ما من شك أننا ولجنا مرحلة خطرة لم تكن بحسبان اكبر المتشائمين ، والذين يعتقدون أنه وبسيطرة الانتقالي على عدن وجوارها يكون حسم المسألة ، ستثبت لهم الأيام المقبلة أنه ما من منتصر ومهزوم وان المرحلة الأسوأ بدأت الآن .
الامارات سترضخ دبلوماسيا وتغادر شكلا وتبقى مضمونا ، ولكن خروجها هذا لن يكون أسوة بخروج قطر في يونيو 2017م ، إذ ستبقى الامارات كقوة داعمة للانتقالي وان بشكل متحرر من أي التزامات سياسية وأخلاقية للشرعية .
بالمقابل السعودية ستظل مواقفها المعلنة على الاقل داعمة للسلطة الشرعية ، فايا يكن توافقها مع الإمارات أو اقترابها من الجنوبيين ، تبقى في المحصلة ممسكة العصا من الوسط ، فلا هي منحازة بالمطلق لشرعية الرئيس هادي أو أنها ستستغني عن الامارات كحليف وثيق ووحيد في المعركة العسكرية المحتدمة في اليمن منذ انطلاقة عاصفة الحزم نهاية مارس 2015م .
ولا يقتصر الأمر هنا على الشرعية والإمارات وانما يتساوق ذلك مع الانتقالي أو الإصلاح أو المؤتمر أو أشياخ السلفية أو سواهم من الحلفاء التاريخيين أو الطارئين ، فالسعودية لا تريد خسارة أحد ، ولا يهمها بعدئذ أن فقدت الكل أو أضاعت بوصلة التحالف .
ففي كلا الحالتين السعودية مضطرة لدعم الشرعية المهلهلة والضعيفة والمتضادة باجندتها واساليبها وعناوينها الخفية أو الغامضة في احايين .
كما وستظل على موقفها المساند لبقية القوى الجديدة أو القديمة مهما كلفها موقفها هذا من خسران اقتصادي وعسكري وسياسي ودبلوماسي .
اذًا ، نحن إزاء حالة غريبة ومشوهة ، فالشرعية تملك مشروعية التمثيل أمام الخليج والعالم ، لكنها عاجزة عن تجسيد هذه المشروعية جنوبًا أو شمالًا .
بينما الانتقالي رهانه ، حاليًا ، على منطق القوة كسلاح اثبت واقعيته وجدواه ، وان كان هذه المرة بالذات سيجد ذاته في مواجهة الحليف " الخصم " وبدعوى محاربة الجماعات الإرهابية ، وهو خيار لطالما أفلح في بلورة حالات غير مستقرة في سوريا وليبيا والعراق .
وبين الطرفين هناك اطراف محلية ودولية تنتظر اللحظة كيما تنفد الى عمق الازمة ، فيمكنها إمداد المتحاربين بمختلف ادوات الحرب ، ما بقت البلاد مفتوحة لكل أشكال الدعم العسكري والمالي ، وما بقت تجارة السلاح مهنة عابرة للقارات والمحيطات والحدود .
نعم ، الانتقالي الان يواجه الشرعية وجهًا لوجه ودونما تحفظ أو تكتيكات خادعة ومضللة ، واذا لم يحدث اختراقًا ذهنيا وفكريا لصميم المعضلة الجوهرية الحائلة دون توافق بين الطرفين ومن خلال حوار جاد وحاسم وبرعاية خليجية ودولية ؛ فإن سيناريو الجنرال حفتر وحكومة الوفاق المحاصرة في طرابلس ، سيتكرر في الجنوب وان بصورة مغايرة من ناحية الغايات والأهداف والمصالح والتحالفات ..