كارنيجي: المجلس الرئاسي في اليمن ليس متماسكا ويعمّق الانقسام المستمر في البلاد
- متابعة خاصة الأحد, 12 يونيو, 2022 - 10:58 صباحاً
كارنيجي: المجلس الرئاسي في اليمن ليس متماسكا ويعمّق الانقسام المستمر في البلاد

[ اجتماع لمجلس الرئاسة في عدن ]

قال مركز كارنيجي إن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن ليس متماسكا بطريقة تسمح لع باتباع آلية فعالة لاتخاذ القرارات، ويكشف الانقسام المستمر في البلاد.

 

وأضاف المركز -في تقرير له أعدها الباحث إلينورا إن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي يؤكد الدور الذي اكتسبه القادة غير النظاميين في المؤسسات اليمنية بسبب الحرب، ما يدفع البلاد باتجاه مرحلة جديدة من التوازنات.

 

وتابعت أردماغني -وهي باحثة مساعدة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) ومساعدة تدريس في جامعة ميلانو الكاثوليكية- "يكشف المجلس الرئاسي النقاب عن المسار الذي تسلكه البلاد، فالجمع بين مسؤولين ينتمون إلى مؤسسات معترف بها دوليًا وبين قادة مجموعات مسلّحة يتمتعون بشرعية على الأرض وسيطرة ميدانية يؤدّي إلى زيادة الطابع المتباين والمختلط لتركيبة القادة اليمنيين إلى أقصى حدوده. لكنها، مع ذلك، ليست سمة جديدة في اليمن".

 

وذكرت أن الخلط بين قوات الدفاع النظامية وغير النظامية بات أمرًا مألوفًا بعد انتفاضة 2011 ومع بداية الصراع الحالي المستمر منذ أواخر العام 2014.

 

وأردفت "ومع تعيين المجلس الرئاسي، أصبحنا الآن أمام إقرار سياسي هرمي بهذه التركيبة من خلال الاستيعاب الرسمي للكيانات السيادية المختلطة التي تحكم البلاد بفعل الأمر الواقع. نتيجةً لذلك، تُبقي تركيبة المجلس الرئاسي على مكانة اللاعبين النظاميين وغير النظاميين وتؤكد مسار مرحلة التوازنات ما بعد المختلطة في اليمن.

 

وتوقعت الباحثة إلينورا أردماغني أن يكون المجلس الجديد أكثر تمثيلًا من المؤسسات السابقة، فهو لن يضمّ قادة ينتمون إلى أحزاب سياسية.

 

واستدركت "بعد مرور سبع سنوات على الحرب، أصبح المؤتمر الشعبي العام مُتصدّعًا، وهو يُعتبَر مع حزب الإصلاح الحزبَين السياسيين الوطنيين الأساسيين في اليمن، في الوقت الذي شهد فيه حزب الإصلاح تحولًا عميقا. لم يتمكن هذان الحزبان، بسبب الضعف الذي يعانيان منه تاريخيًا، من وضع حد للحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات عدة. علاوةً على ذلك، لا يزال العديد من الأحزاب التقليدية يسعى خلف فكرة توحيد اليمن، فيما يتطلع قادة محليون إلى تعزيز الحكم الذاتي في مناطقهم، وهم يحصلون على دعم مباشر أو غير مباشر من المجموعات المسلّحة".

 

وأكدت أن المجلس الجديد يفسح المجال لصعود شخصيات قيادية، شمالية وجنوبية على السواء، من كنف مجموعات ذات أصول عسكرية، وكذلك صعود قادة محليين وقادة على مستوى المحافظات. ولكن، سيكون العائق الأكبر في اليمن هو دمج القوى الصغرى المتنافسة في مشهد سياسي وطني ومتماسك.

