عبدالوهاب العمراني

عبدالوهاب العمراني

كاتب يمني سفير في وزارة الخارجية اليمنية

كل الكتابات
ربيع عربي متجدد .. العراق يغلي، واليمن مرشح لثورة عارمة
الخميس, 03 أكتوبر, 2019 - 07:20 مساءً

لليوم الثالث على التوالي تشهد مدن العراق، وبالذات بغداد والناصرية والديوانية، تظاهرات شعبية عارمةً بدأت سلمية وحولها عنف الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الشغب والشرطة ومسلحين ملثمين يرتدون البزات السوداء، الى احداث دامية سقط فيها شهيد واحد حتى لحظة كتابة هذه السطور.
 
قتلى ومئات الجرحى في احتجاجات عارمة بعدد من المحافظات العراقية بسبب استشراء الفساد في البرلمان وفي البلاد.. ونحو عشرون قتيلاً و1040 جريح حصيلة التظاهرات.
 
حظر التجوال واستنفار عسكري وغلق طرق بغدادواعلان حالة طواري شملت معظم مناطق العراق ،  ومن المقرر غدا الجمعة ستشهد عدة مدن عراقية تظاهرات اعتبرتها وكالات الانباء حاسمة وربما مفصلية.
 
حسب مراقبين ومحللين سياسيين تعتبر هذه المظاهرات هو الاولى من نوعها غير مسيسة وغير حزبية منذ السقوط المدوي لبغداد قبل نحو ستة عشر عاماً ، وتشبه في حشد الجماهير بثورة العشرين قبل اعلان العراق الحديث مطلع القرن الماضي.
 
لقد طفح الكيل بالشعب العراقي وخاب ضنة في عمائم إيران التي اتت على ظهر دبابة امريكية ، فإذا كان العراق يغلي ضد الشعوبية الفارسية فاليمن بركان غضب يغلي سينفجر قريبا ضد العرب قبل العجم.
 
تجدد الهتافات التي تقول ( ايران بره بره بغداد تبقى حرة) وهو هتاف يعكس عظم التذمر الشعبي من هيمنة النفوذ والتواجد الإيراني، السياسي والمسلح، في العراق، والأهم تاثيره الكبير على الأحزاب الحاكمة والمليشيات المسلحة التي، بالإضافة على تسلطها على رقاب الناس، دخلت مجالات الاستثمارات الكبيرة وجني الرباح الهائلة والاستحواذ على املاك الدولة،  وبدون اي تقدير لمعاناة الجماهير الساحقة وفقرهم المدقع.
 
صحيح هناك احزاب وتيارات مختلفة في العراق لكن معظمها تحت عباية ايران تماما كما في اليمن اغلب القوى السياسية من غير سيطرة مناطق الحوثي تختلف ولكنها تحت عباية التحالف او احد طرفي التحالف الذي عاث في اليمن دمار وفساد.
 
وفق مسوغات واقع الحال بداهة من الصعب جدا التنبؤ بمَآلات هذه التظاهرات او فيما اذا كانت ستستمر بنفس الزخم ام لا، خاصة وان نية الأطراف المشاركة في الحكم تتجه الى المزيد من العنف. ولكن بالتأكيد ان هذه الهب?ة الشعبية كشفت أموراً جديدة لعل أهمها حقيقة ان كل المشاركين في العملية السياسية ومن كل المذاهب والأديان والقوميات مشتركين فيما آلت اليه الأمور في العراق منذ الاحتلال ولحد هذا اليوم. وهذه الحقيقة لا تمثل اكتشافا جديدا، ولكنها بالتأكيد أقنعت المترددين والذين سبق لهم ان خُدِعوا بالدعوات الطائفية والدينية والشوفينية الضيقة، ان الفساد قد اغرق كل الأطراف سواء المشاركة في العملية السياسية او المستفيدين منها بدون استثناء.
 
ويرى متابعين ومحللين في الشأن العراقي إنه في ظل ارتهان القرار العراقي للخارج والفساد المنتشر في النخبة السياسية، فإن "تغيير بنية النظام السياسي" أصبحت مطلبا جماهيريا.
 
مظاهرات اول جمعة في العراق بعد اندلاع هذه المظاهرات يبدوا انه ستكون حاسمة ، علما بأن الحكومة العراقية قد قطعت وسائل التواصل الاجتماعي كافة وعزلة العراق عن العالم.
 
