في حال حققت هذه المشاورات ولو نصف المتوقع في الجانب الإنساني من ( قضية الأسرى والمختطفين قسرا ، وتسهيل إدخال ومرور المساعدات ، والبنك المركزي وقضية المرتبات وميناء الحديدة ومطار صنعاء) فلو تحقق حتى جزاء من هذه المفردات فسيكون نجاح نسبي وقد يفضي لتشاور آخر ومارثون المفاوضات لكن لا نفترض حسن النية من الجانب الانقلابي فقد يستمر التفاوض سنة وربما أكثر كما حدث في الحالة السورية أكثر من تفاوض في أستانة وجنيف عدة مرات والرياض والقاهرة وسواهما .
فركود الجبهات لأربع سنين لاعتبارات سياسية وليس لخلل في القوة هو المعرقل لقضية الحسم فقد اختلط دور التحالف بتماهى الخذلان مع العجز وحالة التأمر للأسف . وهو ما اعطى للحوثي منطق واقعي عقلاني يخاطب به الجماهير فعدن بعد أكثر من ثلاث سنوات من التحرير لم تكن نموذج يقتدى وهو الامر نفسه لمدن الساحل الغربي بدأ من المخاء ولهذا فلسان حال الشارع في صنعاء والمناطق الخاضعة للاحتلال الداخلي " الوطني" يقول الحوثي اهون الشرين !
بسبب تداعيات قضية خاشقجي وضعف موقف التحالف فقد كان ذلك في مصلحة الطرف الانقلابي الذي يهرول ويلح بضرورة حل سياسي يسبق تسليم السلاح
ولهذا يخشى ان يكون وضع اليمن في السنة الخامسة للحرب في موقف المنزلة بين المنزلتين أي فترة اللاحرب واللاسلم . نضل نراوح ونلهث وراء سراب اسمه"السلام " ومفردة السلام تطرب الكثيرون فلا احد يتمنى الحرب او استمرارها ولكن سلام بأي ثمن ثمنة باهض ومكلف فعلى اليمنيين ان يتعظوا من تاريخهم القريب في المصالحة مع الجانب الملكي وتغلغلوا لحين أعادوا الإمامة ودخلوا القصر الجمهوري بدبابات الحرس الجمهوري نفسه .
إجمالا العام المقبل سيكون منعطفا ام تهيئة لحرب أهلية في حال انتهت الحرب بشكلها الحالي وتواري مفردة ( العدوان) لكن حتما بأن حرب ستلد أخرى لكن المرة القادمة ستكون طويلة وبدون مفردة ( العدوان) وهذا أفضل لليمن حتى لا يكون مسوغ لكلا من التحالف والحوثي للتنكيل باليمن فكلا يتذرع بالأخر وسوا تم اتفاق شكلي على الورق لتقاسم السلطة تحت عنوان " التوافق" او بدونة فالحرب قادمة لا محالة فبداهة فاليمنيين لن يصبروا دهرا فليفطروا ببصلة بأتفاق هش يبقي ميلشيا الحوثي ليس الثلث المعطل بل الكل المعطل في شكل ديكور ديموقراطي مشاركة شكلية لقوى سياسية آخرى من ضمنها مسؤلي الشرعية الذين سيكونوا طعماً لاي اتفاق لتبداء حركة تصفيات لن تكون فقط من ميلشيا الحوثي التي تمتلك كل مقدرات الدولة بل ربما من عناصر منفلتة تستغل نقمة وغضب الشارع من سبع سنوات عجاف لينتهي الأمر بهذا الحال !
وكأن خطاب وفد الحوثي في مشاورات السويد تتضمن الحقائق التالية :
:بالغلبة فرضنا شروطنا لهذا اللقاء التشاوري فقد غدا لدينا مقدرات الدولة اليمنية عسكريا وماليا ولو جستياً وفرضنا أمرا واقعا !
