كيف نقاوم إرث المخلوع صالح؟
الخميس, 18 يوليو, 2019 - 04:19 مساءً

لايزال اليمنيون يعيشون أحزاناً متراكمة، منذ أكثر من أربعة عقود، لمقتل الرئيس إبراهيم الحمدي. لم ينحن يوماً، إلا لله، إجلالاً، والوطن، والإنسان اليمني، طوال مسيرة استثنائية، انتهت تآمراً على أيدي الغدر والخيانة السعودية، بتصفيته، وشقيقه، " عبد الله" قائد قوات العمالقة، يوم 11 أكتوبر / تشرين الأول 1977، في جريمة هزت الضمير اليمني، والعربي الجمعي، أقدم على ارتكابها، بدم بارد، السفاح علي عبد الله صالح، وبإشراف الملحق العسكري في سفارة المملكة السعودية، بصنعاء، صالح الهديان، بهدف القضاء جذرياً، على رمز التحديث، ورائد مشروع الدولة المدنية، الشهيد إبراهيم محمد الحمدي.
 
ومنذ ذلك، بدأت رحلة اليمنيين، مع الأحزان، لتزداد مأساة بصعود الشاويش علي صالح، إلى كرسي السلطة، في السابع عشر من يوليو/ تموز 1978، وتصفيته لخيرة الرموز الوطنية، والعسكرية، المنتمية لحركة 13 يونيو التصحيحية.
 
تاريخ عفاش، حافل بالدموية والإجرام، ومناقض لإنجازات" الحمدي" العظيمة، أحد دهاة اليمن آنذاك.
 
ثلاثة أعوام، استطاعت أن تجعل من اليمن دولة، يشار إليها بالكثير من الانتصارات، تحققت على أرض الواقع، فلا يكاد يمر يوم، من دون أن يتذكر اليمنيون سنواتها الذهبية، رغم مضي 42 سنة، على اغتيال قائد مسيرتها - رحمة الله عليه.
 
فماذا عن انجازات مرحلة الشاويش صالح؟ والذي لطالما فشلا فشلاً ذريعاً، في توفير حياة طبيعية، واستقرار نفسي، ومعيشي للفرد. ويالها من مرحلة عصيبة، وطويلة، مع نظام مارس فيها كل أشكال الاستبداد، بحق شعب أبيّ، عاش مآسي عفاشية، لا تعد ولا تحصى، ولايزال يعايش تداعياتها حتى اللحظة.
 
سياسة الجهل والتجهيل، أبرزها، والتي حالت دون حصول أفراد المجتمع على تعليم متكامل، في سبيل تأهيله تأهيلا فاعلاً، متسلحاً بالعلم والمعرفة، على مايجب أن يكون عليه، لاستيعاب حقوقه السياسية، والاجتماعية المكفولة.
 
صحيح أنه لايمكن أن نغفل اتساع رقعة الوعي المجتمعي اليمني، ثقافة، وسياسة، والتي صارت اليوم، تتصاعد مناوئة في وجه سياسات استبدادية، تحاول مراكز قوى الماضي تغذيتها، بهدف التملص من مسودة مخرجات الحوار الوطني الشامل.
أمام هذه " الصحوة" هناك شرائح مجتمعية، لاتزال تعتقد جهلاً، بأن الحروب، تكمن فقط، باندلاعها عسكرياً.
 
ومن يدري أن المخلوع صالح، شن حروباً على البلد، أكثر فظاعة من حروب عسكرية، شهدتها البلد في الماضي والحاضر. كمحاربة الشعب، في عدم حصوله على حياة تكفل له الحياة الكريمة والتمتع بكافة الخدمات الحكومية، كتعليم مجاني، وواقع صحي، واقتصاد معافى، وتيار كهربائي لاينقطع بين الفينة والأخرى، وقضاء نزيه، وأمن قوي، وعدل نافذ، ووظيفة مستحقة، وشارع وحديقة نظيفين، وثروة للجميع.
 
أليست هذه المعانات أشد ضراوة من حرب البنادق والمدافع؟ بلى.
 
لم يبن صالح، قوة مسلحة، لحماية الوطن كما يشاع، بل بنى جيشاً أسرياً، ومسجداً عامراً، في نهاية المطاف، سماه " مسجد الصالح"، وكان باستطاعته أن يبني مشفى نموذجياً يعوض المرضى اليمنيين، عذابات الترحال إلى الدول الأخرى. ما حدى بالشاعر إلى أن يعبر عن رفضه، لبناء" الجامع"، بقصيدة قالها بوجع نيابة عن الشعب، في العام 2011، نختصر منها :
 
قد شبت شب ابني قد مـــــات أسلافي
وأنت على الكرسي في المطرح الدافي
كــــــــم لص من حولك قالوا قدك مافي
وزنك قدوه أطنـــــان كم وزنك الصافي
تعمر لنــــــــا جامع .. قصدك قدك وافي
ما اشتيش أنا جامع لاصي و أنا طـــافي
وسوست للشيطان لما مشى حـــــافي.
 
تباً لعلي عبد الله صالح، وكل من يعيش أوهام عودة ماضيه السوداوي، وتباً لـ 17 يوليو/ تموز 1978" والذي أودى بالوطن سبعين خريفاً، وبحلم الدولة المدنية.
 
علينا أن نقاوم ماضي ( عفاش) ، بمزيد من الوعي، والتلاحم المجتمعي الفعال في توحيد الخطاب الاعلامي، وهذا الأهم، فبدون الإعلام، لايمكننا أن نتجاوز أجنحته، والتي لاتزال، تدافع بضراوة عن ماضيها، في محاولة منها لفرض أمر واقع، لاستعادة السلطة.
 
فالذين اعتادوا على خيانة أهداف ثورتي سبتمبر، وأكتوبر، ووقفوا في وجه شباب ربيع11 فبراير العظيم، لايمكن أن يكونوا في المستقبل حراساً للجمهورية، ومهما بلغ ضجيج ماكينتهم الإعلامية، فلن يستطيع إسكات صوت الأحرار، في الدفاع عن يمن اتحادي، " لابد، ولابد "، أن يكون معافىً من إرث المخلوع، وسرطان مراكز قوى الهضبة الزيدية عموماً.
 
 

التعليقات