وهذا ما سيحدث في اليمن ازاء رؤية الغالبية العظمي من الشعب اليمني سوا في شماله الذي يخضع لسيطرة الحوثي المسنود من المجتمع الدولي والتحالف او في المناطق التي تحت سيطرة ما يسمى بالانتقالي المسنودة من طرفي التحالف ولاسيما الامارات.
 
هذا التحالف الذي تدخل ودمر اليمن بمسوغ استعادة الشرعية لكنه استحدث انقلاب آخر ومنع تحرير صنعاء وبطريقة غير مباشرة ساند الحوثي وقوى نفوذه وساهم في تجذره وصموده لنحو خمس سنوات .
 
ستدرك ايران بأن مشروعها فاشل في اليمن تحديدا وليس بسهولة العراق الذي منح في طبق من ذهب.
 
البعض يعتقد بأن سقوط صنعاء المدوي قبل خمس سنوات بيد ميلشيا حوثية موالية لايران بأن صنعاء قد غدت العاصمة العربية الرابعة على اعتبار ان بغداد ودمشق وبيروت عواصم تدور في فلك طهران.
 
والحال بالنسبة لليمن ليس كذلك رغم تكالب قوى إقليمية ودولية كما تتكالب الاكلة على قصعتها وذلك حتى يجعلون من الحوثيين شوكة في خاصرة السعودية . السعودية نفسها تعمل بتخبط وضد مصلحتها بدليل فشل عاصفة العجز.
 
لكن ما يمكن قوله بأن اليمن سيتعافى قريبا وسيتوارى كل من عبث باليمن الدولة العميقة بقيادة زعيم الفساد وروافدها في يسمى بالشرعية فكلهم نخب فاسدة واحدة انقسمت في الرؤى ليس إلا.
 
لماذا اليمن يختلف عن العراق ، لان العراق على مدى نحو أربعة قرون يحكمه سنة سوى أثناء الخلافة العثمانية و ثلاثة ملوك سنة ، وبعد ذلك خمسة رؤساء جمهورية سنة ، مع ان نصف سكان العراق شيعة ، والأمر الآخر إيران على حدود العراق وهذا يختلف عن اليمن فاليمن بالعكس حكمه الأقلية الزبدية لأكثر من ألف سنة ومن ثم اتى خمسة رؤساء جمهورية من الطائفة الزيدية ، فاذا كانت الذاكرة الجمعية للعراق وتحديدا الشيعة بأنهم خضعوا زمنا طويلا وهم نصف السكان او أكثرية فأن الأمر يختلف في اليمن العكس تماما في كلا الحالتين من حيث العدد ومن حيث تسلط الأقلية الزبدية ، للعلم ان الحوثيين يعتبرون اقلية داخل الاقلية الزيدية فاغلب سكان ما يعرف بإقليم أزال ليسوا بالضرورة حوثة بالعكس متوزعين بين مؤتمريين واصلاح واحزاب اخرى وأغلبية صامتة ويعتقد ان الحوثيين لا يشكلون سوى خمسة في الماة من سكان الهضبة ، ومن هنا فمشروعهم فاشل ناهيك على ان الشعب قد عانى الكثير منهم خلال خمس سنوات ومن هنا فتواري الظاهرة الحوثية قريب جدا بغض النظر عدم استساغة دول الإقليم لهم ، فقط أمريكا من تريد الحوثي ولكن أمريكا ليست على كل شئ قدير فالشعب هو من يحدد مصيره ، إحساسي بأن الأيام المقبلة والشهور المقبلة ستبدأ بطئ صفحة الحوثي بغض النظر عن موقف الشرعية الضعيف وتخاذل التحالف ، الذي هو يصر على قبول الشعب بالحوثي والتحالف على استعداد للتعايش مع ميلشيا الحوثي على ان يتحالف مع تيار يمني وطني ديموقراطي افرزته ثورة 11 فبراير.
 
السعودية والتحالف هم من يساندوا الحوثي وهم من ساندوا انقلاب مستحدث اخر في عدن .. العرب اشد كفرا ونفاقا من العجم.
 
مشكلتنا مع التحالف وليست مع ايران التي سلمت لها العاصمة الرابعة في طبق من ذهب ، فلولا التحالف لانتهى الحوثي تلقائيا لان الشعب يلفظه.
 
.
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية
 

التعليقات