في مسجد الجبارة
الجمعة, 04 يناير, 2019 - 10:57 مساءً

كان صوت الخطيب صداحا، لم يكن يخطب،بل كان يغترف من قلبه، فيسقي قلوب المصلين في مسجد الجبارة.
 
 كان محور الخطبة يتحدث عن الجهاد في سبيل الله.
 
  في البداية كان ذهني مشوشا - قليلا - كنت انظر في وجوه الداخلين من باب المسجد.
 
  كان الامل يحدوني كعادتي ان تلمح عيناي من بين الداخلين صورة حبيب القلب سلمان عبادي، كنت انتظر ان يطل بابتسامته المعهودة متشحا سلاحه الفولادي.
 
  لكن ذلك لم يحدث، ذهبت اقلبه في وجوه الحاضرين واحد تلو الاخر،  هنا في هذا المسجد المبارك كنت المح سلمان عبادي واسامة الجماعي وانس الشراعي واخرون.
 
 وفيما كنت انصت الى صوت الخطيب كانت تجول في البال ذكريات،  صور الشهداء الاحباب واحد تلو اخر، لولا انه يوم الجمعة لكنت صرخت في وجوه الحاضرين يا قوم : اين سلمان عبادي؟.
 
 وفي غضون ذلك كان صوت الخطيب يصدح قائلا : (احياء وبس) كان يتحدث عن الشهداء وعن قول الحق تبارك وتعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموات بل احياء عند ربهم يرزقون .. ).
 
وفي ذلك ما يتمنى المرء ويريح الخاطر
 
 حكاية خطيب
 
 يا لله كم تتزاحم الافكار، وكلها لا يمكن لاحرف اللغة ان تعبر عنها، كنت اتسائل كغيري  من هذا الخطيب ؟ لم اكن اعرف صورته من قبل كنت اقول هذا الخطيب لا يقل فصاحة وبهاء عن الشيخ عمر العمري كليهما يسري حديثهم الى القلب دون عناء.
 
 لم يتسنى لي السلام عليه وكنت اود ذلك، لاحقا اخبرت ان الخطيب هو اخي وصديقي القائد المقدام عامر الجبني.
 
  وله قصة اخرى.. صديقي عامر منذ سنوات نحن على تواصل شبه دائم وخصوصا في خضم الاحداث، لكنني لم اكن اعرف صورته بعد.
 
 اليوم فقط لمحت صورته، فسلام عليك يا صديقي يصلك الى حيث انت.
 
  هي افكارا كبرى لا تحتويها الاسطر كما قال القائد عبدالحكيم الخياري وقد حدثته عن جزء منها بعد صلاة الجمعة.
 
  لم يكن مسجد الجبارة ولا حكايات الشهداء التي دارت في خلدي وحدها من شدت الانتباه، فحتى الخطيب ذاته له حكاية خطت بلون الدم الاحمر القاني.
 
  فالقائد عامر الجبني هو احد الابطال ممن حازوا على شرف الاصابات في ميادين البطولة ومؤخرا في جبهه دمت.
 
والاكثر من ذلك ما اخبرني به الصديق احمد القردعي ان القائد الخطيب عامر هو جريح للمرة الرابعة في ميادين العزة والشرف.
 
 وان امة قادتها اسود المنابر وابطال في مقدمة الصفوف لن تخذل ابدا وستنتصر بعز عزيز او بذل ذليل.
 
اباء الشهداء
 
  قبيل الخطبة كنت قد سلمت على الوالد القائد عبدالواحد الخياري والد الشهيد احمد الخياري وتلك حكايه اخرى.
   ففي حين كنت اقلب بصري في وجوه الحاضرين قلت في نفسي هذا مسجد اباء الشهداء.
 
 ففي المسجد لمحت  كثيرا من اباء الشهداء وهم يستمعون الى حديث الخطيب عن فضل الجهاد في سبيل الله ومكانة الشهداء عند الله، لاحظت رؤوسهم ترتفع الى السماء بشموخ لا يوصف.
 
  ففي منتصف المسجد يقف القائد صدام الجماعي والد الشهيد اسامه كعادته وبجواري يجلس القائد عبدالواحد الخياري وفي الشطر الجنوبي من المسجد يجلس القائد المقدم نصر الرزاقي والد الشهيد عبدالكريم صديقي الغالي الذي استشهد قبيل فتره ولي معه حكاية اخرى.
 
فعقب استشهاده مكثت اسابيع في بلدتي لا اقوى على الذهاب الى مريس، خوفا من لحظة الواقع حين لا اجده.
 
  اتذكر الان كيف كنت اتملص من تلبية عزومة والده القائد نصر الرزاقي وظللت لفتره كذلك ولم يكن يعلم ان تملصي هروبا من لحظة انتظار قدوم الحبيب عبدالكريم الى المجلس التي لن تاتي مجددا، إذ كنت اخشى الانهيار في تلك اللحظه.
 
 اتذكر ان اللقم في اول غداء بمنزلهم بعد استشهاده كانت تنزل في حلقي نارا ، كتمت حزني كحال الكل وبصعوبه تمالكت نفسي من الانهيار في لحظه بكاء لا اظن انها كانت ستتوقف الا ببكاء الجميع.
 
فسلام عليك يا صديقي يصلك وانت في روضات الجنان.
 
مسجد الشهداء
 
 في المسجد ايضا وددت السلام على كل من فيه فربما ايام او شهور او ساعات وسيرتقي من الحاضرين شهداء اخرون،  يا رباه...  كيف احالت هذه المليشيات الاجرامية حياة الشعب الى كفاح لا يتوقف، كيف اجبرت الشعب على حمل السلاح؟ كيف بات الجميع مشروع شهادة!
 
 مسجد الجبارة سيبقى شاهد على عظمة مريس المنطقه التي جمعت تحت ظلها كل من يرفص مشروع الحوثي الطائفي الفارسي فبات يستضل هنا ابنا مريس والضالع واب وتحت سقف سماء منطقة واحدة.
 
سيضل شاهدا على عمق الفكرة التي جمعت الكل وعظمتها التي تصنع المعجزات.
 
 فهنا الكل يهتف والموت في سبيل الله اسمى امانينا، وباساليب مختلفة .وفي الموت حياة لإمة وميلاد فجر جديد لكل احرار الوطن.
 

التعليقات