كيف نقاوم الوصاية السعودية في اليمن؟
الأحد, 13 أكتوبر, 2019 - 08:00 مساءً

الوصاية السعودية على اليمن، والمتجذرة منذ عقود، ما كان لها أن تستمر لولا إخلاص مراكز قوى "الداخل" لها، والتي ظلت، ولاتزال، أي السعودية، تضخ في المقاب، أموالاً كبيرة لهذه المراكز ، وشيوخ قبائلها، وسياسيها، من أجل بقاء اليمن تحت وصاية مملكة " قرن الشيطان"!.

 
أزعم في هذا السياق، بأنني أتطرق إلى سياسة سعودية لم تكن بحسبان السياسيين، ولا المؤرخين: في أن السعوديين سلكوا سياسة دعم مركزَين يمنيين، يتساويان في القوة والنفوذ القبلي كـ" شوكة ميزان"، بحيث لايمكن لمركز- التمرد على أحدهما - وإذا ما حاول أحدهم؛ تصدى له الآخر بقوة، وإذا ما اشتعلت الحرب بينهما، تظل محفوفة بكامل الدعم الشامل من قبل السعوديين، الذين يظلون بدورهم يراقبون بوتيرة عالية ساحة الصراع، حرصاً منهم في عدم انتصار طرف على الآخر.
 
فيما يظل طرفا الصراع، يعملان كل على حدة، على توطيد الولاء للراعي السعودي.
 
هذا ما تقوله الأحداث، وحقائق التاريخ، في أنه ليس من مصلحة المملكة "الكوبرا" سيطرة طرف قوي في "الداخل اليمني" على كامل جغرافيا البلد: سياسياً، وتسليحاً من خلال تسخير كافة امكاناتها للحيلولة دون إنفراد أحد أطراف الصراع في الحسم عسكرياً عن الآخر، لأنها تعي جيداً، في حال لو لم تعمل وفق هذه الخطوط، سيؤدي إلى نتائج سلبية، قد تفضي إلى تمرد الطرف المنتصر على أجندتها، وتكون ساحة الصراع اليمني، خالية من مركز ردع  لـ"المنتصر" نفوذاً، وقوة، ما قد يشكل هذا الفراغ خطراً على مصالح وطموحات آل سعود في بلاد "السعيدة".
 
إنّ مسيرة سبعة عقود من وصاية آل سعود، على بلد أُنهِك بفعل تجذّر التخلف، والقبيلة، والأمية، والفساد، ونهب المال العام، دون رقيب أو حسيب، ماهي إلا نتيجة طبيعية لفرض سياسات استبدادية إقليمية، عبر أدوات الداخل، كانوا ويزالون، يتقاتلون من أجل مصالحهم الشخصية. ولاغرو في أن نصفهم بـ"إخوان الصفاء". ففي السلم مستفيدون، وفي الحرب مستفيدون.
 
ولنأخذ مثالاً لطرفي "ميزان القوة" خلال الأربعة العقود الماضية، الجنرال علي محسن الأحمر ، زعيم الجناح المسلح لحزب الإخوان المسلمين "الإصلاح" والرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، الذي ظل يتكىء على ترسانة الحرس الجمهوري المنحل، وتشكيلات أخرى تأتمر بأمره، وكلا الطرفين "الأحمر  - عفاش" تربطهما علاقة بكبار قبائل اليمن، وكانا، ولايزال أحدهم، بحضن المملكة، حتى اليوم، يعمل من أجل بقاء اليمن معاقاً، كأبرز أدواتها المخلصين.
 
 يستحيل أن يتخلص اليمنيون من الوصاية السعودية، من دون أن يتجاوزوا دينامو الاستبداد، داخلياً، وخارجياً، إلا بتنامي ثورة من الوعي المجتمعي، تستهدف كافة أطيافه وشرائحه، وعلى مستوى كامل تراب البلد، عبر جبهة تنويرية يقودها عظماء تنويريون، أرضاً، وإنساناً، لما من شأنه مقاومة الوصاية على اليمن: داخلياً، وإقليمياً، وعالمياً.
 
ما لم نبدأ الخطوة الأولى، فإن الإقليم سيظل يمارس النهج الاستبدادي، عبر أكثر من مركز  داخلي، ولن تعيق طموحاته أية صعوبات، إذ لطالما يمتلك ثروة من مليارات الدولارات، يستطيع صناعة مركزين قويين، يكمِّلان مشوار الولاء لسياساته، وإذا ما تصارعا، كما أسلفنا، تتدخل سياسية التسويات السياسية في النهاية بينهما.
 
 ذلك ما أثبته تاريخ التسويات على مدى العقود الماضية.
 

التعليقات