منير الوجيه

منير الوجيه

عضو مؤتمر الحوار الوطني

كل الكتابات
لماذا ثورة 11 فبراير؟
السبت, 10 فبراير, 2018 - 10:10 مساءً

ثورة فبراير هي ثورة الكرامة والحرية واستعادت الذات اليمنية التي غيبها صالح تحت عباءة أسرته. لقد قامت هذه الثورة على يد نخبة شباب اليمن، فقد كانت تجمعا لأطهر الشباب، ففيها الطالب الجامعي وفيها المهندس والطيار والطبيب والمعلم، وفيها الفنان والمنشد وخلاصة ما أنجبت اليمن من جيل طموح، انصدم بنظام مستبد وفاسد، همش المكانة الكبيرة لليمن في محيطها العربي والعالمي، وجعل أكبر ما يمكن أن يطمح إليه اليمني هو الغربة والرحيل عن الوطن، متنقلا بين دول العالم باحثا عن أمن معيشي وحقوق وحريات بعيدا عن وطنه الأم.

اندلعت ثورة الشباب نتيجة تراكم أخطاء خلال 30 سنة، وانحراف واضح بمسار الجمهورية التي بدأت تتحول إلى إقطاعية خاصة بأسرة صالح، يبني فيها إمبراطوريته على حساب تاريخ وشعب بلد عريق كاليمن.

لقد كانت هذه الثورة ضرورية، بعد أن بدأ صالح بتعيين أقاربه في كل المواقع الحساسة (الجيش، المال، الإعلام) التي تعتبر السلطة الفعلية بالبلد، بعد أن اختطف السلطة الشكلية فيها، وأصبح هو الرئيس والبرلمان والقضاء، واتجه نحو تعديل الدستور وتخلص من العدَّاد ليصبح رئيسا للأبد، ليقوم بعد ذلك بتهيئة الكرسي لنجله أحمد، فاختطف كل موار البلد واقتصادها، وتعامل مع اليمن كعسكري في نقطة، لممارسة النهب والسلب كما كان في أيامه الأولى في المخاء يمارس التهريب، ظل مستمرا بحكم اليمن بهذه العقلية إلى درجة أنه أحيانا يمارس الصلح بين مختلفين كشيخ، ويأخذ أجرته رغم أنه رئيسا للجمهورية.

ما يهمنا أننا في عهده صارت الحياة تحدي منذ الطفولة التي حرمنا من أن عيشها كأطفال العالم، إلى أن تخرجنا من الجامعات إلى سوق العاطلين عن العمل، في حين أن طبقة معينة تتمتع بكل المزايا والوظائف والمنح.

حوَّل صالح اليمن إلى مزرعة خاصه به، وحوَّل اليمنيين إلى تركة يرثها من بعده أبنائه، وتناسى أن ثورة سبتمبر قدمت التضحيات من أجل أن نصل اليمن الديمقراطي التعددي، إلى اليمن القوي بجيشه الحارس لمكتسباته واقتصاده القوي، لكنه بدأ يبني مملكة الصالح بعيدا عن هذا البلد المهم في خارطة العالم، بموقعه وثرواته وامتداد سواحله وبشعبه وبشبابه وبتاريخه.

انطلقت ثورة 11فبراير رغم تأخرها لتعيد الألق لثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر، لترفض الإمامة بشكلها الحديث، لذلك توعد صالح بالانتقام، وسلمها للإمامة الكهنوتية التي نعاني منها إلى الآن.

ثورة 11فبراير وضعت حدا لاختزال اليمن بأسرة معينة، وأنهت التوريث، وفتحت بابا اوسع للديموقراطية وحكم الشعب.

أفرزت ثورة 11فبراير توافقا وطنيا وحوارا لم يحدث بتاريخ اليمن الحديث، إذ جلس كل الفرقاء بطاولة واحدة يناقشون مستقبل اليمن، ويصيغون مبادئ الدستور ويحددون شكل اليمن الجديد بعد حل كل القضايا الوطنية حلا عادلا.

