الدولة العميقة في الجزائر عرفت سيكلوجية الجمهور ، فرغم ان الرئيس بوتفليقه قد اعلن قبل نحو اسبوع بأنه يرى إذا فاز بولية خامسة سيعمل على انتخابات مبكرة ، وهاهو مؤخراً أعلن عن عدوله عن ترشيح نفسه مقابل تمديد تلقائي لأجل غير مسمى وفي اقل الأحوال سنة هي نفس الفكرة ، لكن الجماهير شعرت أنها منتصرة عندما فرضت رؤيتها في إرغام الرئيس للنزول لرغبة الجماهير مع ان النتيجة واحدة.
ومن هنا فالحال في الإعلان قبل أسبوع كان اقرب للدستور الجزائري بخلاف حالة إعلان بعدم الترشيح.
في أقل من شهر شهدت الجزائر تطورات مثيرة متلاحقة بدأت بهدير الشارع المدوي وانتهت بإعلان بوتفليقه عدم ترشيحه لولاية خامسة ، المشهد لن ينتهي بهذه النقطة بل بدأت الجزائر في مفترق طرق والأسابيع المقبلة ستحدد مسار العلاقة بين الشعب والدولة العميقة في الجزائر.
ما يجرى اليوم هو وعلى خلفية هذا الغليان الشعبي بأن الإعلام يفعل فعله بشيطنة الآخر سوى من قبل الجماهير الهادرة او من الدولة العميقة .
وشيطنة الآخر هي محاولة لصياغة صورة ذهنية سلبية لدى الرأي العام تجاه أشخاص وتيارات معينة عبر تصويرها على أنها شخصيات وتيارات هدامة تهدد الوحدة الوطنية وأمن البلاد او أنها خطر على الدولة وتعمل على تهديد القيم والوحدة الوطنية… وغيرها، وهذه الشيطنة تكون متبادلة غالبا بين السلطة والمعارضة او بين شخصيات وتيارات فكرية.
فالحاكم أو السلطة في بلدان العالم الثالث والدول العربية تحديدا ترى في نفسها أنها هي المصلح الوحيد والمحافظ على مصالح العباد والبلاد، وكل معارض لها هو شيطان يحتاج الى الرجم، فتصبح المعادلة: المعارضة هي المهدي المنتظر -والتي هي شيطان في نظر السلطة- المنقذ من براثين المسيح الدجال -والتي هى السلطة في نظر المعارضة- ليتخلص الناس من هرطقاتها.
وفي تاريخنا العربي الإسلامي نماذج من شيطنة السلطة للمعارضة سواء ابن المقفع او ابن رشد وآخرون لا مجال هنا لمزيد من التفاصيل
في أقل من شهر تلاحقت الأحداث بصورة درامية في المشهد الجزائري بدأت بهدير الشارع المدوي وانتهت بإعلان بوتفليقه عدم ترشيحه لولاية خامسة ، المشهد لن ينتهي بهذه النقطة بل بدأت الجزائر في مفترق طرق والأسابيع المقبلة ستحدد مسار العلاقة بين الشعب والدولة العميقة في الجزائر.
الشعب الجزائري أكثر وعيا من شعوب المشرق ناهيك على ذكريات العشرية السوداء كل هذه المسوغات تجعله يفكر مرتين في إجراء مصيري ولا يتركون قضيتهم رهن التجاذب الإقليمي والدولي سوى بلدان الخليج او فرنسا .. فمن التجارب القاسية والإخفاقات لمحاولات التغير في بلدان الربيع العربي سوى في سوريا والعراق واليمن هذه الدول التي شهدت تداعيات متلاحقة ومأساوية خلال الحقبة الحالية فعلى سبيل المثال في الحالة اليمنية يرى المراقبين بأن من أسباب ليست قوة الطرف الحوثيين بل تناقضات الخندق المناهض للطرف الانقلابي سوى في الشرعية او حتى التحالف العربي الذي تدخل تحت لافتة إعادة الشرعية فرؤية ومفهوم دول التحالف ورؤيتهم للشرعية بأنها إفراز الربيع العربي مع انه العكس فالربيع قد وأد ومن هنا يبحثون عن شرعية بديلة بدليل أنهم يساندون ميلشيا وجيش موازي خارج سياق الدولة المفترضة في الجنوب وسواها فالشرعية هي ثمار المبادرة الخليجية والتدخل الإقليمي التي هي في الأصل مؤتمريه رعتها السعودية.
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية