الحرب اليمنية.. بين متاهات السياسة وإضعاف الشرعية
الثلاثاء, 01 مايو, 2018 - 08:43 مساءً

أصبحت عمليات التحالف تصيب المواطنين المدنيين بصوره متكررة ،ولم تعد الضربات الجوية للتحالف تفرق بين المدنيين والأهداف العسكرية لقوى الانقلاب الحوثي، كما أضحت العروض العسكرية للحوثيين  ، واحتفالات تخرج دفع جديدة من مختلف الكليات العسكرية تتم في وضح النهار في الميادين العامة وجبهات القتال بدون استهداف طائرات التحالف لكثير منها أمر مألوف ولافت للإنتباه.
 
مجرد تساؤولا عن  الاهداف الاستراتيجية العسكرية لقوات التحالف في اليمن ، هل تهدف لإعادة الشرعية والتخلص من الفكر الامامي البغيض أو تحرير اليمن ومن ثم المنطقة من المد الإيراني الجارف لكل المشاريع الوطنية والقومية للعرب ، وما مدى السكوت على تجويع اليمنيين وتدمير بلدهم ..
 
 ان السكوت على هذه الجرائم التي ترتكب في حق أبناء اليمن بشكل يومي ومرورها بدون محاسبه، وبسكوت مريب يرتقي الى مستوى رضى قيادات دول التحالف ، وقيادة الشرعية ، وقد يُفهم  منها توريط حكومة الشرعية، وتشويه صورة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ،وتوريط الأحزاب  والشخصيات الوطنية التي انحازت للوطن وظنت أننا وأخواننا في الخليج على سفينة واحده لمواجهة الخطر الإيراني على المنطقة.
 
تدور في الاذهان اسئلة كثيرة بسبب تناقض الاهداف المعلنة من عاصفة الحزم ثم الأمل مع الواقع المرير اليوم وضبابية الرؤية للعملية السياسية في المدى المنظور خاصة بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من انطلاق عاصفة الحزم  والتكلفة البشرية والمادية الباهظة المصاحبة لها، بل إن البعض ذهب إلى حد اتهام  التحالف بتوظيف انقلاب الحوثي بهدف تحقيق مكاسب اقتصاديه من خلال الاستحواذ على الجزر والمواني الاستراتيجية ، وخلط الأوراق ليفقد المواطن اليمني ثقته بقيادته الشرعية وجيشها الوطني ومساواتها في مساوئها بالحوثي في جرائمه وسفكه للدماء وتدميره لبنية البلد ، ومن ثم إحداث مزيد من الجدل والإنقسام وبما يؤدي إلى التسليم بتسوية سياسيه تُدخل اليمن في صراع داخلي مرير لا يبقى ولا يذر يخرج منه اليمن ضعيفا، منقسما ، ومدمرا أرضا وانسانا.
 
من الواضح أن التحالف لايثق في القوى الوطنية والتي تسعى إلى استعادة اليمنيين لقرارهم السياسي مستقلا عن أي وصاية خارجية وعلى رأسها الإصلاح والاشتراكي والناصري وغيرهم  ،لكن هل يرضى التحالف  بيمن مقزم وشعب محبط وإمكانات مدمره ومواقع ومواني استراتيجية محكومة بعقود تصب في مصلحة دور الجوار ، وهل يريدون يمننا تابعا لا يمننا شريكا وعامل من عوامل قوة المنطقة.
 
يرى الكثير من اليمنيين أن التحالف تأسس لمواجهة الخطر الإيراني ، وأن خطر الحوثيين والمشروع الإمامي أولى بالمواجهة وان غض الطرف عن مايقوم به التحالف ادعى للحكمة. وهذا برأيي رأي العجائز والعاجزين عن الخروج من الدائرة الضيقة في التفكير والفاقدين الثقة في أنفسهم وفي شعبهم، ونسي هولاء الثقة في الله سبحانه وبأن لدينا جيش وطني ومقاومة شعبيه تواقه لتحرير البلاد وقادرة على تطهيرها واستعادة دولتنا المنشودة، وجدير بالذكر ان التحالف قد ساهم بشكل كبير في إعادة تأهيل الجيش الوطني والمقاومة الشعبيه ونشكرهم على ذلك ، وهم يدركون أن اليمن يمثل خاصرة الخليج وأمن اليمن من أمنهم.
 
الحل يبدأ من اليمنيين أنفسهم ، فتحرير البلاد هو بيد اليمنيين أنفسهم وعليهم النظر إلى جيرانهم على أنهم عامل مساعد ، وأن ننتظر من الأجنبي أن يحرر لنا وطننا لندخله كما فعل بنو إسرائيل مع موسى فسوف نحكم على أنفسنا بالتشرد لعقود كما حصل لبني إسرائيل .
 
كما أن  تسليم أمر إنعتاق البلد من الوحل الذي وصل إليه بفعل الانقلاب وإضعاف السلطة الشرعية ، إلى قوى غير يمنيه سوا كانت شقيقه  أو صديقه ماهو إلا ضرب من الخيال، ومقامره خاسره وكما قال الشاعر:
 
 ومن يجعل الضرغام بازا لصيده **  تصيده الضرغام فيما تصيدا.
 
ومن عوامل الضعيف في المشهد اليمني هو الفعل السياسي  الغائب ، ويمثل الأساس التي تعمل عليه بقية الأطراف أو القوى المواجهة للمشروع الامامي، هذا العامل لابد من تفعيله وعدم الإتكال على القيادة الموجودة في الرياض والتي إما رهن إلاقامة الجبرية أو ركنت إلى الراحه في قصور الرياض ايا كان فالأمر سيان ،  وتقاوم أو تدير عمليه تحرير البلد بعقلية المرفه داخل أروقة القصور.
 
على القوى الوطنيه اليمنيه والأحزاب السياسيه أن تعيد بناء علاقاتها ببعض وان تعيد بناء التكتل السياسي لأحزاب المشترك ، و أن تبعث فيه الروح من جديد،  وتنسق مواقفها وجدير بها في هذه المرحله ان تبتعد عن الحسابات الضيقه والمماحكات السياسيه ،وتعمل على إيجاد إصطفاف سياسي وطني وشعبي واسع .
 
لقد مثّل إنفراط عقد اللقاء المشترك بمجرد الخلاص من نظام علي صالح خطاءً فادحا، ولهذا فإن إعادة إحياء تكتل المشترك وإستعاضة قوى سياسيه بديله عن المكونات الاماميه التي أنحازت لمشروعها البغيض في اليمن يمثل حجر الزاويه في تفعيل العمليه السياسيه بما يخدم المشروع الوطني.
 
إن إنقاذ اليمن اليوم  أولى من أي وقت مضى بإعادة صيغة سياسيه جامعه لمواجهة التحديات الحاليه، ومواجهة المشروع الامامي بجبهة عريضة وطنيه مستقله بعيده عن الوصاية السعوديه والاماراتيه ، والتنديد بأعمال التحالف بما أمكن وإعادة بناء العلاقات مع دول التحالف بشكل ندي وبما يخدم الأهداف العليا لليمن والمنطقة بشكل عام .
 
 

التعليقات