على تكرار نفس الأخطاء بالرغم من معرفته بها وعدم الاستماع للأصوات الناقدة، إذ يقول:"أعتقد أن الجميع مجمع على أن الاتحاد هو السبب، ولكنه ما زال مصرًّا على أن يظل في دائرة الفشل، المنتخب الأول فشل في التأهل لنهائيات الأمم الآسيوية القادمة بسبب هذه النغمة، سوء الإعداد والتجهيز، ومع هذا فالاتحاد يكرر فشله مع منتخب الناشئين، وبنفس النغمة وبإصرار غريب وعجيب وبدل تصحيح الأخطاء السابقة بالرغم من أنها معروفة يصر الاتحاد على الفشل وعدم الاستجابة لأصوات الناقدين الذين ينتقدون بشكل إيجابي بعيدا عن الشخصنة والشتم والسب، مشكلة المنتخب مشكلة إدارية بحتة، تكمن في  كيفية عمل منظومة متكاملة للمنتخبات كاملة بما فيها الناشئين".

 

الكابتن نبيل مكرم مدرب نادي الرشيد

 

أسامة كُربش صحفي ومتابع للشأن الرياضي يتفق مع الكابتن نبيل مكرم على أن المنتخب قدم كرة جميلة وممتعة وأنه كان الأفضل في البطولة على مستوى الأداء، ويتفق أيضًا على أن اتحاد كرة القدم المحلي كان سببًا من جملة أسباب وعوامل جردت المنتخب الوطني من لقبه.

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يغوص كُربش في التفاصيل الدقيقة حيث يقول:" الاحتفال المبالغ فيه والانتشاء بالفوز أخذ وقتا طويلا، فالمنتخب والاتحاد دخلوا في سبات طويل بعد تحقيق البطولة الماضية، ولم نصحُ من هذا السبات إلا قبل فترة قليلة من البطولة في نسختها الحالية، اللاعب المحترف عندما يغيب عن الملاعب وعن النشاط الرياضي لأكثر من ستة أشهر فهو يحتاج لمدة طويلة من أجل استعادة اللياقة والدخول في الأجواء واستعادة الفورمة التي كان عليها، لكن الاتحاد أخطأ في الإعداد وكان المعسكر التدريبي قصيرًا جدًا، حتى أنه تجد أن أداء المنتخب كان تصاعديًا في المباريات وهذا يدل على أنه كلما دخل اللاعب في أجواء المنافسات ولعب مباريات أكثر كلما تحسن مستواه".

 

ويضيف أسامة: "عشوائية الاتحاد وتخبطه حيث أعلن بالأول انسحابه ثم المشاركة، وكذلك التأخر في الرحلة وعدم الاهتمام باللاعبين والبعثة والوصول المتأخر إلى الأردن والانتظار في المطارات، كلها أمور أثرت على نفسيات اللاعبين مما انعكس سلبًا على أدائهم".

 

ولا يخرج عدلي عادل متابع رياضي عن دائرة الأسباب المذكورة سابقًا والمتمثلة في سوء الإعداد وتأخره، ومن وجهة نظره فإن دخول  المنتخب الوطني للبطولة كبطل جعل اللاعبين يتساهلون ويستخفون بالمنتخبات المنافسة.

 

أسامة كُربش صحفي ومتابع للشأن الرياضي

 

ويضيف معلقَا على كلامه:" وهذه الأسباب ظهرت آثارها بتراجع أداء المنتخب من ناحية التهديف وفقدان اللمسة الاخيرة أمام المرمى، المنتخب الوطني كان الأفضل خلال المواجهتين أمام المنتخبين العراقي والأردني، بل الأقرب للفوز، لكن لم يستطع اللاعبون ترجمة الفرص التي خلقوها أمام المرمى إلى أهداف".

 

ما فات مات.. النظر نحو المستقبل

 

بعد الخروج من بطولة غرب آسيا، تنتظر منتخب الناشئين في الفترة القادمة مشاركتان خارجيتان، بطولة كأس العرب وتصفيات كأس آسيا للناشئين، وبالرغم من أن الخروج المبكر من بطولة غرب آسيا أصبح من الماضي، إلا أنه سيكون له مع غياب الرؤية الواضحة طويلة المدى آثار تدميرية على كرة القدم اليمنية كما يقول الناقد أبو الرجال عند سؤاله عن مستقبل الكرة اليمنية بشكل عام ومنتخب الناشئين بشكل خاص:" للأسف، مستقبلًا سيكون له آثار تدميرية على كرة القدم اليمنية وكان هذا الشيء واضحًا من خلال نتيجة مباراة المنتخب الأول مع منغوليا التي نعلم جميعا أنها تحتل المركز 186 عالميا، حيث ظهر المنتخب الأول بشكل سيئ جدا وأعتقد أننا وصلنا لنقطة الصفر وأننا المنتخب الأسوأ آسيويا في ظل انعدام المباريات الودية والمشاركات الخارجية للمنتخبات والأندية".

