ترامب ببزة عسكرية
الثلاثاء, 31 يناير, 2017 - 06:54 مساءً

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عهده، بقرارات سياسية واقتصادية وعسكرية مثيرة للجدل، كان من أبرزها منع مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، ما فتح عليه أبواب الاعتراضات من داخل الولايات المتحدة نفسها، وشهدت عدة مدن ومطارات تظاهرات عارمة استدعى معها تدخل القضاء لإبطال هذه القرارات بشكل مؤقت.
 
لم تكن هذه القرارات جديدة على أية حال، فقد جاءت ترجمة لبرنامجه الانتخابي, إلا أن السرعة التي طبق من خلالها هذه القرارات كانت هي اللافتة، فالكثير من المراقبين كانوا يعتقدون أن الرجل سيأخذ وقتاً لمراجعة الوعود الانتخابية بالتشاور مع المؤسسات الحاكمة للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
 
استعدى ترامب الرأي العام الأمريكي والخارجي معاً، بمن فيهم بالطبع الحلفاء، خاصة في أوروبا الذين فاجأهم الاندفاع في اتخاذ القرارات المثيرة للجدل من قبله، وانتقده رؤساء عدة، من بينهم الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية ميركل، إضافة إلى آخرين في أوروبا وغيرها.
 
وفي الشأن العسكري أراد ترامب أن يثبت شراسة في التعاطي مع الإرهاب، بخاصة تنظيم «القاعدة» المنتشر في بعض المناطق العربية، من بينها اليمن، ووقع على أمر لتنفيذ عملية عسكرية في منطقة يكلا بمحافظة البيضاء، وسط البلاد، عبر إنزال جوي شارك فيه عشرات الجنود وعدد من مروحيات الأباتشي للقضاء على زعماء وأعضاء في التنظيم، حيث أسفرت العملية عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، وهي الحادثة الأولى من نوعها، التي يتم تنفيذها عبر جنود ومروحيات عسكرية، بعد أن كانت الطريقة السابقة تتمثل في استخدام طائرات بلا طيار.
 
عملية أول من أمس لا تخرج عن الانطباع السائد عن الولايات المتحدة في أنها تستخدم نفوذها وإمكانياتها الهائلة ليس في محاربة الإرهاب بل في قتل الأبرياء في أكثر من بلد عربي، وقد نفذت مجزرة مشابهة في منطقة المعجلة بمحافظة أبين في 17 ديسمبر 2009، في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأودت بحياة نحو 50 امرأة ورجلاً وطفلاً، وكالعادة لم تبد واشنطن أي ندم أو اعتذار، فيما بلع صالح لسانه، كالعادة، بل ودافع عن الجريمة الأمريكية بالقول إن الغارة كانت بالخطأ.
 
لن تتوقف أمريكا عن ارتكاب المزيد من هكذا جرائم، تحت يافطة محاربة الإرهاب، وستواصل ارتكاب مثلها في اليمن وغيره، والأمر يعود إلى سبب رئيسي يتمثل في الصراعات الداخلية التي انشغل بها العرب، ومنهم اليمنيون بالطبع، فهذه الصراعات تشجع الآخرين على ارتكاب حماقات أكبر في بلدانهم، واختراق سيادتها دون اعتبار لأية معايير سياسية أو أخلاقية.

*الخليج الإماراتية

التعليقات