تمضي السعودية كفراشة ساذجة وحمقى إلى نار طهران.
ستحترق عاجلا أم آجلا وهذا ما لا نتمناه لعدة أسباب من بينها: أن السعودية رغم إدارتها إشعال الحرائق بالمنطقة العربية خاصة في الدول المحيطة، لا تزال تشكل ملاذاً أساسيا لليمنيين الهاربين من جحيم الحرب والفقر.
صحيح أنها شددت مؤخرا الإجراءات بحق المغتربين والعاملين في أراضيها، لكن هذا لم يمنع مئات الآلاف من العمال اليمنيين من البقاء في أراضيها بحثا عن فرص الحياة.
رغم الخراب الذي بذرته في المنطقة، هي لا تزال تمثل بطريقة أو أخرى حائط صد أمام توغل مليشيات إيران في المنطقة. لكن ليس وفق السياسة الحالية.
كان العاهل السعودي السابق الملك، عبد الله بن عبد العزيز، مدركا لخطر إيران عقب غزو أمريكا للعراق. وصدرت تصريحات سعودية تتهم أمريكا بتسليم بغداد لطهران على طبق من ذهب.
لم تضع الرياض استراتيجية لمواجهة المخاطر المحدقة بها، بل على العكس، جرى في وقت لاحق وخاصة منذ العام 2011م، تهيئة الملعب بشكل كامل لصالح إيران.
سقوط المملكة المريع ليس مجرد أمنيات ولا رجما بالغيب، فمؤشراته واضحة.
يحاول ولي العهد، محمد بن سلمان وهو الحاكم الفعلي للمملكة، تجنب سقوط عرشه فقط، عبر شراء ولاءات الغرب بصفقات باذخة الثمن.
كما أنه يجري إصلاحات على طريقته الخاصة.
ففي الوقت الذي يستجلب ثقافة غربية منفتحة إلى حد كبير ومعاكسة تماما لمهام رجال الدين المحافظين. لكنه يواجه الأصوات المتطلعة للحرية والديمقراطية بقمع مفرط.
جريمته المشهودة والوحشية بحق الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية اسطنبول لا تزال تجد صدى في وسائل الإعلام الغربية والمنظمات الدولية.
إن أقصى ما يفعله بن سلمان الآن هو ضخ المزيد من الأموال لتأخير السقوط.
على أن أعظم المخاطر التي تهدد المملكة تكمن في المليشيات الشيعية التابعة لإيران والتي أضحت تحيطها من كل الاتجاهات، فضلا عن تواجدها في الداخل.
للسعودية، علاقة غير حسنة مع رموز الطائفة الشيعية، فقد أعدمت عدداً من رجالاتها عقب انتفاضات في منطقتها الشرقية، وعرضت البعض للتعذيب في سجونها.
ثمة اشتباك عقائدي طويل الأمد يتجاوز جغرافيا المملكة، فيما لم يعرف عن هذه الجماعات العقائدية المتزمتة أي قيمة للتسامح والغفران.
على سبيل المثال، لقد أعدم الشيعة الرئيس صدام حسين بوحشية منقطعة النظير في العراق.
وفي اليمن، نال الرئيس السابق علي عبد الله صالح مصيراً مروعاً، رغم تسليمه الدولة بكل أجهزتها ومعسكراتها ومخازن أسلحتها لمليشيا الحوثي.
في كلا الحالتين، شاركت السعودية بقوة في المصير الذي آلت إليه الدولتان.
لقد تحول "الربيع العربي" الذي أرادته شعوب المنطقة التواقة للتغيير والحريات والديمقراطية إلى ربيع إيراني نتيجة السياسات الحمقى للسعودية.
لا شك أن طهران تشعر بالبهجة وهى تشاهد إحدى أدواتها في المنطقة تهاجم المملكة في عمق مدنها بواسطة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
لحظة تاريخية لم تكن في خيال ملالي إيران بالتأكيد.