إذا أراد الجنوبيون اليمنيون أن ينتصروا لقضيتهم العادلة، فلا بد أن يكون لهم كيان سياسي، يعبّر عن تطلعاتهم، لاستعادة الجنوب، أو لرد الإعتبار لـ" القضية الجنوبية" في إطار كيان سياسي يناضل بصدق، ويعبر عن النسيج الجنوبي، بعيداً عن إملاءات الخليج، والدول الأخرى، ووفقاً لسقف ( الجمهورية اليمنية).
فلا يمكن لما يسمى " المجلس الانتقالي" أن يعبر عن طلعاتهم، لطالما أصبحت نشاطاته تناقض القضية الجنوبية برمتها، وقد يُصدمون يوماً من توجهاته السيئة. ولكنهم، يستطيعون اليوم فضحه أمام الرأي العام الجنوبي قبل فوات الأوان.
فإذا كان الجنوبيون، مع " الوحدة" فإنها تعني الإنصاف الكامل لكل أبنائه، وبقية أبناء اليمن، عموماً، وإن كانوا مع " الإنفصال"، فلا بد من موقف واضح، والإصرار عليه، وانتزاعه بشتى سبل مراحل النضال، الذي لايناقض أبجديات " فك الارتباط بوحدة 22 مايو". وهذا ماهو حاصل في مواقف " الانتقالي" المتناقضة، وفي العشرات من تصريحاته وبياناته السياسية، فبين عشية وضحاها، تجده مع " الانفصال" سرعان مايهرول إلى " الشرعية" فلا هو وقف معها، وأخلص لها، ولاهو تمسك بموقف الإنفصال، حتى وإن كان كلفة تضحياته باهظة.
لقد نجح أعداء اليمن، والمتمثل داخلياً، في مراكز تحالف قوى الهضبة الزيدية، وعلى رأسه " المؤتمر الشعبي العفاشي العام" من صناعة كيان " الانتقالي" لتنفيذ أجندته في الجنوب، فأتيحت للإنتقالي كل الامكانات، فعلناً يمارس سياسات لصالح القضية الجنوبية، بهدف كسب ثقة الشارع، فأوهم الجنوبيين بأنه يناضل من أجل الجنوب، وقد استطاع كسب شعبية واسعة، ولكنه ليس إلا أدوات بيد قوى محلية، وخليجية، بدليل أنه بدأ منذ تأسيسه، في المطالبة بفك الارتباط، لبث روح الطمأنينة لدى أنصاره، وهو ما حصل خلال السنوات الأخيرة، بضوء أخضر من الإمارات، الداعم الشامل له، حيث استطاعت قيادة " المجلس الانتقالي" أن تلعب أدوار الوطنية المزيفة، وأوهمت الشعب بأنها مع القضية الجنوبية، برفع سارية العلم الجنوبي، في مبانٍ حكومية، وفي أكثر من ثكنة عسكرية للإمارات.
لكن تلك الأعلام، ماهي إلا ضمن سيناريو الخديعة الكبرى للجنوبيين. ولو لم يكن "الانتقالي" جسداً هضبوياً زيدياً، لكان نجح في الإنفصال، رغماً عن المواقف الدولية، الرافضة لهذا التوجه.
ولعلَّ إعلان الحكومة اليمنية، فجر 7/17/ 2015م، تحرير محافظة عدن، من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله، يحمل أكثر من دلالة.
لقد تكشفت حقيقة الإنتقالي الجنوبي، التي لايزال الكثيرون يغفلونها، بل لايزالون يعيشون أوهاماً كبيرة، في كونه سيستعيد " الجنوب"، بعد مرور عامين على رحيل قوات جناحي الانقلابي ( عفاش- الحوثي) من عدن، وبقية محافظات جنوبية.
لكن ما حصل أن قوى أجنحة النظام السابق، استطاعت أن تحافظ على بقاء نفوذها العسكري في الجنوب، قبل وبعد تأسيس " الانتقالي"، لكي لاتفقد أهدافها النهبوية، فدفعت بذكاء ومكر سياسي، بالإمارات، البقاء هناك بيافطة "الإنسانية المصطنعة"، إذ قامت بدعم مشاريع شبه تربوية، وغيرها من المشاريع، ماجعلت الجنوبيين، في نظرها دولة قدِمت لتحقق أحلام " الانفصال"، وقد استطاعت أن تلعب على وتر هذه السياسة، فقوبلت بالترحيب، باعتبارها المنقذ لهم من قوى الهضبة الزيدية.
لكن ماحصل إنها - أي" الإمارات"، تمكنت من تسيير هذا المجلس، وفقاً لسياسية مرسومة، للحفاظ على طموحات " النظام العفاشي" والذي بدوره، عمل، وسيظل، يعمل على مايحقق طموحاته، والإمارات، مستقبلاً، في آن.
لاشك أن " الانتقالي" يمارس استخفافاً بالجنوبيين، ولم يعد له أي شرعية، إن جاز التعبير، لطالما صار يخدم أجندة قوى الهضبة الزيدية، ولو لم يكن هذا المجلس أداة بيد الإمارات، لتمكن من تحقيق أمنية الجنوبين في " الانفصال".
------------
المقال حصري بـ" الموقع بوست".