عادت للسطح مجددا قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من إيران "أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى" وذلك بعد مطالبة وزراء خارجية الدول الإسلامية في الإعلان الصادر عن اجتماعهم المنعقد في أبو ظبي والذي اختتم يوم أمس السبت والذي دعا إيران : " للرد الإيجابي على الدعوات السلمية لدولة الإمارات للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، عبر الحوار والمفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى التحكيم الدولي " .
ولم يتأخر الرد الإيراني اذ أكدت الخارجية الإيرانية " الجزر الثلاث في المياه الخليجية هي جزر إيرانية وادعاءات أبو ظبي بشأنها لن تغير أي شيء وان السيادة الإيرانية على الجزر الثلاث ليست محل نقاش مع أحد وكلام أبو ظبي لا قيمة له" . ولم تكتف الخارجية الإيرانية بهذا بل اتهمت الإمارات بالتعتيم على سياساتها الفاشلة تجاه الدول الإسلامية وبانتهاج السياسة التدميرية في المنطقة ما يضعف منظمة العمل الإسلامي" بحسب بيان الخارجية الإيرانية .
الجزر الاماراتية الثلاث ليست كبيرة من ناحية المساحة اذ لا تزيد مساحتها مجتمعة عن 35 كيلو متر مربع الا أن أهميتها الإستراتيجية والعسكرية كبيرة جدا وهو ما جعل إيران تتمسك بها وتراها قضية أمن قومي لا نقاش فيها فهذه الجزر تقع في منطقة حساسة من الخليج العربي حيث تشرف الجزر على مضيق هرمز الذي يمر عبره يوميا حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط ويربط بين خليج عُمان والخليج العربي المعبر الرئيسي إلى المحيط الهندي.
وبحسب الكثير من المحللين العسكريين فإن هذا الموقع الجغرافي المتميز لهذه الجزر جعلها مؤهلة للاستخدامات العسكرية حيث يمكن استخدامها مركزا لمراقبة السفن التي تعبر الخليج العربي، أما سواحلها فيمكن استخدامها ملجأ للغواصات وقواعد إنزال آمنة لكون مياهها عميقة وتصلح لإقامة منشآت عسكرية .
وتمثل الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران: ( طنب الكبرى - طنب الصغرى - أبو موسى ) من أبرز أسباب التوتر في العلاقات الإيرانية العربية وحين تتحسن العلاقات العربية يؤكد المسئولون الإيرانيون بأن هذه القضية يمكن طرحها للنقاش وحين تتوتر العلاقات يؤكدون بأن هذه الجزر خط أحمر وجزء من السيادة الإيرانية وقد حاولت الإمارات استعادتها بوسائل دبلوماسية وقدمت عروض مغرية للإيرانيين لكن لا تجرؤ حكومة ايرانية على اعادتها للإمارات حتى لا تتهم بالتفريط بأرض إيرانية وهذا هو جوهر المشكلة وللعلم هذه الجزر احتلت أو بالحقيقة تم تسليمها من قبل القوات البريطانية للقوات الإيرانية أيام الشاة محمد رضا بهلوي في 1971م وليس في أيام نظام الخميني أو خامنئي .
منذ تأسيس الإمارات مطلع السبعينات وهي تطالب بعودة الجزر وقد تكررت هذه المطالبات في مؤتمرات القمة العربية وفعاليات عديدة وقد أرسلت الإمارات وساطات عديدة إلى طهران وكان الرد في أحسن الأحوال: " سوف نناقش الأمر " وبين الحين والآخر يقوم المسؤولون في إيران بزيارة هذه الجزر لإرسال رسائل لأطراف عدة بأنهم من يتحكم في مياه الخليج ويسيطر بشكل كامل على مضيق هرمز ومن وجهة نظري فإن إيران لن تسلم هذه الجزر للإمارات مهما تحسنت العلاقات بين البلدين نظرا لأهميتها الإستراتيجية حيث تعتبرها إيران احدى الوسائل الهامة للتحكم في مياه الخليج ومضيق هرمز الذي تعتبر إحدى ابرز اوراقها العسكرية في المنطقة حيث تلوح باغلاقه بين الحين والآخر للتهديد وإرسال رسائل لأطراف عدة.
واذا افترضنا ان العلاقات بين إيران والإمارات تحسنت وتوطدت إلى ابعد مستوى وتم طرح هذه القضية من قبل الإمارات فإن ايران سوف تطرح هذا الموضوع للنقاش الذي سيطول ويطول وبدون طائل اذ لن تجرؤ اي حكومة ايرانية على تسليمها للإمارات حتى لا تتهم في التفريط باراضي ايرانية خاصة اذا كانت جزر في الخليج وبأهمية هذه الجزر الثلاث وموقعها الإستراتيجي الخطير .
* باحث متخصص في الشأن الإيراني