تعز وانسان تعز
السبت, 10 أكتوبر, 2015 - 12:51 صباحاً

هذا كل ما خطر في بالي اثناء ذهابي الى العمل اليوم. إذا كانت صنعاء القديمة رمز من رموز الحضارة الإنسانيه والانسان اليمني القديم بالتحديد و مأرب تاريخ ومملكة عظيمه وحضاره انسانيه ورجالها مازالوا يمثلوا تاريخ الرجوله والنخوه العربيه الاصيله، فإن تعز هي قبله ورمزيه الإنسان اليمني الجديد والمعاصر. في السابق، دأب نظام المخلوع صالح وعصابة المركز على تهميش وتحطيم صورة تعز بطريقه ممنهجة و مختلفه ومنها محاربة وتهميش كوادرها الحقيقيه والعمل على منع توصيل ابسط الخدمات اليها كالمياه لعاصمة الثقافة التي يسكنها الملايين (وكما عمل في كل اليمن) رغم ان اهم مليونيرات الشرق الاوسط والمحرك الاقتصادي والعمالي لليمن هم من تعز. وعمد النظام السابق على تهميش عطاء وجهود ابناء تعز وثقافتها وتصويرهم على انهم مجموعه مرتزقه عندما زج الى المقدمة بمجموعه من السماسرة والمهرجين امثال البركاني والجندي وجعلهم ديكورات في هرم السلطه لتمثيل تعز بيمنا امثال ايوب اليمن وعازف اناشيدها الوطنيه لا يملك حتى قيمة علاج شهر.
وكما هو معروف، اعتاد الكثير من اليمنيين او من يسمون انفسهم قادة القوم من ان يهاجروا نحو صنعاء للحصول على نصيبهم من الكعكه او الرواتب الغير مكتسبه بجهد او عمل بعكس الغالبيه من ابناء تعز الذين هاجروا نحو كل بقعه ارض ومدنيه وصرح ودائره حكوميه ومدنيه وسوق وفرصة عمل...فهم في مقدمة المشهد التعليمي والثقافي ومنهم رواد منظمات المجتمع المدني والنقابات ووموسسات الصحافه ويتصدرون المرافق الصحيه والمختبارات والصيدليات ومعارض الملابس والازياء والمطاعم الفاخره و مصانع الحلويات وبوافي العصائر في كل شارع وحي وبهجد او بشهاده لا من خلال وساطه او اسم عائلي يمنهحم ذلك كما هو معروف. ليس فقط تطبيقاً لثقافه الجهد والكفاح لكسب الرزق الحلال وانما من خلال ذلك يقومون بتوصيل الخدمات الى المواطنيين في كل مكان بطريقه مبسطه وسهله وغير مكلفة وعليه تبنى حضارة ونهوض الاقتصاديات واعمار الارض.
من يفهم علم الاقتصاد او يكلف نفسه ليسئل خبراء الاقتصاد عن كيف تتم عمليات نهوض الاقتصاديات والصادرة في القوه سيجد الاجابه في مثل ابناء تعز وعقلياتهم وجهودهم وثقافتهم. اكادميين، تجار، قادة صحف و رأي و رواد مجتمع مدني وثوره وتغيير.
من لا يدرك أهميتها وأهمية عطاء انسان تعز لليمن والخليج من بعده حتماً لا يدرك معنى قيمة وادارة العصر الذي نعيش فيه أو كيف تنهض الدول الحديثه و تبنى اقتصاديتها القويه.
تعز هي الثقافة والفنون و هذا اساس مهم للتنوير والبناء، هي جمع تعدد الثقافات والتعايش والقبول بالآخر دون فوارق طبقية، مناطقيه، أو مذهبيه. فكم من مناطق اليمن المختلفه ممن يهاجر من اجل العيش فيها ولا يشعر بغير ذلك. تعز هي زكيزه اقتصاد اليمن وهي محرك التغيير ذو الدفع الرباعي ومخازنه التي لا تجف.
طبعاً هذا كلام عام وقد يتسائل البعض كيف؟ وربما عند البعض لا تفرق عندة بسبب المعرفه.
