في مثل هذا اليوم قبل عام بالكمال والتمام وعناصر المؤتمر تردد شعار نازل ، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
فنزلوا نزلة لا طلعة بعدها، فبدأت بعد ساعات من الحشد الكبير الذي اعد له ومن يومها لم تقم للمؤتمر قائمة انتهت بمصرع الزعيم على يد حليفه في الانقلاب، والاهم لقى الزعيم ربه والسعودية راضية عنه فلم يعد الإقليم العدوان التي طالما رددها إعلام المؤتمر والحوثي منذ ذلك اليوم بدء المؤتمر واقصد دائما جناح الزعيم وهو التنظيم الفعلي الذي مرتبط به الإله الإعلامية وكذا المؤسسة العسكرية التي استمرت تستند اليه سوا في الحرس الجمهوري او غيره.
عندما يكون الحزب أهم من الوطن ورئيس الحزب أهم من الحزب ، فاقرأ على اليمن السلام ، وقس على ذلك بقية الأحزاب التي اصلا يفترض أنها وسيلة ديموقراطية لتحقيق برامج يقتنع به جمهورها، بينما الاحزاب في اليمنية ولاسيما المؤثرة غدت مختطفة.
ومن ألطاف الله أن الحوثي قضى على الزعيم، وليس العكس، فلو حدث أن قضى الزعيم على الحوثي سيعتقد البعض ان اليمن سينجو من الحوثي لكن في المقابل ستزداد قبضة الزعيم وأولاده إلى يوم الدين ، وسيعتبرونه بطل قومي ، مع انه هو من أتى بميلشيا الحوثي ومن فرخ الأحزاب.
واليوم يفرخونه، وبقدرة قادر المؤتمر اليوم تقسم بين مؤتمر الداخل والخارج ، والقواعد وجمهوره الكبير بالطبع في الداخل وهم إما تحت القمع كبقية الاحزاب المناهضة للانقلاب او متماهية معه، فسياسة الترغيب والترهيب التي كانت زمن سلطة المؤتمر وصالح الآن تمارس بطريقة ابشع من قبل الحوثي.
مع أن ميلشيا الحوثي لازالت بمسمى ميلشيا ولم ترقى حتى لمسمى حزب مع ان الحزب هو الآخر ليس مقدس فاحزاب السلطة في العالم الثالث تنتهي مع مؤسسيها كالحزب الوطني في مصر على سبيل المثال.
إجمالاً اليمنيون لا يبحثون عن ماوراء الأسباب ،في تفاصيل تعثر الانظمة الحاكمة والاحزاب والنخب ، فالحوثي لم يأتي من الفضاء، هو بداهة صنيعة الدولة العميقة وكل الأحزاب بما فيها الإصلاح ايضاً.
وظيفة الحزب الأخلاقية وسيلة ديمقراطية أقرها دستور الوحدة ، فلم نحس بجوهر وروح "الديمقراطية" التي غدت قميص عثمان
وهو الأمر نفسه لمفردة الجمهورية وفصل السلطات ودولة النظام والقانون والدولة المدنية كلها مفردات مجردة من معانيها وحق اريد به باطل.
فالديمقراطية كما في كثير من جمهوريات العسكر العربية هي ديمقراطية الحاكم، على سبيل المثال مسرحية ترشيح منافس للرئيس السابق مثل شخصية ابن شملان ، انكشف امرها ولم يحظر ابن شملان حفل اعلان فوز صالح لأنه كان يدرك بأنه اريد منه ان يكون مجرد كمبارس للزعيم الأوحد.
عندما نتكلم عن الجمهورية الثانية التي نلج اليها ، لم نشعر بالجمهورية الأولى ولم نعيشها حتى نتطلع لجمهوية ثانية !.
خلال أكثر من نصف قرن واليمنيون يزحفون في الرمال المتحركة.
فشل النُخب الحاكمة لليمن بين عصرين ملكي وجمهوري كان السمة المشتركة للفترتين ، وحتى تداعيات الربيع العربي أتت في حالة ضعف وتقهقر لمقومات الدولة، فاليمن السعيد يُراد له أن ينخرط في لعبة الأمم منذ الستينيات، وتكالب عليه القريب والبعيد كما تتكالب الأكلة على قصعتها، ويغدو أفغانستان الجزيرة العربية، فقد صور الرئيس السابق اليمن كبؤرة إرهاب كي يضمن دعم دولي أكثر وديمومة لحكمه ولم يدرك خطورة ذلك على مستقبل اليمن بحيث كانت نظرة العالم الآخر لليمن من زاوية أمنية لا تنموية، واليمنيون اليوم يدفعون ثمن ذلك السلوك الخاطئ طيلة فترة الأربعة عقود الماضية.
قذفت الأقدار بالرئيس هادي لسدة الحكم بتواطؤ الدولة العميقة وإصرار من صالح الذي وصفه باليد الأمنية لغاية وغرض في نفسه واعتباره مجرد محللو كان مطلوب من هادي أن يقوم بدور المحلل السياسي لكن الأقدار مشت بما لا تشتهيه الدولة العميقة.
