كانت الأمم المتحدة، في "البداية"، أكثر من رائعة وخاصة في الجهد الذي انتهى بمخرجات الحوار الوطني.
وفي الحقيقة فإن الجهد الحقيقي، كان لأمريكا وأوباما وسفيرها فيريشتاين.
وكنا كلنا نكره الأمريكان في "ما قبل البداية" لأنهم كانوا متحمسون لحليفهم صالح.
وبعد أن أدرك الأمريكان أن صالح أصبح عبئا عليهم، تخلوا عنه وقاموا بذلك المجهود الذي انتهى بمخرجات الحوار الوطني والذي جعل شخص مثلي يتحول ويعجب بدور أوباما وسفيره فيريشتاين والدور الذي قاموا به بترويض عفاش وأسرته وتجاوز كل العراقيل التي كانوا يقومون بها للبدء بمرحلة جديدة.
•وجدد أوباما فترة جيرالد فيرشتاين كسفير في اليمن، في خطوة غير عادية وغير مسبوقة لمدة أخرى نظرا للدور الخطير والهام الذي كان يقوم به في تسيير الأمور في اليمن علانية أو من وراء الستار.
•وكان الأمريكان، يصدرون الأمم المتحدة ويضعونها في الواجهة للقيام بهذا الدور وهم الدافعون الحقيقيون من خلفها.
•ثم انقلب أوباما على سياسته الشخصية من ذات نفسه، بعد ورشة عمل غير مسبوقة داخل البيت الأبيض انتهت بما أسموه التحول نحو آسيا وإيران
خلاصة هذا التحول، هو أنه يجب أن تحول أمريكا أنظارها نحو آسيا.
وأن أمريكا يجب أن تدخل في علاقات أعمق مع آسيا لأن مستقبل العالم ستتم صناعته هناك.
وأن الأوروبيين يجب أن يحموا أنفسهم بأنفسهم.
وأن الأوروبيين يجب أن يتسلموا ملفات منطقة الشرق الأوسط المتعوس بالخلافات والصراعات المذهبية والدينية العقيمة التي لا فائدة منها.
لكن أهم ما في انقلاب أوباما وتحوله بالنسبة لليمن، كان بأنه سحب سفيره فيرشتاين بعد أن كان قد جدد له قبلها بثلاثة أشهر.
وترك أوباما اليمن بعد أن كنا قد أطلقنا على فيرشتاين لقب شيخ مشائخ اليمن.
•وبانسحاب أمريكا، تَخَلَّقَ فراغاً هائلاً، اندفع لملئه كل من كان معه قوة حقيقية وسلاح وأتباع؛ وهما عفاش والحوثي وكان ما كان من تجريف الأرض وحرثها لإخلاء الطريق وتمهيده أمام اجتياح الحوثي لدماج وطرد السلفيين ومعقل قرية بيت الخمري وتفجير بيت الأحمر وبعده حصار عمران وقتل القشيبي ثم اقتحام صنعاء وتخريب جامعة الإيمان وهروب الجنرال علي محسن وصولاً إلى اعتقال الرئيس هادي.
•بعدها وصلت إيران رسميا إلى صنعاء برحلات جوية كثيفة وأحكمت حصارها على السعودية من حدودها الجنوبية بعد أن كانت قد أطبقت على سقفها الشمالي بالسيطرة على لبنان والعراق وسوريا.
•ولن ندخل في موضوع عاصفة الحزم وظهور مسميات التحالف المرتبك المتخبط والشرعية السبهللة اللذين نؤيدهم بالرغم من أننا نعاني منهم ومن فشلهم، فموضوعنا الآن هو الأمم المتحدة.
•ثم ماتت الأمم المتحدة ودورها موتا سريريا بعد تخلي شريانها الحيوي الأمريكي عن بعث الحياة في عروقها وفقدت أنفاسها.
•وبوضع اليد، كانت اليمن من نصيب بريطانيا لتشرف على سير الأمور فيها بما يخدم مصالح الغرب.
ولكن أثبتت الأحداث والأفعال والأيام، بأن بريطانيا تحتاج لمن يشرف عليها ويسير أمورها هي أولا داخل بلادها، ولعل أكبر أخطاءها كان اختيار شخص عديم الرؤية والخيال والشخصية مثل جريفثس ليسير باليمن إلى طريق الأمان والسلام.
•ثم حدث فراغا كبيرا في اليمن.
واتضح بأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن نمراً من ورق من غير دور أمريكا.
•تحاول بريطانيا بعث الحياة واستعادة أنفاس الأمم المتحدة عن طريق المفوض الأممي البريطاني الجنسية مارتين جريفثس، ولكن كل من بريطانيا وجريفثس ليس في أمخاخهم شيئا عليه القيمة وأصلاً غير مهتمون بصورة جدية، وحتى إذا اهتموا فإنهم لا يتمتعون بالمكانة ولا الهيبة ولا الشخصية ولا القوة للسير على الطريق الصحيح.
وهم يحتاجون أن يدخلوا غرفة الإنعاش بأنفسهم قبل أن يساعدوا اليمن على استعادة أنفاسها.
•وما يزيد الطين بلة، هو أن الأمم المتحدة بقلة حيلتها وعدم كفاءتها وسوء إدارتها وعبثها بأموال المساعدات وعدم وجود قوة وراءها تسندها، أصبحت عبئا على اليمن.
والأغرب من هذا بأنهم يكذبون ويدعون تحقيق منجزات غير موجودة أو هي مهمة في خيالاتهم فقط.
•وأصبح جريفثس والأمم المتحدة، مصيبتان على اليمن مثلهما مثل الحوثي وإيران.