فحوثنة الدولة جاري على قدم وساق في الجيش والأمن والمخابرات والقضاء والعبرة بواقع الحال لدينا مقدرات الدولة ويبقى شرعنة الانقلاب ولذا أولوياتنا هي حتمية مرحلة انتقالية تطوي المرجعيات الثلاث وتؤسس لنظام جديد وفق رؤيتنا من اول تفاوض يشارك فيه جميع الأحزاب والمكونات السياسية بغض النظر إننا لسنا حزب ولم نصل بصورة ديمقراطية لكنها "الشرعية" الثورية التي انطلقنا منها وهي بداهة شرعية الغازي الإقليمي عربا كانوا او عجم ممن سهلوا بتواطئ يمني واقليمي واضح للعيان .
التظاهرات التي قامت بسبب جرعة ارتفاع أسعار الوقود قد أنتجت أسعار مضاعفة ليس في الوقود فحسب ، بل وحلت نكبة باليمن بتشريد ثلاثة ملايين داخلة ونحو مليون خارج اليمن وفقد مليونين يمني أعمالهم ، وأكثر من مليون موظف بدون مرتب وعشرات الآلاف من القتلى ومثلهم جرحى وكذلك عشرات الآلاف مفقودين واسري ومخطوفين كل هذا سيهون المهم شرعنة الانقلاب .
والخطوة الأولى بتقديم التنازلات وطي حجة المرجعيات الثلاث ، وفي المقابل في حال تم ذلك فإذا كان لنا اليوم سقف مرجعيات نحتكم لها فغدا المنطق سيكون البقاء للأقوى ، وهو النظام الجديد الذي سيهمن عليه من انقلب على المرحلة الانتقالية وكنا على اعتاب الاستفتاء على الدستور ، ورؤية الحوثي في مشاورات جنيف لابد من مرحلة انتقالية جديدة سيتفق عليها بضغوط دولية وآنذاك وبعد تشكيل الحكومة الجديدة سيسلم السلاح لها أي ( من هذه اليد لليد الأخرى ) قد يتم ذلك في حال استمرت المفاوضات السرية بين الطرف الانقلابي والسعودية بغضوط وبضمانات دولية بتسليم كل الأسلحة الصاروخية والطائرات بدون طيار وسيقبل الحوثي حتما وسيكون الحامي الأمين للخليج بعد ذلك طالما يضمن شرعنته .
يبقى تسليم السلاح الثقيل وربما المتوسط للدولة ، والحديث عن تسليم السلاح غدا أمراً مستحيلاً وهذه الفرضية ستصطدم حتماً بمعوقات فنية ولوجستية على خلفية سوء نوايا وأجندات خارجية لجعل الحوثيين بمثاب " حزب الله " في اليمن كطرف معطل ليصاب اليمن بشلل يعيق من نموه واستقراره لعقود قادمة ، لأن حوثنة الدولة الموازي للحرب وما قبلها جرى على قدم وساق من جيش وأمن تعليم وإعلام وأوقاف وإرشاد وحزام أمني طائفي على صنعاء وتجييش عشرا الآلآف وهذا من شأنه ان يفسر أي حديث عن انسحاب مفترض لا معنى له بالنظر لهذه المسوغات !
ومن جهة أخرى فأن أي تسوية مفترضة هو ُطعْم للشرعية بكل رموزها فهم من ضمن ضحايا ما بعد" التسوية"حيث يتوقع تصفيات الخصوم خلال أشهر وستشهد المدن اليمنية اغتيالات لا سابق لها ، فالخطر المفترض ليس فقط من عناصر الانقلابيين ولكن حتى من عناصر منفلتة تعكس مزاج متطرف غاضب التي ربما ستغل غضب اليمنيين من تسوية مشوهة كهذه، لا ترقى إلى مستوى صبرهم على ظلم وفساد عقود.
* كاتب وسفير في الخارجية
*مقال خاص بالموقع بوست