في يوم 27 اغسطس آب الماضي أي قبل أسبوع من اليوم نشرت " قناة الحرة " الأمريكية على موقعها على الانترنت خبرا عن مصادر مطلعة في العاصمة الأميركية واشنطن يؤكد ان " الولايات المتحدة تخطط للانفتاح على مباحثات مباشرة مع الحوثيين، وذلك بهدف التوصل لوقف إطلاق النار في اليمن .
وأوضحت المصادر أن المعلومات تشير إلى أن المباحثات، في حال عقدت، ستكون في سلطنة عمان، وبالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي، في محاولة على ما يبدو لحل الأزمة اليمينة.
وفي حال عقدت هذه المباحثات، ستكون أول محادثات مباشرة بين واشنطن والحوثيين، الذين يقودون تمردا ضد الحكومة إثر اجتياح العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014" . انتهى
تم نشر هذا الخبر والنخبة اليمنية منشغلة بأحداث عدن وتداعياتها فلم ينل حقه من النقاش والتحليل والبحث عما وراءه وما يمهد له من متغيرات وأحداث .
من المؤكد للجميع ان الأمريكان لم يكونوا على قطيعة تامة مع جماعة الحوثي فقد حدثت بين الجانبين لقاءات عديدة ومحادثات مباشرة وغير مباشرة لكن هذا التسريب يحمل الكثير من الدلالات والأبعاد فالامريكان بقدر ما يريدون نقل محادثاتهم مع جماعة الحوثي إلى العلن يريدون أيضا تشجيع السعودية ودفعها للإعلان عن مباحثاتها مع الحوثيين وبشكل رسمي بعد كانت تتم بشكل متقطع وغير مباشر وعبر وسطاء وشخصيات غير محسوبة على الحوثيين بشكل رسمي خاصة وأن قيادات من الحوثيين أجرت مؤخرا مباحثات مع المسؤولين الروس في موسكو وبشكل علني والتقت بمسؤولين أوروبيين .
لقد شرعت السعودية مؤخرا في التمهيد للإعلان عن إجراءها مباحثات رسمية مع قيادات مع جماعة الحوثي وذلك عبر نقاشات واسعة داخل دوائر الحكم والقرار السعودي لبلورة رؤية موحدة عن هذه المباحثات وتفاصيلها وأهدافها كما طرحت الأمر على قيادات في الشرعية من المقيمين في الرياض لجس نبضها ومعرفة ردود افعالها وتصوراتها حيال هذه المباحثات الوشيكة والحتمية .
ومن المؤكد ستبدأ السعودية بالايعاز لوسائل إعلامها وكتابها بالحديث عن ضرورة السلام وإيقاف الحرب وأن هناك عقلاء في الحوثيين يجب كسبهم وجعل مرجعيتهم لجيرانهم و للأمة العربية بدلا من توجههم لإيران وأن الحرب قامت بطلب من الشرعية اليمنية وستتوقف بطلب منها ولانهاء معاناة أبناء اليمن.
مثل هذه المفردات نتوقع أن تبدأ وسائل الإعلام السعودية بطرحها خلال الأيام القادمة كتهيئة لهذه المباحثات القادمة .
أمام هذه الضغوط الدولية المتزايدة على السعودية لايقاف الحرب في اليمن واتهامها بارتكاب جرائم حرب في اليمن وبعد أن قفزت الإمارات من سفينة التحالف الغارقة وبدأت " تشتغل على المكشوف " وتنفذ مشروعها الانفصالي في جنوب اليمن تجد السعودية نفسها أمام خيار وحيد وهو إجراء مباحثات رسمية مع قيادات مع الحوثيين لإيقاف الحرب والاتفاق على تفاصيل المرحلة القادمة بعد اكثر من أربع سنوات من قيادتها لتحالف عسكري ضد الحوثيين انتهى بتفكك هذا التحالف وفشله وبتكريس سيطرة سلطة جماعة الحوثي على معظم مناطق شمال اليمن وأصبح المضي في هذه الحرب ضربا من العبث والمزيد من استنزاف إمكانيات المملكة وسمعتها .
كما ان هناك عوامل كثيرة تدفع باتجاه إجراء مثل هذه المباحثات التي نكاد نجزم انها لن تتأخر كثيرا وأهمها صمود جماعة الحوثي والقوى المساندة لها وانتقالها من حالة الدفاع إلى استراتيجية الهجوم بعد أن قامت بتطوير وتصنيع مجموعات من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي أمطرت بها مطارات وقواعد ومدن جنوب المملكة كما وصلت إلى شرق السعودية حيث آبار النفط وشركة ارامكو وغيرها بحيث بات شريان الإقتصاد السعودي تحت التهديد مما جعلها تعيد النظر في تعاملها مع الحوثيين خاصة بعد ان فشلت في قصف مصانع وورش تصنيع هذه الصواريخ والطائرات ولم يبق أمامها غير الرضوخ للأمر الواقع والتسليم به وإجراء مباحثات مع جماعة الحوثي وبصفتهم سلطة أمر واقع في شمال اليمن ومن المتوقع أن يتم الإتفاق خلال هذه المباحثات القادمة على تأمين الحدود وعدم إطلاق الصواريخ على السعودية مقابل وقف الغارات وفتح المطارات والموانئ وستدفع السعودية المليارات كتعويضات ولإعادة الإعمار وقد تفضي هذه المباحثات القادمة بين السعودية والحوثيين إلى استئناف حوار السلام بين الشرعية والحوثيين وبوساطة كويتية وبمشاركة قيادات من المجلس الانتقالي ليتم التوافق على مصالحة وطنية وحكومة وحدة وطنية يشارك فيها الانتقالي والحوثيين لفترة انتقالية تنتهي بانتخابات رئاسية ونيابية ومحلية .
التسريبات تتوالى والتوقعات كثيرة والتفاصيل أكثر ولكن كل النهايات واحدة وكل الطرق ستؤدي إلى صنعاء فقد فشل التحالف وتفكك بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب الظالمة التي أكلت الأخضر واليابس واعادت اليمن عقودا إلى الوراء واقترب أوان وضع اوزار هذه الحرب لتبدأ مرحلة جديدة في اليمن وإلى حين وفوق كل ذي علم عليم .