"لقد تشكل عالم جديد من الانتهازيين لا مكان فيه للمثاليين ولا للدراويش، تقبلوا الأمر وحظاً موفقاً لكم في جولات قادمة من الصراع التي ستغير وتبدل هذا الواقع المزيف بلا ريب" مولانا
ما أن توارت حقبة الفساد التي ثار عليها الشعب في 2011 حتى ظهرت نخبة فساد جديدة تحمل صفات النخب الفاسدة في المرحلة السابقة بإضافات نوعية وغير متوقعه .. فاسدو مرحلة صالح كانوا يمارسون الفساد في نطاقات ضيقة؛ هناك جهاز رقابة ومحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، ومع أنهما شكليتان إلا أن الحرص كان هو السائد، لا أحد يريد أن يكون كبش الفداء .
الفساد الجديد لا أحد يراقبه، لا أحزاب معارضة، لا صحافة لا وسائل إعلام، لا أجهزة مختصة، لا قضاء، في ظل الفراغ الكبير الذي لم يملؤه أحد بعد المخلوع.
لقد استأسدت الثعالب، وحتى الدجاج نبت لها أسنان وإياك يارعوي أن تجدمك دجي في هذه الأيام، ستصيبك بداء "الذغار" وهو أشد من داء الكلب القديم، ولا علاج لهذا الداء. تخيل نفسك ذاغر وتقول قاق للمارين بك، أين ستذهب بوجهك من شيرين لو قابلتها مصادفة؟!
يُقال أن رجلاً من أهل الكرامات في المخلاف قد رأي في الزمن السابق رؤيا مخيفة؛ رأي فيما يري النائم إنطفاء أضواء السراجات، وإضاءة الأحذية" فسرتها الطبقة الاقطاعية التي تعايشت مع الإمامة في عصر الكتن أنه إنتهاء دور علية القوم، وبدء عهد أراذل الناس، كان هذا تفسيراً خال من الموضوعية، لم يكن السلال ولا الإرياني من بعده ولا الحمدي ولا الغشمي ولا سالمين لصوص، كان نهاية عصر الشرفاء، و ربما يكون المخلوع عفاش أخر الشرفاء من نوعه رغم كل الفساد والغباء الذي حل في عصره.
ويبدو أن رؤيا الرجل الصالح أتت اليوم كفلق الصبح، لا عصر يشبه عصرنا، لا عاهرات مثل نخبنا السافلة، لا أبشع من عصر الطراطير هذا، في صفي الانقلاب والشرعية، انظروا من هم علية القوم، لص ساعات هناك ولص أبقار هنا، ولفيف لا يُحصى من المخنثين ممن لا رأي ولا قيمة لهم على الإطلاق في معظم المجالات صاروا اليوم في الواجهة.
قلنا في "عصر النطلة" سابقاً الكثير، لكن ليته كان عصر النطلة، إنما هو أشد وأنكأ، لم يمر مثل هذا الشيء منذ مائة عام تقريباً، لا أحد كان يتوقع أن تكون التعينات مثلاً على هذا النحو؛ من طرطور إلى سفير، ومن طرطور إلى وزير ومن هلفوت إلى وكيل الخ الخ.
ما الذي يتضح اليوم في الصورة؟ تجار الدين مفتين ومستفتين، لا فقيه واحد هنا أو هناك، صار سعر الفتوى أقل من سعر الكندوم، باتصال عبر الإنترنت احصل على جنة ونار وحور عين وبحور من حلبة وزوم مجاناً، لا فرق بين الشيخ جزاه الله خير وبين المرابي، ومن كنا نعدهم من المقادمة الميامين صاروا تلفونات عملة مع من يدفع يرن الجرس، عصر "زمروا" الذي اكتشف وجود الانفصال في القرآن، وعصر "هاني بن بريك" مفتي الإمارات، والكثير هم أهل الفتوى المبجلين للسعودية وقطر، شخصياً لا أعلم بالتحديد لماذا لايوجد مفتي في اليمن للبحرين الشقيق!.