 

مجلس تمثيلي إنما غير متماسك

 

وبحسب الباحثة فإن المجلس يمثّل أطراف كثيرة لها مصالح فيما ستؤول إليه البلاد، ولكنه مجلس ليس متماسكًا بطريقة تسمح له باتباع آلية فعالة لاتخاذ القرارات. وفي الوقت ذاته، يكشف المجلس الرئاسي الانقسام المستمر في البلاد، ما يسلّط الضوء على فشل المحاولات السابقة لتشكيل ائتلاف في المعسكر المناهض للحوثيين، فقد منيت معظم الجهود السابقة بإخفاق ذريع بسبب الخصومات الطاغية بين القوى والأجندات المتنافسة.

 

وأضافت "وهو الانقسام نفسه الذي ينسحب على المجلس الرئاسي. فعلى سبيل المثال، عيدروس الزبيدي، العضو في المجلس، هو رئيس ما يُسمّى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي انضم رسميًا إلى الحكومة المعترف بها منذ أواخر عام 2019. ومن الأمثلة الأخرى على التنافس على صعيد الأولويات أن طارق صالح، قائد قوات المقاومة الوطنية، وأبو زرعة، قائد ألوية العمالقة، هما عضوان في مجلس القيادة الرئاسي على الرغم من انتمائهما رسميًا إلى تحالف القوى العسكري في الساحل الغربي بقيادة صالح. إذن، في ضوء التناقضات الداخلية الكثيرة، قد لا يتمتع المجلس بالقوة الكافية للتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين.

 

وقالت "لسوء الحظ، وعلى الأرجح، لن تتبدد الخلافات السياسية بين أعضاء المجلس بشأن السيطرة على الأراضي وترتيب هرم القيادات، إضافة إلى ذلك لاتزال الخصومات المحلية قائمة، فقد تمكّن عدد كبير من أعضاء المجلس، مثل المحافظَين النافذَين في مأرب وحضرموت، من فرض مناطق سيطرة على الأرض بحكم الأمر الواقع، من خلال الاستعانة بشبكات عسكرية واقتصادية، سيكون من الصعب دمجها في إطار وطني.

 

ولفتت إلى أن  مسألة الدعم الإقليمي  تكتسب أهمية محورية أيضًا، ما يضع عائقًا إضافيًا في الطريق نحو التماسك السياسي. مثلا، مارست السعودية، التي تسعى إلى تنفيذ استراتيجية للخروج العسكري من اليمن، ضغوطًا قوية كي يقوم هادي بنقل السلطة إلى المجلس. كما تقدّم الرياض دعمًا كاملًا للدور القيادي الذي يتولاه العليمي.

 

 وأوضحت أن واقع الحال هو أن كثيرًا من أعضاء المجلس تربطهم علاقات مهمة بالإمارات العربية المتحدة لأن أبو ظبي تقدّم الدعم لقواتهم العسكرية. بالنسبة إلى العليمي، يُشكّل بناء شكل من الإجماع السياسي بين أعضاء المجلس الخطوة الأولى – وهي خطوة بالغة الصعوبة – لإشراك الحوثيين في مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهذا يعطي أملا بأن يقود في نهاية المطاف إلى وضع حد للحرب.

 

مرحلة ما بعد التوازنات المختلطة في اليمن

 

واستطردت "في حين يستمر اليمن في التقدم نحو واقع من التوازنات يتجاوز التكوينات المختلطة من خلال تشكيل المجلس القيادي الرئاسي، يتلاشى أكثر فأكثر الخط الفاصل بين القوات النظامية وغير النظامية، وبين الدولة والحكم المناهض للدولة، ما يجعل المشهد العام أكثر ضبابية واستعصاء على الحُكم.

 

واعتبرت المجلس المعيَّن حديثًا، بغض النظر عن فعاليته، صورة مصغّرة حقيقية عن توازنات القوى الراهنة في اليمن الذي تحوّل إلى مجموعة من الدويلات التي تحكم أجزاء من الأراضي اليمنية.

 

وختمت الباحثة الغربية بالقول إن "المجلس الرئاسي يتيح فرصة أمام اليمن لإجراء مفاوضات شاملة، على الرغم من أن الأجندات المتباينة لأعضائه قد تتحول بسهولة إلى عائق سياسي في الطريق نحو الاستقرار".


التعليقات