من واقع الخوف على أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها وسلامة أراضيها وثرواتها السيادية (الصناديق) وسمعتها الدولية، وصولا إلى أمن الخليج العربي واستقراره وسلامة أراضي دوله واستقلالها وسيادتها فإن الكاتب يدعو القيادة السياسية السعودية، التي تتكاثر أزماتها وأصبحت سمعتها ومكانتها في الحضيض على المستوى الدولي رغم الإنفاق والبذخ لتحسين سمعة الإدارة السياسية السعودية في الخارج.
العالم يلحظ تورط الدولة السعودية في حرب شرسة تحت مظلة "التحالف العربي" من اجل استعادة الشرعية في اليمن بعد أن اختطفها الحوثيون عنوة نهارا جهارا بصمت سعودي في بادئ الأمر. واحتجاز رئيس وزراء لبنان سعد الحريري وإهانته من قبل مسؤولين في الإدارة السعودية الأمر الذي انعكس على أدائه في لبنان وزعزعة الثقة فيه بين مواطنيه، وحصار دولة قطر لا لسبب محدد مبني على وقائع مثبتة، وعلاقات السعودية المهتزة مع المجتمع الأوروبي، وقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول وتقطيع جسده، والله اعلم أين توارت تلك الجثة، وأخيرا احتجاز الأمراء ورجال أعمال مرموقين وعلماء ودعاة، وأصحاب رأي، ونساء ماجدات يطالبن بحقوقهن كمواطنات صالحات عاملات في المجتمع. كل تلك السلبيات غيرت صورة المملكة الهادئة المسالمة المتأنية في اتخاذ أي قرار، أيا كان نوعه، إلى صورة شريرة لا يوثق بها قولا ولا عملا ولا تعاملا معها.
انطلاقا من كل ما ذكر أعلاه فإني أدعو القيادة السعودية إلى تغيير أسلوب سياستها الداخلية والخارجية، داخليا اطلاق سراح جميع المعتقلين أصحاب الرأي "ذكرانا وإناثا"، إلغاء جميع الإجراءات الضريبية التي فرضت على المواطنين أيا كان نوعها، وكذلك إلغاء جميع الزيادات المترتبة على استهلاك الكهرباء والماء، ومصاريف الخدمات، وإفساح المجال لكل صاحب رأي أن يعبر عن رأيه والأخذ منها بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن. في المجال الخارجي وقف الحرب في اليمن والدعوة إلى حوار يمني يمني تحت راية الأمم المتحدة وبمشاركة سلطنة عمان والسعودية لكونهما الأقرب حدودا لليمن الشقيق، ونقطة البدء في ذلك الحوار هي "بنود مخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرارات الشرعية الدولية" التي جرى التوافق عليهما من جميع المكونات السياسية اليمنية، رفع الحصار عن دولة قطر وعودة العلاقات الثنائية إلى سابق عهدها قبل الخامس من يونيو 2017. إعادة النظر في العلاقات السعودية التركية وتحسينها، فاستقرار تركيا سيكون رديفا لاستقرار السعودية في قادم الأيام، الكف عن التدافع نحو التطبيع مع الصهاينة فإن ذلك التطبيع سيجلب للدولة السعودية النحس وسوء المنقلب.
العلاقات السعودية مع السلطة الشرعية اليمنية بقيادة عبدربه منصور هادي ليست سوية، فالنظرة السعودية المتعالية على اليمنيين وقياداتهم لا تخدم أهداف السعودية، وجربت الدولة السعودية تلك الممارسة وكانت النتيجة ما تعاني منه السعودية اليوم من أزمات. الحرب اليمنية اليوم تدخل عامها الخامس ولا امل في تحقيق النصر إلا بحملة عسكرية صادقة تهدف إلى تحرير اليمن من كل براثن التخلف والتفتيت والتجزئة أو بمؤتمر حوار وطني شامل كما أشرت أعلاه.
