فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
الرشيدي والهاشمية السياسية
الإثنين, 24 سبتمبر, 2018 - 07:17 مساءً

"حاصر حصارك لا مفر" درويش

في 17 يناير 2018 أقمنا ندوة علمية بعنوان "الهاشمية السياسية وخطرها على الأمة اليمنية"، وكان لحضور ضيف الشرف الفنان الكبير فهد القرني الأثر الكبير في إثراء الندوة وجذب عشرات الآلاف من المشاهدات على صفحة مركز يمينون، انتبهت لجنون العدد حين شاهدت الأرقام تتصاعد من خلال هاتفي المحمول وأنا في القاعة، فأغلفت تلفوني فوراً لا مجال للتوتر الأن، لست مهتماً بالنقد، ولا بما يقال، يهمني فقط أن أضع النقاط على الحروف، ليس عندي ما أخفيه، هناك مشكلة في بلدي سأفعل ما بوسعي لحلها وإن غضب العالم أو حتى نام، ليست مشكلتي، وردود الأفعال ليست مهمة، إن غرس المصطلحات في الأذهان والإعلام ليست مهمة سهلة.
 
مصطلح الهاشمية السياسة جذاب ومثير للجدل وغامض، لكنه تحول في الندوة إلى تعريف إجرائي، وهذا جهد الباحث الذي يحول الغموض والجدل والجاذبية إلى تعريف واضح ومحصور، لم نقصد في الندوة سوى ما يتعرض له شعبنا من قتل وتشريد وتدمير من قبل عصابة تدعي أفضليتها على شعبنا بأربع تفضيلات ;اقتصادية تأخذ خمس أموال الناس أي ما يساوي 20%  من دخلهم، وسياسة فبحسب خرافتي الوصاية والولاية لهم الحق في الحكم دون الناس، واجتماعية فهم طبقة عنصرية عليا وليسوا كالبشر، ولّدت هذه العنصرية في البلد نظاماً طبقياً منذ أكثر من ألف عام، ودينية فهم قرناء القرآن ومن لهم حق تأويله ومنح الناس صكوك الغفران والجنة والنار ويعتبرون محبتهم عبادة لله سبحانه.  
 
الهاشمية السياسية يقصد بها الهاشميين العنصريين الذين يعتقدون أحقيتهم الدينية في الوصول إلى السلطة، بسبب نسبهم أو ما عرف بنظرية حصر الإمامة في البطنين، كما هو معروف في النظرية السياسية للإمامة الهادوية في اليمن. وهذه حدودنا في التعريف ولم نتجاوزها إلى العنصريات ولا العرقيات إيماناً منا بأن فكرتنا نابعة من فكرة الدولة اليمنية الحديثة القائمة على قيم المواطنة، واليمن في فكرنا دولة لا قبيلة ولا عرق ولا عصبية.
 
ومع ذلك هناك من أول التعريف إلى اتهام صريح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاشمية السياسية وإلى أنه عداء للهاشمية، تحول الأمر إلى ما يشبه بالعداء للسامية. وقد فرق الباحثون من قبلنا بين الصهيونية كحركة عنصرية وبين اليهودية كديانة سماوية، وهنا الهاشمية السياسية حركة عنصرية تشبه الصهيونية من حيث الجرائم والأعمال الإرهابية بغرض تحقيق المكاسب السياسية.
 
تشرفت الأمس بحضور ندوة "الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر هوية وطن"  وقدمت ورقة عمل حول تصحيح مسار الثورة، وأثناء التقديم التفت نحو رئيس الاتحاد الصديق محمد الرشيدي وقلت أنه طلب مني عدم ذكر الهاشمية السياسية، قلته مبتسماً لكسر الملل والجمود في مثل هذه الندوات، ذكرت المصطلح عدد من المرات، لا الرشيدي يستطيع منعي ولا غيره، هذا المصطلح صار ملتصق بي، فانا قد ذهبت في القول بضرورة استخدام مصطلح الهاشمية السياسية في التعامل الأكاديمي والإعلامي والسياسي والقانوني، بل ما زلت أحث على ضرورة استخدامه في الخطاب الرسمي للشرعية والحكومة والأحزاب، فما دونه من المصلحات كالملكية والحوثية والسلالة والإمامة لم تعد صالحة للاستخدام واستخدامها لا يفي بالغرض في الدلالة على خطر هذه الكارثة. 
 
