تصر الإمارات بوقاحة بالغة استكمال مخططها لتمزيق اليمن وتفتيته إلى كانتونات ماثلة. وهي إذ تفعل ذلك، تؤمن أن البلد سائبة، ويظن نخبتها أنها تحسن صنعا.
يردد نخبة أبو ظبي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي مثلا سائرا " اتق شر من أحسنت إليه"، ويشيرون إلى جهود بلادهم في تحرير اليمن.
كأنهم لا يدركون مسألة التحرير المكذوبة.
يقال إن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أقسم عقب حرب الخليج على تقسيم اليمن إلى دويلات بسبب موقف صنعاء من غزو العراق للكويت.
لكن لسوء حظه، فشلت محاولاته بدعم قرار الانفصال الذي أتخذه علي سالم البيض أثناء حرب صيف 94م.
لم يكن وحده خلال تلك المرحلة، فقد اجتمعت كل دول الخليج، باستثناء قطر، على دعم الانفصال. ومنيت بفشل ذريع.
ربما أراد ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، البر بقسم والده في وقت أجتمعت فيه على اليمن محن ومصائب الدهر، وفي ظل سلطة شديدة الرخاوة.
حين تحركت كوامن الشر لدى محمد بن زايد، تفتق الذهن على تدريب وإنشاء قوات مناطقية وقبلية بعينها. وضعت يدها على ثروات طبيعية وموانئ وجزر استراتيجية.
توقفت تلك القوات عند الحدود الشطرية وتوجهت نحو الساحل الغربي، حيث ميناء المخا والحديدة وباب المندب وسقطرى وجزر البحر الأحمر الاستراتيجية.
فشلت الإمارات في شراء صمت الحكومة الشرعية، لكنها أظهرت مؤخرا الوجه الأكثر قبحا بتوزيع الاتهامات على كل اليمنيين بالإرهاب.
الحقيقة، طرقت موضوعا حساسا ومثيرا لاهتمام المجتمع الدولي كي تحظى بالقبول والمشروعية.
صحيح أن توقعاتنا خابت من إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير. كنا نتمنى أن يأتي وزير الخارجية، محمد الحضرمي لكي يضع حدا نهائيا لتدخلات الإمارات في اليمن.
إلا أن الصحيح أيضا أن كلمته كانت جريئة في محفل دولي مهم. والأهم، يجب عدم منح الإمارات فرصة أخرى لتدمير اليمن بحجة الإرهاب.
يتضح ذلك جليا في الاصرار الوقح من قبل مندوبة الإمارات في إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المذكور، حين أعادت وصم الجيش الوطني بالإرهاب.
وزادت بأن أكدت على إحتفاظهم بحق الرد. صفاقة لا حدود لها. هذا ليس إتهام من قبل طرف سياسي، بل وزير خارجية، بلد تتعرض للخراب والتدمير.
الحقيقة التي غابت عن الحضور، كيف أختفت عناصر القاعدة من المناطق التي سيطرت عليها القوات المدعومة من الإمارات بشكل مفاجئ؟
ثمة معركة مؤجلة مع تنظيم القاعدة في أرض الجنوب. وسبق لتقارير غربية أن بينت طريقة النصر المزعوم هناك، إذ عقدت أبو ظبي صفقات معهم للانسحاب بعددهم وعتادهم.
كما تم منح البعض امتيازات الانضواء في صفوف الأحزمة الأمنية، وتسريب الأسلحة إلى جماعاتهم.
من المؤكد أن اللعب بهذه الورقة هو سلاح ذو حدين، وكما جربه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، واكتوى بناره في بعض الأوقات، سيرتد على الإمارات وأدواتها يوما ما.
وجه آخر شديد العتمة. كشفت التقارير عن عمليات تعذيب وحشية للمواطنين في المحافظات الجنوبية وحالات إخفاء قسري، وعمليات إستخباراتية لإغتيال خطباء المساجد والشخصيات الاجتماعية والمعارضين المحتملين.
يتكئ محمد بن زايد على الدعم الأمريكي فيما يسميه محاربة الجماعات الارهابية، ويحظى بالثقة حتى الآن، وهو يسعى لبناء امبراطورية موهومة.
ليس هناك من ساحة رخوة وبلد غني بالثروات مثل اليمن. السيء، لدينا سلطة شرعية رخوة ومسلوبة القرار، ومشروع غير موحد للمقاومة، فيما تعيش الإمارات وهج القوة والفائض المالي.
لدينا أيضا نخب انتهازية وجاهزة للتحول كبيادق ومعاول هدم في البلد.
تعز المدينة لم تسلم حتى الآن من طائلة التهديد. بين الفينة والأخرى، تشهد محاولات لتفجير الوضع الشامل، وأدوات الإمارات ليست خافية بالتأكيد.
الجيد، أنه من بين ركام الخراب، ينبعث وعي متجدد بمشاريع التفتيت والتمزيق، وهو وعي قابل للتصعيد وتكسير خشوم من أرادوا الشر المحض باليمن.
تحتاج الحكومة وقد تجاسرت أخيرا على إتهام الإمارات بممارسة التخريب وإستهداف قوات الجيش الوطني أن تغادر مربع ردة الفعل إلى إتخاذ إجراء عملي بطردها من اليمن، إلى جانب العمل في قنوات الدبلوماسية العالمية على ضمان عدم استهدافها لقوات الجيش.
صحيح أن أبو ظبي قطعت شوطا كبيرا في تدريب ودعم عملائها على الأرض. لكن أي إشارة للتخلي عنهم، سيتحول إلى ردة فعل عكسية، ولن تستمر هذه الأدوات لمصادمة مصالح اليمنيين في السيادة على أرضهم.
الإمارات تعاني عجزا في تعميم الخراب في ساحات عربية أخرى. وهذا مؤشر جيد للبناء عليه والانطلاق منه لوقف عبث أبو ظبي في اليمن.