العاصمة اليمنية الثانية "عدن" تشهد حالة حرب تشنها مليشيات مكونة من مرتزقة من الداخل والخارج وممولة كما تقول اوثق المعلومات من قبل الإمارات، ويزيد ما يسمى "بقوات الحزام الأمني" النخب المليشاوية التي شكلتها وتسلحها وتمولها أبوظبي الأمور تعقيدا. اربع سنوات مرت على تحرير عدن ومحيطها من سيطرة الحوثيين وعلي عبدالله صالح والحال يزداد سوءا تحت إدارة قوى التحالف بقيادة السعودية. ما يجري في محافظة المهرة من قبل القوات السعودية امر يزيد في تعقيد العلاقات السعودية اليمنية ولن يؤدي إلى تحقيق أمن الدولة السعودية مهما كانت القوة. أن ما تعرضت له قبائل (حجور اليمنية) تحت سمع وبصر قوات التحالف بقيادة السعودية امر يبعث بالحزن والألم الشديدين، هذه القبائل كانت تقاتل على تخوم الحدود السعودية ولم تجد أي مدد أو عون من قبل الجيش السعودي، وتركت المنطقة بكاملها للحوثيين أوقعوا الرعب والقتل ونسف المنازل على رؤوس ساكنيها وقوات التحالف بقيادة السعودية منشغلة بتثبيت مواقعها في المهرة وحضرموت والإمارات في جزيرة سقطرى وعدن وبقية الموانئ اليمنية بعيدا عن ارض المعارك ضد الحوثيين، فأي تحالف من اجل الشرعية هذا؟!.
يعتب الكثير من اليمنيين على "السلطة الشرعية" عبد ربه منصور هادي وحكومته، أنها لم تفعل أي فعل يحمي ويحافظ على أمن المواطن وممتلكاته ومكانته في اليمن عامة وخاصة في منطقة قبائل حجور المجاورة للحدود السعودية وفي عدن وشبوة وما جاورها امتدادا إلى المهرة وحضرموت وجزيرة سقطرى، وكأنهم لا يعلمون (أي اليمنيين) بأن الحكومة الشرعية بكل قيادتها رهينة في الرياض نتيجة الأوضاع في اليمن، وليس لها حق التصرف أو إصدار التعليمات والتوجيهات لبعض كوادرها المقيمة في عدن إلا بموافقة زعيمة التحالف السعودية وليس للرئيس اليمني عبدربه منصور حق العودة إلى اليمن في المناطق المحررة من هيمنة الحوثيين إلا بموجب تصريح رسمي من القيادة السعودية وحمايته من المليشيات المنتشرة في جنوب اليمن التابعة "للمجلس الانتقالي" وجحافل المرتزقة المسلحين والممولين من قوى بعض دول التحالف. والحكومة المقيمة في عدن من وقت إلى آخر لا تملك وسائل القوة والإكراه فلا مال بيدها ولا سلاح ومحاطة بمليشيات معظمهم قتلة أجانب مستأجرون لإثارة الرعب وعدم الاستقرار في جنوب اليمن لصالح قوى التحالف.
إن القيادة السعودية الراهنة وبعد مرور اكثر من أربعة أعوام من الحرب لديها فرصة لإنهاء الصراع في اليمن بإرادتها، والا ستنبثق قوة يمنية سياسية من أركان الشرعية مخولة بطلب تدويل المسألة اليمنية وتعمد لتوقيع وثيقة تحالف مع روسيا على سبيل المثال وتطلب الحكومة الشرعية الاستعانة بقوة جوية وبحرية روسية تحط في مياهها الإقليمية في البحر العربي والبحر الأحمر، وقد أثبتت روسيا أنها الحليف القوي الذي يُعتمد عليه لنصرة الشعب اليمني وحكومته الشرعية اليمنية المقيمة في الرياض، وهناك اتفاقيات يمنية روسية " الاتحاد السوفييتي" سابقا يمكن استدعاؤها لتحقيق أهداف الدولة اليمنية.
آخر القول:
الخطب جلل، واليمن يتعرض لإبادة جماعية من الحوثيين وقوى خارجية، والقيادة الشرعية حبيسة قصر المؤتمرات، ولا حول لها ولا قوة. انصروها بوحدتكم أيها اليمنيون لتتمكن من الانعتاق من عقالها والانطلاق بحثا عن أنصار وحلفاء أقوياء يعينونها ولا يستغلون ضعفها.
عن صحيفة الشرق القطرية