هذا الموضوع هو عن الإمارات والسعودية وليس عن الرئيس السابق وأسرته.
لكن سأبدأ بالحديث عن رئيس اليمن السابق.
1- لقد قتله عبدالملك الحوثي.
صحيح أن الرئيس السابق صالح، هو من سخر قوته الخشنة والناعمة التي بناها طوال 33 سنة، ليدخل الحوثي إلى صنعاء، انتقاما من صادق الأحمر وعلي محسن وحزب الإصلاح.
الرئيس السابق كان على يقين بأنه لولا هؤلاء، لما تمكن أحد من إزاحته.
كان متيقنا بأن كل الغليان داخل اليمن، غير كاف لإزاحته.
لا السخط الشعبي الجارف ولا الفساد ولا حركة الشباب ولا الإنفجار السكاني ولا الثورة المعلوماتية في الإنترنت ولا القنوات الفضائية ولا انهيار الطبقة المتوسطة ولا انقطاع الكهرباء ولا انعدام الخدمات ولا اضطرار ملايين اليمنيين السفر إلى الخارج للعلاج، كان الزعيم القائد يظنه كافيا لإزاحته.
ولهذا فإن الرئيس السابق أدخل الحوثي إلى صنعاء وهو يظن بأنه سيتخلص منه في الوقت المناسب، تحت دعوى بأن الشعب اليمني، لا يحب المتزمتين الدينيين ولا إقحام الدين في السياسة، وإنه في الوقت المناسب سيكون قادرا على التخلص من الحوثيين وما تبقى من حزب الإصلاح.
هذا ليس تحليلا ولا وجهة نظر.
هذا كلام سمعناه منهم، بعد إنقلاب 21 سبتمبر قبل دخولي السجن وداخل السجن وبعد خروجي من معتقل الحوثي.
وطبعا، كان صالح يظن بأنه سيحصل على جائزة إضافية من السعودية، مقابل تخلصه من أصدقاء إيران في "حدهم" الجنوبي.
السعودية، كانت قد توقفت تماما عن الثقة بصالح، ولكن الإمارات بذلت مساعيها الحميدة حتى وافقت المملكة على إعادة تأهيله.
المملكة وافقت على مضض وطلبت أن يقدم صالح الدليل.
فبذل صالح كل جهده لتقديم الدليل في أغسطس وديسمبر 2017.
2- قرر الحوثي الأمر بقتل صالح، عندما حشد صالح جماهيره الغفيرة التي ابهرت دول الخليج، في ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي، في أغسطس 2017.
وانتظر الفرصة حتى 4 ديسمبر 2017 وقتله ولفه ببطانية حمراء ووضعة في ثلاجة.
وفي 26 مارس 2018، حشد عبدالملك الحوثي نفس الجماهير الغفيرة التي سبق وأن حشدها في ميدان السبعين، ولكن هذه المرة تأزمت وتكربت السعودية والإمارات من نفس هذه الحشود التي سبق وأن أبهرهم بها صالح.
وكان الحوثي، قد أطلق سبعة صواريخ، في الليلة السابقة بإتجاه المملكة.
ولم يسمح الحوثي بدفن رئيس اليمن السابق صالح.
الحوثي، لم ينس ولو للحظة أن صالح كان قد قتل أخيه الأكبر حسين صاحب "الملازم" والمنظر للحوثية.
ولم ينس الحوثي أن حسين ظل بلا قبر معروف في صنعاء، حتى قام هو بغزوها ونقل رفاته إلى صعدة تحت ضريح مطرز على الطريقة الفارسية وتصطف الطوابير الطويلة أمامه لقراءة الفاتحة، حتى جاءت طيارات السعودية وقصفت القبة والضريح والرفات.
3- الإمارات، مصممة على الدفع بأسرة الرئيس السابق صالح إلى احتلال مركز في صدارة القوى اليمنية السياسية والعسكرية، كنوع من خلق توازن ضد الإصلاح، وليس لأنهم قوة مؤثرة بين القوى التي تناوئ الحوثي.
بالرغم من أنهم لم يعودوا قوة مؤثرة لا داخل صنعاء ولا بين القبائل التي آخاها وحالفها حول صنعاء.
ولا يوجد لأسرة صالح أي نفوذ ولا حتى قبول في أي مكان من اليمن.
ما يبدو بأنه قوى مؤتمرية هنا وهناك، ما هم في الحقيقة إلا وجاهات محلية من قبل أن يتواجد صالح أو شخصيات بنت لها إسما بفضل دعم صالح وصارت من الوجاهات المحلية.
4- هل يريد أفراد أسرة الرئيس السابق فعلا القيام بهذا الدور، أم أنهم يودون لو يهدؤون ويلعقون جراحهم بصمت، ويخرجون من تبقى من أهلهم أسرى أو مساجين أو رهائن عند الحوثي.
ألا يريدون أن يبدؤوا حياة جديدة ويهدؤوا ويعلموا أولادهم ويبنون لهم مستقبلا في بلاد الله الواسعة، بعيدا عن محاولات الثأر والإنتقام.
5- كيف يمكن إقناع أشقاءنا في السعودية والإمارات بأن طريقة استعمال الناس والقوى ككروت والمفاتنة بين اليمنيين ليست أحسن طريقة لمساعدتهم.
كيف يمكن إقناع السعودية والإمارات بأنه بالتأكيد هناك طرقا أفضل لمساعدة اليمنيين والحفاظ على بلادهم.
كيف يمكن إقناع السعودية والإمارات بأن سرعة تخليص اليمنيين من قبضة الحوثي هي في متناول اليد إن تم إقناعهم بأن التحالف مع سيادة القانون ومع الدولة المدنية ومع مخرجات الحوار الوطني؟
كيف يمكن إقناع السعودية والإمارات بأن استمرار تدمير اليمن هكذا سيسجله التاريخ على أنه يحدث بسببهما؟
كيف يمكن إقناع السعودية والإمارات بأننا لا نشكل ولن نشكل خطرا عليهما؟
بالعكس هم من يشكل الخطر علينا، الآن.
كيف يمكن إقناع السعودية والإمارات بضرورة تغيير المسار بحبث لا يشكل أحدا خطرا على أحد؟