السودان يغلي منذ أسابيع، لكن الشعب واعي، وتأمر الاقليم غدا صعباً بالنظر لضعف ممالك النفط معنويا وماديا بعد مستنقع اليمن وقضية خاشقجي.
ثمة مؤشرات إيجابية في تطورات الحالة السودانية اليوم، فقد تماهى البشير مع تطلعات الشعب بعيدا عن تدخل الإقليم.
ومعلوما بأن الرئيس السوداني بدا بالتخلي عن وضع البيض في سلة الخليج والسعودية، كما فعل الرئيس اليمني السابق، وتنبه لهذه الجزئية ولو في وقت متأخر بتقوية علاقاته بالصين وروسيا دوليا، وبتركيا وقطر وبلدان لا تدور في فلك السعودية من جهة اخرى، رغم أنه لازال يزج بقواته في الحرب الخاسرة في اليمن ولم يصل لدرجة القناعة الكاملة كما فعل ملك المغرب في النأي عن تأمر التحالف العربي في اليمن.
وسوى أطيح بالبشير أو حصل تحول تدريجي بعد اعلانه بأنه لن يرشح نفسه بعد قرارات اليوم، وسيسرع في احتمال تشكيل حكومة طواري للانفاذ للفترة المتبقية له، وفي نفس الوقت عدولة عن تعديل الدستور ، وهذا كلها تصب في تهدئة الراي العام.
وسوا اطيح به قبل نهاية استحقاقه الرئاسي او في وقته في كلا الحالتين الشعب سيكون بمنأى عن تجربة اليمن لان البشير اقل خيانة من زعيم الفساد في اليمن واستفاد من درس عمالة الرئيس السابق من ضمن التحولات تخليه عن رئاسة الحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطني ، وبهذا لن يكون الحزب مطية للتنكيل بمستقبل السودان كما حدث في اليمن عندما خرج من السلطة شكلياً وتفرغ للتنكيل بالفترة الانتقالية من اليوم التالي.
ثم أنه سيحافظ على تماسك حزبه المؤتمر الوطني والاهم بداهة سلامة الدولة السودانية برمتها .. وهذا مربط الفرس في اخفاق المؤتمر الشعبي في اليمن وتسليمه اليمن في طبق من ذهب لميلشيا الحوثي .
مشكلة الربيع العربي في نسخته اليمنية الذي كان يضرب به المثل في سلميته ان الرئيس السابق سمح للسعودية بالتدخل والمبادرة الخليجية هي مبادرة مؤتمرية صاغها رجالات صالح باعتراف شخصيا وليست مبادرة خليجية هي مؤتمرية اي واد الثورة بغطاء واسناد الاقليم عربيا قبل ان يكون اعجميا.
المؤتمر هو لولب ومعضلة الدولة العميقة في عهد الرئيس السابق أو بعد مماته الذي تشضى لاكثر من جزاء وكلها لا تقر وتعترف بالشرعية ، ويبقى مؤتمر فرع صنعاء الحوثي الهوى هو الاكثر عددا من حيث القيادات والقواعد ومصطف مع الحركة الحوثية.
ظل المؤتمر بعد خروج زعيم الفساد الشكلي من السلطة بمثابة مسمار جحا بغرض افساد المرحلة الانتقالية المفترضة رغم منحة حصانة لم يكن يحلم بها اي حاكم عربي.
تفرغ الرئيس صالح للتنكيل بالفترة الانتقالية من اليوم التالي للحفل الكرنفالي الذي سلمه فيه خرقة ثلاثية الالوان لخلفة المزعوم " اليد الامينة"
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية
*مقال خاص بالموقع بوست