بعد ان هرولة الحكومة الشرعية لمارثون المفاوضات منذ أول عام في الحرب وكان مآلاتها الفشل ، الذي كان آخرها مفاوضات السويد والتي انتجت حالة اللا حرب واللاسلم ، وكبلت الشرعية اكثر وسرعت في الانقلاب الناعم الثاني في عدن .
تهامة تعاني الامرين وتعز تحت الحصار المزدود لعدوان الداخل والخارج بينما الحكومة الشرعية تقف موقف " المتفرج اللبيب" ! وكأن الأمر لا يعنيها .. ثلاث جولات من المفاوضات خلال سنوات الحرب نتائجها تزيد الشرعية وهن على وهن وتجذر الحوثي على خلفية تخاذل التحالف ، وكأن لسان حال التحالف اقبلوا بالحوثي.
اليوم يجني الشعب اليمني الفشل العسكري والسياسي لقيادته وأحزابه المرتهنة الى جانب الاحزاب المرتهنة كحزب الاصلاح الذي وضع البيض كله في سلة السعودية فلا كسب بلح الشام ولا عنب اليمن . اما المؤتمر فحدث ولا حرج فهذا الحزب المشرذم بين مؤتمر صنعاء ومؤتمر الشرعية ومرتمر الامارات غدا حصان طرواده لكنه حصان ميت منذ تسع سنوات وليس بفعل مشاركته في الانقلاب والتسبب فيما نحن فيه .
اللافت بل ومن سخرية الاقدار ولكل لبيب انه ينذهل لترتيبات اقليمية مشبوهة لتدوير الدولة العميقة بنفس الادوات التي دمرت بها اليمن لاربعة عقود مضت ، سواء الاطراف المحلية المؤتمر او الاقليمية طرفي التحالف السعودية والامارات ، ولسان حال هذه الاطراف كما قال الشاعر ابو نواس:
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
بعد نحو خمس سنوات من تدمير اليمن من قبل التحالف والذي شن هذه الحرب بمسوغ استعادة الشرعية فاذا هو يستنسخ انقلاب مستحدث آخر من اجل تجذر الانقلاب الرئيسي .
مثلما فرض الحوثي نفسه كأمر واقع واجبر العدوان السعودي الاعتراف به فأن انقلاب الانتقالي المستنسخ قوي بغيره أي بالتحالف الذي يفترض انه مع الشرعية ، فكيف يكون مع الشرعية وضدها في آن واحد !
بعد خمس سنوات من الدمار الوزير السعودي الجبير يصرح :
ستتم التسوية السياسية باشتراك الحوثيين ..والسؤل لماذا الحرب اذا ؟
يأتي هذا التصريح على خلفية حمى مفاوضات في المشهد اليمني والإقليمي فقطر تفاوض السعودية بمعزل عن الإمارات ، بعد ان تفاوضت الامارات مع إيران تتفاوض مع الحوثي بمعزل عن السعودية وهذه الأخيرة تتفاوض أيضا مع الحوثي بمعزل عن الإمارات .
وإيران تتفاوض مع الولايات المتحدة وقد تتفاوض مع السعودية . الكل يفاوض الكل ضد اليمن .. بداهة كل هذا يجعل من الحكومة الشرعية تتأكل فيما يخص بالملف اليمني ،الذي يدفع الشعب اليمني الامرين منذ سقوط صنعاء ، التفاوض الاخير المسموح للحكومة الشرعية هو فقط من اجل شرعنة الانقلاب المستنسخ على حساب مصيرها ، هذا الانقلاب الذي فرض نفسه ليس بجماهيره ولا بعدالة قضيته ولكن بالاستقوا بالتحالف الذي يفترض ان الشرعية تستقوي به ، وكأن الشرعية فقط لشرعنة هذه الحرب.
المشهد اليمني للأسف غدا برؤية ضبابية واصعب من الكلمات المتقاطعة لأنه ينتهي بمصالح اقليمية متداخلة ومتقاطعة.
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية