اليوم، يعاني الشعب اليمني من تصرفات الغرباء. لقد حولت القوى الإقليمية البلاد إلى ساحة لصراعات بالوكالة لا علاقة لها بالمصالح الفعلية للأمة اليمنية. لقد دمرت أجزاء كبيرة من البلاد، بما في ذلك الكثير من بنيتها التحتية الحيوية. الملايين مهددون بالمجاعة والمرض. لقد ترك القتال عشرات الآلاف ما بين قتيل أو جريح.
هذه المأساة الفظيعة لم يكن عليها أن تحدث. في مارس 2015، قررت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحلفائها الإقليميين والدوليين )بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة( التدخل عسكريًا في اليمن. كانوا يستجيبون لإنقلاب 2014 الذي قامت به الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، والتي أطاحت بالحكومة الإنتقالية التي تمت الموافقة عليها دوليًا والمشروعة ديمقراطياً.
أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع سيطرة الحوثيين على السلطة، كما هو موضح في القرارين )2201 و 2216( الذي أقره لاحقاً. القرار رقم 2216 سمح للتحالف العربي بتفتيش السفن المتجهة إلى اليمن والاستيلاء على أي شحنات أسلحة تم اكتشافها.
ومنذ ذلك الحين، قام أعضاء التحالف بتوسيع مشاركتهم العسكرية إلى ما هو أبعد من هذه الولاية الأصلية. واستغلوا سيطرتهم على الجو، وقاموا بغارات جوية ألحقت أضراراً واسعة النطاق وقتلوا عدداً لا يحصى من المدنيين. فبدلاً من إعادة تأسيس جيش يمني موحد تحت قيادة وطنية، شكلوا ميليشيات موالية لحكوماتهم في المناطق المحررة من الحوثيين، متجنبين تماماً الحكومة الشرعية التي يدعون أنهم شنوا هذه الحرب لأجلها. رغم أن حوالي 80 بالمائة من الأراضي اليمنية خالية الآن من السيطرة الحوثية، إلا أن الرئيس عبد ربه منصور هادي لا يزال خارج البلاد. أمضى معظم السنوات الأربع الماضية في الرياض، حيث يتم احتجازه في ظل ظروف تقترب من الإقامة الجبرية. لم يُسمح له بالعودة إلى المناطق التي أعادها التحالف.
منذ أن بدأت هذه الحرب عديمة الفائدة والكارثية في عام 2014، لم يزعج أي من مجلس الأمن ولا مناصري التحالف الغربيين التساؤل حول منطق الصراع. لماذا رفض السعوديون وحلفاؤهم السماح للحكومة الشرعية بالعودة إلى الأراضي المحررة؟ لماذا كل هذه المذابح ضد المدنيين في الأسواق ومخيمات اللاجئين والمستشفيات وفي مراسم الجنازة وفي المدارس والأحياء المدنية؟ لماذا كانت البلاد تحت الحصار الجوي والبرّي والبحري طوال هذا الوقت؟ لماذا سمحت السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما اثنتان من أغنى الدول في العالم، بالاستمرار في هذه الأزمة الإنسانية؟
منعت المملكة العربية السعودية اليمنيين من مغادرة اليمن أو دخوله. بدلاً من استقبال اليمنيين ومعاملتهم بشكل جيد، قامت بترحيل عشرات الآلاف من العمال ورجال الأعمال الذين تضرر بسببهم ملايين آخرين.
من الصعب الفرار من المقارنة بين الملاحقة السعودية الوحشية للحرب في اليمن ومقتلهم المروع للصحافي جمال خاشقجي. النظام السعودي يرتكب جرائمه بوقاحة استثنائية، ثم يفعل كل ما بوسعه لتفادي المسؤولية. عندما يحاسب القادة السعوديون، يلقون باللوم على كبش الفداء بعيداً عن أولئك الذين يتحملون المسؤولية الحقيقية.
رغم كل رعبها، فإن مقتل خاشقجي شجع على الأقل وعيًا عالميًا جديدًا على طبيعة النظام السعودي، وجدد الإهتمام بالحرب المنسية في بلدي. الآن هناك سبب حقيقي للأمل في أن هذه الصحوة، رغم أنها جاءت متأخرة جداً، ستخلق زخماً جديداً لإنهاء الحرب وإعادة اليمنيين إلى العملية السياسية. في هذا الأسبوع، كانت هناك دلائل على أن الأطراف المتحاربة على استعداد للنظر في جولة جديدة من المحادثات.
الطريق لإنهاء الحرب واضح. أولاً، يتعين على الولايات المتحدة ودول أخرى وقف صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يجب أن يصدر مجلس الأمن قراراً يطالب بإنهاء الحرب فوراً وإجبار السعوديين والإماراتيين على الإنسحاب من اليمن. يجب أن ترعى الأمم المتحدة عملية سياسية تبدأ بإلزام جميع أطراف الصراع بنزع سلاح ميليشياتها.
هذا سيسمح لليمن باستئناف العملية السياسية التي تعطلت بسبب الإنقلاب. يجب أن تشرف الأمم المتحدة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بتنظيم استفتاء حول مسودة الدستور والإعداد لإنتخابات جديدة. من الأهمية بمكان إنشاء لجنة المصالحة الوطنية المسؤولة عن توفير الانصاف لضحايا الحرب. يجب محاسبة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتعويض اليمن عن الأضرار التي تسببت بها.
السعوديون والإمارات وحلفاؤهم ليسوا وحدهم المسؤولون عن المأساة في اليمن. كما يجب إجبار الحوثيين على إيقاف سلوكهم التدميري. يجب منعهم من تلقي أي أسلحة أو دعم آخر من إيران. إنهم مجموعة متطرفة معادية بشدة للقيم المدنية، وقد ارتكبوا انتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان وجرائم. إنهم يؤمنون بإيديولوجية ثيوقراطية تمنحهم حقًا إلهيًا وحصريًا في الحكم.
يجب إخبار السعودية والإمارات والحوثيين بصوت واحد: كفى.
*المقال نشر في الواشنطن بوست وترجمه "الموقع بوست"