هل سيكون مصير قمم مكة نفس مصير مؤتمر "وارسو"؟!
الجمعة, 31 مايو, 2019 - 09:06 مساءً

انعقدت بالأمس في مكة المكرمة قمة عربية ستتبعها قمة إسلامية وأخرى خليجية ، هذه القمم تنعقد تحت لافتة " مواجهة التهديد الايراني في المنطقة " وإدانة تدخلها في الشأن الداخلي العربي وإثارة الفوضى في المنطقة العربية وهي ذات المفردات التي تتكرر في كل بيانات وخطابات الكثير من الزعماء العرب في كل قمة عربية منذ سنوات .!
 
* مفارقات عجيبة  !
 
المفارقة أن إيران منذ سنوات أيضا تراقب هذه القمم العربية وتشارك في القمم الإسلامية وتعلق على بياناتها الختامية وهي ماضية في مشروعها ونفوذها في المنطقة رغم كل العقوبات الاقتصادية الأمريكية والتهديدات العسكرية والتحديات الكبيرة التي تعيشها بينما يزداد انزعاج الدول الخليجية والعربية ويعقدون القمم ويصدرون البيان ويلقون الخطابات دون أن تتوقف إيران عن مشاريعها ونفوذها وطموحاتها ودون أن تتجاوز الدول العربية وفي مقدمتها الخليجية أجواء الإدانة والشجب والاستنكار إلى رؤية واقعية ومشروع استراتيجي لمواجهة النفوذ الإيراني أو احتواءه أو التعامل الواقعي معه بالنهوض بواقع العديد من الدول العربية التي تعاني من الحروب والاضطرابات وتحصينها من التحول إلى بيئة رخوة قابلة للمشاريع الإيرانية أو الأمريكية أو غيرها بالعكس دول الخليج وخصوصا السعودية والإمارات عملت على دعم الثورات المضادة في رول الربيع العربي وخلق حالة من الفوضى والاضطراب أوجدت بيئة خصبة وقابلة للمشروع الإيراني كما حدث في اليمن وسوريا كما ان دورها في إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين معروف وبعده تركت العراق وحيدا جريحا فوجد في الحضور الايراني خيار الضرورة كما ان تعامل السعودية والإمارات مع قطر وتركيا والقضية الفلسطينية عزز من النفوذ الإقليمي الايراني وعمل على تقوية الجسور والعلاقات بين هذه الدول والحركات وبين إيران .!
 
* هل تلحق قمم مكة بمؤتمر وارسو ؟
 
هل تتذكرون قبل اشهر تلك الضجة الإعلامية التي صاحبت " مؤتمر وارسو "  الذي انعقد في 13 - 14 فبراير شباط الماضي في مدينة وارسو ببولندا والذي كرس لمواجهة إيران وذهبت نتائجه أدراج الرياح بل وتحول إلى منصة عربية للتطبيع مع إسرائيل ولم يطبق اي بند من بنوده ؟!
 
باعتقادي ان مصير هذه القمم هو نفس مصير ذلك المؤتمر الذي حشدت له واشنطن كثيرا وكرس لمواجهة إيران وتحول إلى مهرجان للخطابات دون نتائج عملية لأن واشنطن الراعية لهذه الموتمرات والقمم لا يهمها أمن عربي ولا حماية دول المنطقة بقدر ما يهمها مصالحها وتحقيق أجندتها واهدافها وتعزيز حضورها العسكري في المنطقة واستنزاف السعودية والامارات وبقية دول الخليج وحلب خيراتها ونهب ثرواتها تحت لافتة " حماية دول المنطقة من التهديد الايراني " بينما إيران تعرض على دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية والإمارات اتفاقيات عدم اعتداء واتفاقيات تعاون أمني ولديها كل الإستعداد لتعزيز وتطبيع العلاقات والالتزام بحسن الجوار وطرح كل القضايا للحوار والنقاش بمعنى أوضح ان ايران تريد قطع الطريق على الأمريكيين بمثل هذه المبادرات وحماية دول الخليج من الابتزاز والاستغلال الأمريكي باسم الحماية من إيران فترفض دول الخليج كل هذه العروض والمبادرات الإيرانية وتصر على إدانة إيران واستنكار تحالفها مع دول وقوى عربية وشجب سلوكها " التخريبي " في المنطقة وشيطنتها في وسائل الإعلام وتصويرها على أنها هي العدو المتربص بالمنطقة بينما إسرائيل صديق ينبغي التطبيع معه والتعاون لمواجهة إيران.!!
 
* النتائج المتوقعة لقمم مكة
 
لن نستبق الأحداث ولكن النتائج دوما هي محصلة للمقدمات والجهود الراهنة التي نشاهدها في الواقع اليوم وهذه القمم مثلما خرجت القمة الأولى ببيان ستخرج أخواتها ببيانات إدانة لإيران وشجب وتنديد واستنكار ودعوات للمجتمع الدولي لتحمل مسئولياته في مواجهة التهدايدان الإيرانية للملاحة الدولية في الخليج وباب المندب ووو الخ ولن يتغير الوضع كثيرا لأن سياسة السعودية التي تدعو لهذه القمم وتستضيفها سياسة فاشلة تساهم في تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة وتكريس حضورها   فهي تخرج من عمى إلى تيه ومن تخبط إلى ارتباك ومن فشل إلى فشل ، قمع واستبداد وارهاب وسجن وسحل للعلماء والدعاة والأحرار في الداخل وفشل ذريع في الخارج فشلت السعودية في العراق وتحاول الآن العودة إليه بعد فوات الأوان وفشلت في سوريا وفشلت في اليمن بعد 4 سنوات من الحرب الكارثية المأساوية وفشلت في ليبيا وتحارب جيرانها مثل قطر  والكويت وسلطنة عمان كما تحارب تركيا والأردن وحركات المقاومة الفلسطينية من حماس إلى فتح إلى الجهاد وتعمل على تغييب القضية الفلسطينية وتمرير صفقة القرن على حساب القضية العربية الأولى كما تحارب طموحات الشعوب العربية في السودان والجزائر وتونس وفي كل مكان فهي دولة تكرس الفشل والعجز العربي دولة بلا مشروع استراتيجي يقوم على رؤية صائبة وواقعية ولا تمتلك قرارها فهي أداة بأيدي الأمريكان تعمل على تحقيق أجندتهم وتمرير أهدافهم ولا تجيد إلا صناعة الأعداء وضرب الحلفاء والأمثلة على ما نقول كثيرة وأكثر من ان تحصر ومع هذا تريد مواجهة إيران في المنطقة وبنفس الغباء والتيه والتخبط والفشل والارتهان للأمريكيين فكيف ستنجح جهودها وكيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟!!
 
* باحث في الشأن الإيراني
 

التعليقات