خلافنا مع ما تبقى من مؤتمر صالح يبقى خلاف ضمن الصف الجمهوري، حتى و ان بالغ في خلافه الى درجة تحالفه مع الاماميين، الخطأ الذي ارتكبه صالح كان فادحا وجسيما بحق البلاد و ثوابتها، لم يفرق بين السلطة و الجمهورية، فعرض الجمهورية لخطر وجودي كي يكسب السلطة و ها هو يخسرهما معا.
2011 منحت الحوثيين فرصة للاعتدال نحو الساحة السلمية و السياسية بينما صالح سلمهم مخازن الاسكود و مؤسسات الدولة في انقلاب ظن فيه انه المسيطر حتى استهلك قوته و ضيع انصاره بدوافع الانتقام و الاحقاد.
الحقيقة أن الامامة نفذت من هذه الثغرة و استغلت صالح و استهلكت قوته في نفس الوقت و الان أصبح صالح و انصاره في مازق وجودي ، صحيح معهم الجماهير و معهم السخط الشعبي في المناطق التي تحت سيطرة الانقلاب و لكنهم عاجزين تماما عن توظيف مصادر هذه القوة أمام مليشيا مسلحة مؤدلجة بلا مشروع و بلا أفق.
ما يخافه البعض ان يضيع المؤتمر فرصة الانتصار و اعادة الاعتبار للجمهورية من خلال استقراء الية و نمط تفكير صالح الذي يقود مسار هذا التيار العريض في البلاد و يستغله في مغامراته و مشروعه الخاص و هذا يعني أن اليمن ستتضاعف خسارتها و تتضاعف معها كلفة الانتقال من الحرب الى السلام .
صالح لم يعد بكامل قدراته الذهنية للتفكير بطريقة مقاربة لمشروع تيار الحركة الوطنية و ثوابته الممتدة من 1962 حتى ما قبل الاطاحة به في 2011 فما بعدها لم يمارس صالح السياسة بل مارس الاحقاد على حساب الثوابت الوطنية.
الارتباك النفسي و مشاعر الكراهية لخصومه جعلته غير قادر على استغلال ما تبقى من قوته لصالح المشروع الوطني ولم يعد قادرا على تغيير مسار الاحداث لكنه اليوم يعتاش على السمعة و الكاريزما التي صنعتها له سنوات الحكم الطويلة مع بعض العلاقات الخارجية التي يراهن عليها حاليا في البقاء كشريك لمستقبل عائلته وليس متحكم وحيد.
الأزمة الأخيرة أظهرته كمزاج عام و ليس كقوة مادية حاضرة لتغيير المعادلة ، فتركيز المليشيا الحوثية على تجفيف منابع الدعم المادي التي ظل يبنيها ضمن مؤسسات الدولة ثلاثة عقود و تلك المصادر هي التي كانت تقتات عليها شبكات ولاءاته الاجتماعية و السياسية و المناطقية تعطلت ما يربطها بصالح اليوم هي مجرد مشاعر و ذكريات.
الحوثية خلقت مجالا جديدا من شبكات المصالح و تشكلت معها و انتظمت اقتصاديات الحرب و الفوضى و هي تجد في هذه الظروف بيئتها المثالية للبقاء و الاستمرار ... فميدان السياسة يحجمها و يقزمها و لا يتناسب مع تطلعاتها في الشراكة السياسية و النفوذ ، فلا تزال امامها صعوبات لضمان ذلك وفقا لمتغيرات غير مسيطر عليها هي عوامل داخلية و اقليمية فيبقى السلاح و الحرب هو خيارها الوحيد حتى الان.
نقلا عن صفحة الكاتب بالفيسبوك