بعيداً عن ثقافه صرف المعاشات، والكسب السريع كعمليات التقطع،اللجنه الخاصة، البسط على الأراضي،النهب والفساد يسطر رجال ونساء تعز ثقافة أخرى تصل إلى ركن كل منزل وقريه وريف ومدنية في ربوع اليمن بل والخليج واحياً لا يشعر البعض بها لانها طريقه غير ملفته للغناء السريع ومناظر السيارات الفارهه والقصور. فمن تعز تخرج رجال لتنتشر في ربوع الوطن وتنحت الحجر وتزخرف وتعمر به البيوت والقصور في كل قريه ومدينة وفي كل سهل ووادي وقمة جبل. من منا لم يرى او يسمع عن اشكال وانواع الفن المعماري الرائع لوجهه اليمن الحديث للتحف والفنون المعمارية لابناء الحجرية؟
وفي عمليه نادره وفريده والتى احيانا يستحقرها او يسخر منها بعض الرجال وبالذات في الارياف، يحمل أبناء تعز قطع القماش والملابس والمستلزمات المنزلية على الاكتف والظهور ومشياً على الأقدام إلى كل قرى وعزل اليمن الممتدة على طول سهول ووديان وجبال شاهقه ووعره. ولم نسمع عنهم إلا السمعة الطيبه والكفاح لكسب المال الحلال من عرق الجبين ولو من خلال دخل بيسط ومهمه شاقه من خلال بيع قطعه ملابس طفل وليس من خلال البسط على ارضيه انسان بسيط أو نهبها كما يفعل كبار موظفي الدوله الفاسدين. اليست هذه هي قمة ونموذج التواضع والصبر وتحمل الصعاب والشرف والطريقه الاصعب لكسب المال الحلال من تعب وعرق الجبين وبين حر الشمس وبرد الشتاء؟ ان لم تكن هذه الاعمال هي من اعمال الانسان الحر والمجاهد والكريم والشريف والصادق فماذا نسمي كل هذه الاعمال اذن وكيف نوصفها او نأتي بشرح مفرداتها؟
حتى قيادات ومواقف الاحزاب في تعز ومنها الاصلاح والمشترك مختلفه. ففي القضايا الوطنيه والمصيريه تختلف في قرارتها وبكثير عن المواقف والقرارات التقليديه للاحزاب وقياداتها ولا تصب تلك القرارات الا في المصلحه العليا للوطن. وهذا يعكس ثقافه المدينه واهلها. تعز ايوب طارش وعبدلله عبدالوهاب نعمان. من منا لا يسمع لايوب طارش ومن منا لا يطمح و يبحر في العمق او يحلق في السماء عندما يستمع الى ويستميع بكلمات نعمان ولحن ايوب؟
نعم في اليمن كله وعلى امتداد ربوعه وتنوعه رجال ونساء وقبائل ومدنيين عقول وعباقره و شرفاء ووطنيين ولكن هنا اتكلم على مخزون مكتامل الاركان والمواصفات يراد تدميره وتخضيعه من قبل اركان الفساد والتسلط وواجبنا الحفاظ عليه بكل ما نملك او نتمكن به. مهما تآمروا عليها او حاصروها ومهما اطلقوا في كثافه من وابلات الرصاص على صدر تعز او اخافوا اطفالها ونسائها باصوات المدافع والدبابات او حاولوا اغتيالها وتشويه صورتها الا ان روح تعز المحلقه في المساء وفي انفاسنا هي الاقوى والاقدر على البقاء و على العوده بقوه من جديد.
كل يمني مديون لتعز وابنائها بطريقه او باخرى ولذا الدفاع عليها وامداها بالماء والغذاء والادويه واجب على كل يمني يحب ارضه وينتمي الى الانسان فيها ويحرص على مستقلبه ومستقل ابنائه. ببساطه، عودتنا تعز بالعطاء المنقطع النظير في كل المنعطفات والمحن التارخيه وفي ايام السلم والحرب على حدٍ سواء وهي تعز التي بسواعدها ستعمر اليمن بعد ان يقف غبار هذه الحرب القذره. رجالها ونسائها،وكما عودونا دائما، سيمدون اليمن بخبراء الاقتصاد والقانون والفلاسفه والدكاتره والمثقفين والعمال ورواد الاعلام ونموذج حراك المجتمع المدني والدوله المدنيه المتجذره في الثقافه هناك.. تعز الانسان اليمني الجديد، تعز العطاء والاقتصاد ومحرك التغيير المدني الحديث. معكِ حتى النصر.

التعليقات