في مقال نشرته بالصحوة نت بمناسبة الذكرة الثامنة والعشرين لتأسيس الإصلاح بعنوان (الإصلاح بين الحزب والجماعة) أوردت فيه أن "معضلة الهاشمية السياسية التي يرى اليمنيون اليوم بشاعتها، وهي مشكلة فوق مسألة التربية، وبدون المساهمة من قبل كل الأحزاب السياسية في تجريم الهاشمية السياسية فستعود تحت أي مسمى للانقضاض على الدولة و الجمهورية و الثورة و اليمن، هذه عصبية عرقية عنصرية تستند على الحق الإلهي والنصوص المخالفة للكتاب المقدس، وإن ظهرت عند متشيعة القوم فقد مهد لها سنتهم و صوفيتهم، ليس المطلوب من الإصلاح سوى المساهمة في الحد من الظاهرة، وأفراده ممن يقولون أنهم هواشم عليهم أن يكونوا أعضاء في التجمع ((((اليمني)))) للإصلاح  بيمنيتهم بصفتهم مواطنين لا بعرقيتهم المثيرة للشكوك و الجدل، إن تجريم الهاشمية السياسية هو من سيخلص الهاشميين أنفسهم من معضلة (أنا خير منه) الإبليسية وستُخلص اليمن من كابوس التعصب و التخلف لينطلق نحو التنمية المستدامة".
 
وهنا أكرر القول أن الصديق محمد الرشيدي يمني جداً لا هو هاشمي وليس له علاقة بما قيل بعد استفزاز عابر القصد منه شد الإنتباه، لكن الرسالة التي بفعل حماس الشباب في القاعة وخارجها ذهبت باتجاهين -أو هكذا يجب أن تكون- الاتجاه الأول نحو الشرعية والخارجية اليمنية بالتحديد والسفارات التي تنوي إقامة احتفالات بأن عليها ضرورة استخدام مصطلح "الهاشمية السياسية" عند الحديث عن الانقلاب والحوثيين، فقد صار متفق على المصطلح  بين الشباب وبين قطاعات كبيرة في المجتمع اليمني  ونخبه وقواه الحية، والاتجاه الثاني نحو الأحزاب حتى تستخدم المصطلح في باينتها التي ستصدر بمناسبة أعياد الثورة السبتمبرية التي كانت في الأساس ضد الهاشمية السياسية وليست ضد بيت حميد الدين كما يحب البعض حصرها تدليساً على الأمة اليمنية، كي تتغاضى عن تنامي هذه الظاهرة وتغلغلها في مؤسسات الدولة والأحزاب والمنظمات وفئات المجتمع اليمني.
 
الشكر للشباب اليمني الحر الغيور على هويته ووطنه بلا استثناء ممن اشعلوا القاعة ووسائل التواصل الاجتماعي بغضبهم المبارك، الشكر لاتحاد الطلبة اليمنية في ماليزيا على تدشينه لأعياد الثورة اليمنية فهو صاحب الحق الأول بلا منازع في تدشين هذه الفعاليات الوطنية كونه امتداً للحركة الثورية التي كانت أساس الثورة اليمنية الممتدة من 17 فبراير 1948 حتى 11 فبراير 2011، الشكر مكرر لرئيس الاتحاد محمد الرشيدي الذي لم يسيء للحركة الطلابية ولم يكن غير شاب يمني وطني غيور على بلده والدليل تدشينه لهذه الفعاليات اليمنية في المهجر.
 
 على كل شبابنا الغيورين على الهوية والدولة اليمنية حاملي القضية اليمنية، أن يستمعوا جيداً في هذه الأعياد الثورية لخطابات مسؤوليهم في الاتحادات والنقابات والأحزاب وإلى خطابات الشرعية والحكومة والخارجية والسفارات وكل من سيقومون بالاحتفالات بأعياد الثورة اليمنية في الداخل والخارج هل سيجد مصطلح الهاشمية السياسية طريقه إلى مسامع الشعب أم أنهم سيكذبون عليهم بمصطلحات السلالة والخرافة والكهنوت والإمامة وما إليها من المصطلحات المطاطية التي لا معنى لها ولا تحث على تجريم الهاشمية السياسية العنصرية التي دمرت بلادنا وقتلت أهلنا و شردتنا في أصقاع الأرض.

التعليقات