رُبّ ضارة نافعة ... ولكن ؟ تداعيات ماعُرف ب "جانحة كورونا" حسب الوصف الأممي لهذا الوباء الفتاك فأنه بالنسبة لتداعيات الحرب في اليمن سيكون سلاح ذو حدين ، بمعنى قد يسرع بأن تضع هذه الحرب اوزارها .. ولكن وفق أي اسس ومعايير ؟
في الأيام الأخيرة تفاعلة جملة عوامل ذاتية وموضوعية هيأت لضغوطات الإدارة الامريكية وجهود الأمم المتحدة ورغبة جامحة من موقف المتورط بالنسبة لدول التحالف في اغلاق ملف اليمن ولكن بأقل الخسائر وماء الوجه مستغلين حالة اليأس والقنوط التي طبعت المزاج اليمني خلال يوميات الحرب لاكثر من خمس سنوات ورغبة اليمنيين في ايقاف هذه الحرب العبثية التي غدت بلا افق وبأنها تهدف لتمكين الحوثي في نهاية المطاف متزامنا مع ترتيبات للانفصال في افضل الاحوال ان لم يكن هناك استمرار للتشرذم الحالي فواقع الحال يؤكد انه اكثر من طرف غدا امرا واقعا الى جانب انقلاب الحوثي والمستنسخ في عدن هناك مرتزقة الساحل الغربي وقوات سعودية في شرق اليمن وجيش وطني في مارب.
منذ اكثر من عام والسعودية تحلم بوقف الحرب بأقل الخسائر الممكنة وبما يحفظ ماء الوجه لانها في كل الاحوال خسرت سمعتها واموالها التي استنزفت لخمس سنوات فلو انفقت اقل من عشره في المئة لمساعدة اليمن سوا قبل الحرب او بدايتها لكان الحال افضل ، ويكفي انه لو توقفت عن سياستها المبهمة التي تختلف عن وضوح الامارات.
تستغل السعودية تداعيات كرونا للخروج بما الوجه متذرعة بتفاصيل انسانية وضغوطات المجتمع الدولي مثلما استغلت الامارات مخاوف العالم من جانحة كورونا فأنها بدأت تسوق لسياستها تحت هذه اللافته.
فقد عززت تواصلها مع نظام الاسد الذي نلكت بشعبه لعدة سنوات ومؤخرا عادت سفارتها وكذلك غزل على خلفية كورونا.
بداهة وفق هذه الرؤية والنوايا المفوضحة ستستغل " كرونا" في حرب اليمن لإضفاء صبغة انسانية لانها هذه الحرب وترتيبات مستقبلية.
لعل أقذر مسوغات السياسي هي المتاجرة بدموع وألام الجماهير ، واستغلالهِ القضايا الانسانية لغايات سياسية وأهداف حزبية آنية ، وهو الأمر نفسه لدى الإعلامي والذي هو ذراع هذا السياسي للوصول بصورة مشوهة للرأي العام بالتدليس وقلب الحقائق ليبرر ويسوغ لهذا السياسي ، وقد ذكر أبو الأحرار الشهيد الزبيري في روايته الشهيرة مأساة واق الواق وصلاة في الجحيم « هذه الرواية تسجيلا تاريخيا عن قضية بلاده أثناء حكم الإمامة بأسلوب طغى فيه الخيال على الواقع ومتأثرا بأفكار افلاطون والفارابي وفرانسيس بيكون وغيرهم من فلاسفة الشرق والغرب عن المدينة الفاضلة» بأنه شاهد هؤلاء المدلسين والذين هم في هيئة نشطا سياسيين او قانونيين وإعلاميين هم أول من دخلوا الجحيم..!
مسوغات واقع الحال تشير الى ن هذا العام قد يكون اخر سنوات الحرب ولن تأتي ذكرى الحرب في مارس القادم 2021 الا وقد اصبح العالم معترفا بسلطة جديدة في صنعاء قوامها الحوثي بقوته العسكرية ونفوذه الذي رسخة بفضل دول التحالف اكثر من ايران نفسها.
لن يكون الحوثي الثلث المعطل كما في لبنان بل الكل المعطل وفي افضل الاحوال ثلثي السلطة او حتى نصفها لميلشيا الحوثي والنصف الاخر بقية القوى السياسية ومن ضمنها الحكومة الشرعية لكن سيكون هذا نظريا وعمليا كل السلطة للامامة الجديدة حتماً في حال انتشر الوباء في اليمن لا سمح الله فأنها سيفرز واقع جديد .. لصالح من ؟ الله اعلم فبضل الانقلاب على الدولة اصبحت الامم تتكالب على اليمن كما يتكالب الاكله على قصعتها.
الاطراف كلها المحلية والاقليمية تتشبث بذريعة الجانب الانساني على خلفية احتمال انتشار فيروس كرونا في اليمن فتحاول ان تخرج بأقل الخسائر وبتحقيق ما ترنوا اليه بغض النظر عن الابعاد الانسانية من حلول مستغلة الضغوط الدولية والشعبية بهذا السياق ولسان حال المواطن كفو عن هذه الحرب : مجرد انتهاء الحرب مهما كانت النتائج لها يعتبر نصراً لانها غدت بلا هدف وافق .. ويحكمنا من حكم وتكون النتائج كما تكون فالامراض الفتاكة وآفة المجاعة والعوز امامنا وحرب مدمرة بدون هدف خلفنا نواجهها منذ اكثر من خمس سنوات والتي له وجهين عدو داخلي وعدو خارجي عرباً قبل ان يكونوا عجم!
* كاتب يمني وسفير في الخارجية