أما تجار المنظمات المشبوهة لا تكفيهم حملة العزيز فداء الدين يحيى هو وكل المتطوعين، هناك فساد يتجاوز الحدود كلها، وصفقات من الباطن وبيع الوهم صار أكثر من بيع الشرف في أسواق البغاء، هذا عصر حلب الأموال باسم الفقراء وعصر السيلفي اللعين، لا أحد أهان الفقراء مثل منظمات السرق المسبق، و بالصوت والصورة، لا حبة تمر إلا ومعها سيلفي ووجوه فقراء، لا حنفية ولا تانكي بدون عنوان عريض باسم فاعل وفاعلة الخير، والتانكي عطل بدون ماء، إنها منظمات البغاء على قارعة الطريق لدرجة أن الرغوة تسفح من جوانب الجرب وتسير في السهوب.
تجار المنظمات الجماهيرية التي تظن أنها نقابات، ليسوا بأقل من لوطة وعاهرات المنظمات الدولية، يجتمع النفر من الشباب ويختارون أحدهم على طريقة إكتب إسمه في القائمة وصوت له، وما أن يحصل علي أصوات الدراويش حتى ينبع لأطرف تاجر ومسؤول ليغسل وجهه وأخطائه في ادعاء البطولات الثورية والبقرية على السواء، تنتخبه لك فيتحول وبالاً عليك، ترسله عجل فيرجع عجله ثاقب، ترسله في حاجتك فيقضي حاجته وحوائج أهله، لا مشكلة إن حصل على رتبة ومنحة ومنصب فهذا في سبيل الله والوطن والشعب والحاج أحمد.
في هذه الفترة يحتار الناس من أشد فساداً؛ وكلاء وزبانية الشرعية أم مشرفي الحوثي ونواعمه! من هم معنا ومن هم معهم، لا فروقات كثيرة بين الشيخ والناشطة والنقابي والعاهرة، فكلهم يتخنثون لأجل هذا الوطن.
في الزمن القريب كان هناك نوعين من مسدسات الماكاروف الروسي؛ عسكري وتجاري، كان من الصعب التفريق بينهما عند عديمي الخبرة، اليوم تجار الأحزاب الذين قفزوا للثراء صاروا واضحين للعيان، فلل وأرصدة اليسار لا تقل عن شقق وأرصدة اليمين، اختلط الأمر وصار التفاح يشبه الطماطيس، والموز يشبه الزعافير، والقرنفل يشبه المسامير، والنعناع الأبيض يشبه الشمة قبل الاستعمال، وصار الربح قيادي حركي تنظيمي مع أن مؤخرته خارج السروال والسياق والنص، هذا زمن المؤخرات بلا منازع، أتحدى أن يكون هناك غير الله وحده لا يأكل جبن ولا يأخذ الرشوة ولا يبيع الأوهام.
في هذا العصر لافرق بين المقاوم والمقاول من الباطل، مربع فلان ومربع علان، وسوق فلان وجامعة ومول الجماعة، جاء سارق دجاج من القرية، وحمل البندقية للدفاع عن الوطن، وتحول فيما بعد إلى شيخ قاته في اليوم لا يقل عن خمسين ألف، وخمسين ألف قات لأمه وإخوانه عليهم السلام، ومن صوروا فلة أبو العباس المسلحة تناسوا تصوير شقق وفلل قادتهم في الداخل والخارج "واللهم لا حسد".
ارقصي يا عزيزتي كما تشائين فالأرض لم تعد مشاعة فهي مقسومة بين الحزمي وحسن زيد بالتساوي، اتركي لهما غبار قدميك عندما تنهين رقصتك، لا تنتظري تصفيق الملائكة ولا تصفيق الشياطين، انتظري شيكاً من الشيخ ومثله من المنظمة ومثله من الشرعية وأخر من الانقلاب، كوني خفيفة ظل لا تنتقدي الإمارات فتذهب روحك ولا تقتربي من السعودية فتذهب مؤخرتك بلا عودة، تقطرني تمصرني تلعوزي تريشقي تريثي ولا تتعجلي، فهذه المسرحية مازالت في أولها و الأحذية تضيء بشدة والشمس هناك حائرة فمن يصلون الكسوف يسرقون الزيت ويلعبون الروليت ، واليانصيب صار حلالاً كالمراقص التي حرموها عاماً واحلوها أعوام.
لا نهاية للعنات، لا انقطاع للغضب، لا نجونا إن نجوتم بفعلتكم يا كم من سرسري.