إنتكاسة نتائج لقاء الرئيس الأمريكي ترامب مع رئيس كوريا الشمالية تشبه في مضمونها مشاروات الحوثي مع الشرعية . فلم تثمر برفع العقوبات على كوريا ولا حتى انتهت بمجاملات بروتوكولية أي لم يتصافح الرئيسان فلا سلام باليد ولا سلام في المضمون .
كأن ترامب يوحي لنظيرة الكوري اقبلوا بسلام برؤيتنا ، كما نتعامل مع أخوانكم في كوريا الجنوبية ..
وعلى وزن وقياس آخر يشبه هذا المنطق الأمريكي ورؤية الإدارة الأمريكية تحديداً في جوانب أخرى الصراع العربي الإسرائيلي ومفردة السلام بين العرب وإسرائيل من موقف ضعف الطرف الاول عندما تحاكي عنهجية اسرائيل منطق القوة بدون مسوغات انسانية لتفرض سلام مع الفلسطينين ودول الجوار وكل العرب مقابل لا شئ ، وكأنها تقول سلام مقابل استسلام ، او سلام مقابل ان لانحاربكم !
في الجزئية الدولية بين الإدارة الأمريكية و"بيونغ يانغ" هي نفسها ..فتراكم تعقيدات نصف قرن بينهما لا يحله لقاء او لقائين وهو الأمر نفسه في القضية اليمنية التي هي أكثر تعقيدا فهي خلاصة لتراكمات عقود في الشأن اليمني في الظاهر وتعيقدات وتداخلات اقليمية ودولية ... . فحوى ومضمون كل هذه القضايا هو جوهر صراع أزلي يخضع لنواميس الكون ببين قيم ومسوغات انسانية وبين وهم القوة والغلبة .
في الجزئية اليمنية ينبغي ان يتجلى الوعى اليمني في مفردة ان العدوان هو داخلي قبل ان يكون خارجي والبادئ اظلم، فمن أخطاء الحكومة الشرعية ومن ورائها أيضا التحالف هو إيهام الحوثيين بنصيب في كعكة السلطة مهما فعلوا وعليه فأنهم لا يلامون، فأن انتصروا بالغلبة استمرار لطبيعتهم الحربية والفتوحات فليكن، وإلا فمكانهم محجوز بثلث السلطة مستقبلاً، وهذا بداهة تكرار لخطاء مستقبلي عند خروج الرئيس السابق من السلطة، ومنحه نصف السلطة مؤقتا مع حصانة، ومع ذلك لم تثمر سوى هذا الدمار.
فقبل اربع سنوات اي منذ سقوط صنعاء لم يكن هناك عدوان فتحولت البوصلة بعد الحرب ان الاشكال يختزل في مفردة " العدوان" والذي هو بداهة تحصيل حاصل ونتيجة وليس سبب .
ومن هنا فسلام يفرض على أسنة الرماح وفوهة البنادق وبالاستقواء بالخارج من اجل فرض أمر واقع أتى هو الأخر بسياسة الغلبة واغتصاب السلطة ليس سلاماً مستداماً بأي حال من الاحوال ، فأمريكا والإقليم وغيرهم ليسوا على كل شئ قدير ، السلام بأي ثمن هو مجرد ترحيل للصراع ليس إلا ، وهو في الجملة يتناقض مع روح القوانين وغاية السياسية النبيلة وقيم الغرب المتحضر،الذي يروج لقيم الديموقراطية وحريات الشعوب وصدق الكاتب والشاعر والرئيس السنغالي الأسبق سنغور عندما قال: "بينما كانت راية الحرية والعدالة والمساواة ترفرف في ربوع فرنسا، كان الظلم يٌجرى دُهاقاً في مستعمراتها..!"
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية.
