في الأيام القليلة الماضية تحدثت وسائل الإعلام المحلية والدولية كثيراً عن السلام اليمني ، وعن مشاورات جنيف ، وبدأ الجميع يستعد لما بعد جنيف 3 ، وبدأ تجار الحروب والصراعات يُفكرون ملياً بمقدار نصيبهم من الكعكة بعد جنيف ، وأخذ الهوس الكثير من الفرقاء السياسيين ليتساءل عن موقعه ومنصبه بعد جنيف ، فجميع هؤلاء ينتظرون الفرص وينتقلون من سفينة لأخرى ومن اتجاه لاتجاه آخر.
وخلف الكواليس هنالك شعبٌ أثقل كاهله الفقر والجوع ، هنالك العشرات من الملايين لم ولن تأبه لحوارات جنيف أو ماسوى جنيف من النقاشات والحوارات الأخرى ، فكل اهتمام هؤلاء يتلخص في أدنى المعايير المفترض أن تكون لأي إنسان على الإطلاق ، يريدون العيش بكرامة فحسب!
يعيش الملايين من اليمنين في وقتنا الحالي وهدفهم الوحيد هو ان يصلوا لأدنى معيار من معايير الإنسانية أن يعيشوا بكرامة!
وأقصد بالتحديد أن يعيش هؤلاء ولديهم ما يشبع جوعهم ويحفظ أسرهم فأغلب اليمنيين اليوم تحت خط الفقر والكثير منهم عالة على المنظمات الأجنبية وما تقدمه من مساعدات ، الملايين من اليمنيين اليوم يتجرعن السموم في أغذيتهم ، بل ويتناولونها على شكل ادوية ، فغالبية الأغذية والأدوية في السوق اليمني إما مهربة أو فاسدة!!
يعيش الشعب في أزمات متلاحقة ودون انتهاء إضافة إلى حروب وصراعات دامية كانت ولا زالت السبب الرئيس في كل الأزمات والكوارث والتي آخرها الإنهيار الاقتصادي وجنون الأسعار ، وطرفا الصراع ليسوا مستعدين بعد لقبول نصيبهم في الكعكة ما بعد جنيف!!
فكلا الطرفين يريد النصيب الأكبر في الكعكة التي تنهش أنيابهم فيها كل يوم ، متناسين أن أنيابهم وأياديهم تفسدها ، لكنهم لا يأبهون فأبعد ما يمكن ان يتخيله أحد هؤلاء هو الفرار لدولة أخرى باسم لاجئ أو مستثمر ، حتى لو مات كافة أبناء الوطن من المعاناة.
والخلاصة أن السلام لا يزال بعيداً لطالما لم توجد الإرادة الحقيقية لتحقيق السلام ، وطالما ان المتفاوضين من أجل السلام غير معنيين به أصلاً ، ولن يتحقق السلام إلا عندما يكون المتضررين من الحروب والصراعات هم من يملكون إقرار السلم أو وقف الصراع ، وفي النهاية لا بد أن تتوقف الحرب يوماً وتنتهي الصراعات ولكن التكلفة ستكون كبيرةً جداً وثقيلة على الجميع.