 

عدلي عادل متابع رياضي

 

ويحذر أبو الرجال: "هذه المرحلة هي مرحلة التراجع الكبير وقد بدأت آثارها بالظهور حاليا بسبب توقف الدوري منذ 2014، فجيل 2014 انتهى تماما ونحن مقبلون الآن على أجيال جديدة لم تشارك في الدوري المحلي ولم تخض أي احتكاك خارجي، لذلك سوء الإعداد وعدم وجود الرؤية، وعدم إعطاء الأندية فرصتها بالمشاركة الخارجية وإقامة الأنشطة في الداخل، سيكون له آثار تدميرية في المستقبل وسوف تظهر على المنتخبات الناشئة لأن كرة القدم صناعة تبدأ من مرحلة البراعم وللأسف نحن نلعب فقط على الموهبة بينما في الخارج منتخبات كانت أقل منا مستوى بدأت تعمل وفق خطوات مدروسة والاستعانة بخبرات خارجية لبناء منتخباتها، لذلك سيكون هناك تراجع مخيف في المستقبل القريب إن لم نتدارك الأمر".

 

ويعيد المدرب نبيل مكرم سيرة فشل الاتحاد اليمني لكرة القدم وإصراره على الفشل، عند سؤاله عن مستقبل منتخب الناشئين والاستحقاقات القادمة بقوله: "نفس النغمة قد تكرر، منتخب عائد من بطولة غرب آسيا لديه مشاركتان قادمتان، المنتخب عاد إلى اليمن واللاعبون عادوا إلى بيوتهم وقبل فترة قصيرة من البطولات القادمة سيتم استدعاؤهم  وأعتقد أن هذه المشكلة إدارية وعقلية".

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يفند الكابتن مكرم حجة غياب الدعم المالي، ويرى أن الجانب المادي لن يقف عائقًا أمام تجهيز المنتخبات الوطنية بشكل عام والناشئين بشكل خاص حيث أن الاتحاد لديه موازنة خاصة ويتلقى دعمًا من الاتحادات الآسيوية والخليجية.

 

وعن التحجج بظروف الحرب يعلق مكرم: "لا أعتقد أن الظروف والحرب سبب رئيسي في عدم إعداد المنتخبات بشكل كافٍ، فهناك دول تعاني نفس ما نعانيه، فلسطين ولبنان وليبيا سوريا، لكن الأمور الرياضية فيها تمشي على ما يرام، وتجهيز المنتخبات يمشي بنفس نظام الدول التي تعيش بسلام وأمان".

 

مشروع منتخب منافس.. والهدف التأهل إلى كأس العالم

 

يتفق سامي الحنظلي وأسامة كربش على أن منتخب الناشئين لديه مواهب قادرة على تشريف الكرة اليمنية والمنافسة بقوة في الاستحقاقات القادمة إذا ما تم الاهتمام بها وتقديم الدعم اللازم لها وإعدادها بالشكل المطلوب من خلال إقامة المعسكرات والمباريات الودية مع منتخبات دولية قوية، ويريان أن المنتخب سيكون مرشحًا للتتويج ببطولة كأس العرب للناشئين.

 

وأما عن تصفيات كأس آسيا فهما يعتقدان أن المنتخب قادر على تجاوز مجموعته والتي تضم منتخبات (بنغلادش، سنغافورة، بوتان) بسهولة، والتأهل للنهائيات الآسيوية حتى بدون إقامة معسكرات تدريبية، ولكن إقامة معسكرات تدريبية جيدة وفي الوقت المناسب، ضرورة من أجل المنافسة على اللقب القاري أو تحقيق أحد المراكز الأولى والتي تضمن التأهل إلى نهائيات كأس العالم للناشئين.

 

ويبقى السؤال الذي يراود الجماهير: هل سيعي اتحاد الكرة ما حصل في الفترة السابقة ويتعظ، أم أنه سيظل يعزف على أوتار الفشل ويكرر أخطاءه السابقة؟


التعليقات