في الذكرى ال28 لانتقال الإصلاح من جماعة إلى حزب:
كل عام وأعضاء الحزب بخير.
أضاف الحزب الكثير من الدينامية إلى الحياة في بلادنا، من السياسة إلى الحروب، من الصحافة إلى الخوف، ومن الثورة إلى الهزيمة. كان الحزب حاضراً ومساهماً ببسالة: في النصر والهزيمة، في الحرب والسياسة، في المكائد والحوارات. وكان يضع السلالم ليصعد عليها شعبه، وأحياناً الحفر والفخاخ. تحرك كثيراً، وترك ما يدل عليه. وفي أحيان كثيرة يبدو وكأنه لم يتعلم شيئا، أو كما لو أنه قط لن يتعلم شيئاً. ساهم في إنقاذ السياسة من خلال اللقاء المشترك، وفي تدمير السياسة من خلافه تحالفاته مع صالح، ساهم في الحركة الوطنية، والثورة الأخيرة، لكنه توغل في الثورة حتى بدت واحدة من دوائر الحزب الداخلية..
يعاني الحزب من مرضين مزمنيين يفتكان به على مهل:
1. الذين يعرفون لا يتحدثون، الذين لا يعرفون يتحدثون
2. الديموقراطية الموجهة، أو النسخة الروسية من الديموقراطية. فهو يجري كارن?الات ديموقراطية كل بضعة سنين، تمر العملية الديموقراطية خلال سكة موجهة ومدروسة بحيث تفضي إلى نتيجة محددة سلفاً. فقد مضى أكثر من ثلث قرن على وصول قيادة الحزب الراهنة إلى واجهة الجماعة ثم الحزب. تضمن الديموقراطية الموجهة بقاء كل شيء على حاله، وتمنح القيادة غطاء أخلاقياً لحديثها عن الديموقراطية وتبادل السلطات. إنها واحدة من الخدع التي يمارسها الإصلاح ضد نفسه. وقبل أعوام أخبرني أحد القادة متفاخراً: أنا صاحب إدخال تعديلات في النظام الداخلي للحد من صعود الشباب المتهور. فربما تفلت اللعبة الانتخابية "الداخلية" من يدنا ويصعد شاب يجازف بمكتسبات الحزب وتقاليده.
وهناك مرض ثالث لكنه أقل خطراً:
أن يعيش الحزب الذي على هيئة "مسب بن علوان".. على طريقة المجذوب الذي يضع في صرته كل ما وقع في يده من مؤنة ومعونة. فهناك الحزمي الجهادي، وأنعم كاتب قصيدة النثر، هناك ع. العديني الديموقراطي والعديني الطالباني، هناك البكيري المثقف المنادي بالدولة القطرية الحرة، واليدومي المتأله الحالم بأستاذية العالم، هناك الإعلاميون الميلينيالس من هواة الحرية والمجتمعات المفتوحة وفي مقابلهم الإصلاحيون الأكاديميون أعضاء التدريس في الجامعات بآلياتهم الذهنية القروسطية.. ثمة الزنداني والبكيري، .. المسافة بين الرجلين هي المسافة بين القرن الأول الهجري والقرن الواحد والعشرين.
يصر الإصلاح على القول إنه قادر على المضي قدماً وهو ينادي: سمك، لبن، تمر هندي.. أو: أنا مسب ابن علوان .. جئت.
في العام 2015 التقت قيادات أمنية سعودية رفيعة بقيادات حزب الإصلاح في السعودية. بعد اللقاء قال أحد مسؤولي جهاز الاستخبارات السعودية للوسيط الذي اقترح اللقاء إن غموض الإصلاحيين أقلقه وأنه أحس بأنه خضع لاستجواب لا أكثر. وقبل عام
التقت القيادة نفسها بمحمد بن سلمان. كان الشاب المتسرع بشوشاً حتى إنه قال للآنسي "اعتبرني واحداً من شبابكم، وقل لي ماذا تريدون". أما اليدومي فأخرج من جيبه ورقة وقام يقرأ محتواها، وفي النهاية لم يفهم بن سلمان شيئاً. كانت الكلمة تشبه ما يكتبه اليدومي عندما يقول: "يعتلي سارية الانعتاق أو يتنكب مواكب الموج في أهبة الدجى والانشقاق". هذه ليست مزحة، فاليدومي هو الحفرة التي تضيع فيها كل مجهودات شباب الحزب، هو ثقب الحزب الأسود. وهو، مع فريقه من هواة ألعاب العمر المتقدم، يهدرون الفرص ويبددون التراكم وما إن تقع أفضل الكلمات في أيديهم، كالديموقراطية والسياسة، حتى تفقد جاذبيتها وتمتلئ بالضباب والوحشة.
أحسن الحزب كثيراً، ولأسباب كامنة في بنيته لا يتذكر إحسانه أحد
وضل كثيراً، وذلك ما سيتذكره الناس إلى الأبد
وهو بحاجة إلى إصلاح نفسه قبل أن ينبس ببنت شفه عن إصلاح بلده أو العالم.
كل عام وأنتم بخير
أيها الإصلاحيون
*من حائط الكاتب على فيسبوك