كل عذاب وإحباطات السبع سنوات أو يزيد هي من أجل "رئيس من بعدي اسمه أحمد" ! وما الحوثي وهادي والتحالف إلا تحصيل حاصل ونتيجة وليس سبب. حتى الوحدة وأدت بيد صانعيها ليس علي سالم البيض لان كلا طرفي الوحدة كان لهما اجندتهم الشخصية وليس من اجل الوطن.
البعض يريد تدوير الدولة العميقة بمساعدة الإقليم "وكأنك يابو زيد ما غزيت" فاليمن ليس حقل تجارب وليس احدى جمهويات الموز يمنح وصفه سياسية لمن يحكمه.
يكفي تخبط اربعة عقود شهد اليمن خلالها أكثر من عشرة حروب.
لن يفرض احد على اليمن نظام سياسي معين او قائد معين مالم تفرز المرحلة قيادة جديدة ستفرض نفسها فلا بديل مناسب للحوثي إلا تيار وطني نظيف يولد من رحم المعاناة وليس إعادة تدوير الدولة العميقة وتدوير الفساد سلمياً عبر تقاسم تحت عنوان التوافق وهذا بداهة لن يتحقق فتجريب المجرب ضربا من الحماقة.
. متى يتعظ اليمنيون من إخفاقاتهم المتكررة ، ، صالح الذي كان يردد أن حكم بيت حميد الدين اعتى حكم كهنوتي هو صحيح أريد به باطل، فتلك مرحلة كان لها ظروفها، ولكن عهد صالح ثلث قرن عمليا وفعليا أربعون عاما تقريبا من عمر اليمن أضاع اليمن، ويكون هنا أكثر حاكم يمني اتيحت له فرصة بناء اليمن في العهد الجمهوري، وهو من ابتدع طائرة بدون طيار ( اتت من السماء شو نعمل لها).
هو من فرط بالسيادة، ومنح السعودية جيزان وعسير باتفاق سري وعلني ، منها دعمه ودعم ابنه، ولهذا منح الحصانة لمن لا يملك ممن لا يستحق. هو من عبث باليمن، وافقر الشعب، وصور اليمن لدى الإقليم والعالم من منظور أمني ليحظى بمساعدات ولم تدرك النخب الحاكمة مغبة ذلك الا اليوم بعد اربعة عقود من الفشل نجني ثمار سياستنا الخارجية الفاشلة، حكم العسكر المتحالف مع القبيلة كان الطامة الكبرى ، وتحالفه مع الإسلام السياسي بشقيه تارة مع هذا وتارة مع ذاك وتارة ينقلب على حليفه في الانقلاب.
متى يتيقن الرأي العام بأن مرحلة صالح كان كارثة على اليمن ، وبأن صفحته قد طويت.
اليمنيون اليوم امام حوثنة الدولة في كل مفاصلها الجيش والأمن والقضاء والاعلام والتربية، وازاحته يتطلب وقتا وجهدا غير عادي
ورغم هذا فالحوثي زائل لامحالة ، لكن يجب ان يدرك الجميع بأن صالح هو من ادخل الإمامة للقصر الجمهوري بدبابات الحرس الجمهوري، وإذا هناك كان تواطؤ المرحلة الانتقالية برئاسة هادي.
المؤتمر هو لولب ومعضلة الدولة العميقة في عهد الرئيس السابق او خلال الفترة الانتقالية التي تأمر عليها او حتى بعد مماته باعتباره ظل مسمار جحا في الفترة الانتقالية المفترضة التي وأدت ونتجت سقوط صنعاء ومن ثم هذه الحرب.
لان الدولة العميقة التي من ضمنها هادي هي التي تحكم لليوم، نحن شعب نستحق كل ما حدث، ويحدث للتصفيق للجلاد وكلما نكل بنا يزداد حباً.
رغم هذا فنحن اليوم امام امر واقع بالنسبة لشرعية هادي فلا مناص من الخروج عليه فإذا كان لدينا اليوم مرجعيات ثلاث وطنية وإقليمية ودولية فغدا سنتحكم لشريعة الغاب.
الشرعية اليمنية تظل شرعية بغض النظر عن إخفاقها وفشلها وتراجع الشعبية وحنق اليمنيين من اداء " الشرعية المفترضة" والذي هو نتيجة تخاذل التحالف ورغم ذلك تضل شرعية وهذا مصدر قوتها ، في حين ان الانقلاب أيضا يظل انقلابا وسيتوارى حتماً مهما حصد فوائد إخفاق الشرعية ومن ورائها التحالف فهو نصر آني مرحلي والعبرة بنتائج الأمور ، لا نهاية مرضية للشعب اليمني إلا بإزالة مسببات الحرب وبداهة فإن اغتصاب السلطة ينبغي أن ينتهي ، سواء عبر مفاوضات او بالحسم العسكري ، فلا يعقل أن نصوم الدهر ونفطر ببصلة.
وفي الاخير لن يصح إلا الصحيح.
* كاتب وسفير في الخارجية