ثورة 11فبراير أنتجت حكومة توافق وطني وانتخابات رئاسية، انتقلت فيها السلطة رسميا إلى المشير عبدربه منصور هادي، كأول انتخابات تعبر عن رغبة اليمنيين بالتداول السلمي للسلطة وكسر القنوط لدى الناس بعد سنوات من التشبث بالسلطة، وأن الحكم محصور بمنطقة معينة أو أسرة معينة أو قبيلة، كانت الانتخابات بداية لعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها.

انعكست أهداف تلك الثورة ولخصت من خلال التسع القضايا في مؤتمر الحوار الوطني الذي اشتغل كل فريق على تحقيق هدف معين، من خلال إسقاط الحكم الفردي وذلك بالانتقال من المركزية إلى الأقاليم ليتيح لكل أبناء الشعب المشاركة في الحكم، وبناء اقتصاد قوي من خلال توزيع الثروة بعدالة على كل أبناء الشعب، وجعل اقتصادنا اقتصادا مفتوحا، وبناء جيش وطني من خلال أسس وطنية، لا عائلية ولا فردية، وحل كل القضايا الوطنية التي تسبب بها نظام صالح، والذي ظل يلعب بها كأوراق من أجل ديمومة الحكم.

لقد عبرت مسودة الدستور خلاصة أهداف ثورة فبراير للانتقال إلى اليمن الاتحادي، كخلاصة لطموح شباب اليمن وشعب اليمن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.

هذا ما أنتجته ثورة فبراير، وهو الواقع الذي كنا نحلم به، ومصطلحات غابت عنا قديما جوهرها انتخابات انتقال السلطة، وحوار وطني، ودستور، والتوافق على يمن اتحادي.

لم يكتمل حلمنا بعد، فأعداء تلك الثورة أبوا إلا أن يقضوا على هذه المنجزات، بتدمير كل جميل وهدم المعبد كما قال صالح على رؤوس الجميع، ذهب بعيدا وسلم البلد للقادمين من خلف الكهوف، وأعلنوا عن نكبتهم في21سبتمبر التي حولت اليمن إلى مدينة للحرب، دمرت كل المكتسبات بدافع الانتقام، ليظهر صالح المخرج والمعد لمعركة إسقاط الجمهورية والثورة، ليقول دفنَّا ثورتهم ومعها مخرجات الحوار الوطني، ويحدد مسارا واحدا للهرب كما كان يقول.

نعم انقلابهم كل ما نعانيه الآن هو سببا لثورتهم المضادة، التي رفضت الانتقال لليمن الاتحادي وسلمت اليمن للميليشيات، بعد أن قال صالح بأحد اجتماعاته مع حزبه، لو أكمل هادي فترته ومسودة الدستور فقرأوا علينا الفاتحة، لقد ظن أن وجود دستور وديموقراطية وانتخابات، هي  نهاية له ولحكمه، لكنه حينما أنهى كل هذه المكتسبات التي أردناها له ولكل أبناء الشعب اليمني، كون وجود الدولة هو أمان للجميع.

بعد أن قضى صالح على كل هذه المكتسبات، وجد نفسه وحيدا بين لدغات الحوثيين، وأصبح صورة بشعة مرسومة على بطانية حمراء، بيد ميلشياته القادمة من خلف الكهوف، التي أراد من خلالها القضاء على ثورة فبراير التي نحتفل بذكراها اليوم، مجددين العهد لشهدائنا ولشبابنا ولشعبنا، أن نضحي بكل ما نملك لتحقيق أهدافها، وها نحن إلى قبل أيام قليلة، نقدم خيرة شباب فبراير من أبناء تعز، دفاعا عن الثورة والجمهورية، من حقد وكهنوت الإمامة التي تنهزم كل يوم عسكريا وأخلاقيا وسياسيا.
 

التعليقات