نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية خبرا مثيرا عن إصابة 150 أميرا وأميرة من الأسرة الحاكمة في السعودية بفيروس كورونا.
وتناقلت مختلف الوسائل الاعلامية الخبر كونه نشر في أهم وسيلة عالمية، خاصة وقد اعتاد بعض أفراد الأسرة المالكة في السعودية تسريب أهم الاخبار المتعلقة بكواليس الحكم في المملكة إلى الصحافة الأمريكية.
جاءت تعليقات المتابعين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي على الخبر بالشكل التالي: لقد قرر بن سلمان التخلص من خصومه دفعة واحدة بتهمة كورونا.
لم يكن التوقع المفزع من دون أساس، فقبل أسابيع نشرت الصحافة الأمريكية أيضا بأن ولي العهد السعودي شن حملة اعتقالات جديدة لخصوم آخرين في القصر الملكي أبرزهم الأمير أحمد بن عبد العزيز وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف.
وأشارت التقارير إلى ان حملة الاعتقالات جاءت على خلفية عملية انقلاب مزعوم. ولا يعرف مصير المعتقلين حتى الآن.
كان الأمير أحمد ينتظر دوره في تسلسل الحكم الهرمي لأبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود قبل ان ينقض الملك سلمان ونجله على هذه العادة والاجماع الذي توارثته الأسرة على مدى أكثر من نصف قرن.
أما الأمير محمد بن نايف فقد أقصاه الملك سلمان من ولاية العهد في يونيو 2017 وعين نجله بدلا عنه. وظهر حينها محمد بن سلمان وهو يتصنع الخضوع والطاعة المطلقة للأمير المقال حد الركوع لتقبيل ركبه. لكنه لا حقا لم يتورع عن احتجازه مع مئات من الأمراء ورجال الأعمال في حادثة "الريتز كارلتون" الشهيرة.
الحقيقة، كانت عملية عزل محكمة لتطلعات الخصوم المحتملين لمنازعته العرش.
وفي أكتوبر 2018، تخلص بن سلمان من الصحفي المعارض جمال خاشقي عبر عملية قتل وتصفية وحشية داخل القنصلية السعودية في اسطنبول التركية، لكن مع ذلك لا تؤشر أيا من هذه الحوادث على أننا أمام "مملكة سليمانية" وشيكة وجاهزة.
لا يزال مستقبل الحكم محفوف بالمخاطر، وهذه العمليات المتكررة من الاعتقالات تدلل على أن هناك حركة معارضة مكتومة ومقموعة.
كانت البيعة والاجماع والولاء هي الطريقة المثلى لعملية انتقال الحكم بسلاسة بين أنجال الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود. وتعد إجراءات الملك سلمان ونجله الأخيرة انقلابا غير مسبوق في تقاليد الأسرة.
حتى الآن، نجح بن سلمان في تحييد دور السلطة الدينية عن التدخل في شؤون الحكم تماما. كان الرجوع لهذه المؤسسة تقليد متوارث وملزم في كل صغيرة وكبيرة.
يصاب المرء بالدهشة حين يعلم بأن حادثة احتلال جهيمان العتيبي الكعبة المشرفة والتمترس داخلها بالسلاح نهاية العام 1979م، تطلبت فتوى ضرورية من المؤسسة الدينية قبل التحرك لانقاذ بيت الله من الاختطاف.
وفي طريقه لتأسيس مملكته الخاصة، قمع بن سلمان تيار آخر ضمن هذه المؤسسة المعروف بتيار الصحوة لأنه يشكل عقبة غير مطواعة في طريقه إلى العرش.
أما الطريق الآخر الممهور بالدماء وأشلاء الضحايا، فكان اليمن الذي يدخل عامه السادس من الحرب المدمرة.
أراد بن سلمان أن يثبت شكيمته وجدارته بتولي العرش عبر تدمير مقومات بلد حاول تلمس طريقه للحرية والديمقراطية الحقيقية.
لكنه في الحقيقة يقامر بمستقبل المملكة. ربما يأمن معارضيه في داخل المملكة بسلسلة الاجراءات القمعية المستمرة بعض الوقت. غير ان الفوضى قد تأتيه من الخارج خاصة بعد احاطة ملكه بتهديدات كثيرة.
ثمة هجمات متواصلة للصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والتي أصابت أهم شريان يغذي ديمومة الملك وهو قطاع النفط في المنطقة الشرقية.
لقد دفعت هجمات سبتمبر الماضي السعودية إلى إجراء حوارات متواصلة مع مليشيا الحوثي لوقف الحرب. لكن مثل كل مرة. هل مثل هذه التفاهمات المؤقتة ستجنب السعودية المخاطر المحتملة؟.
نعلم ان الجواب لا خاصة ان المخاطر المقصودة ليست من الحوثيين فحسب بعد أن طوقت سياسة بن سلمان السعودية بكمية وافرة من الكراهية في داخل البلد وخارجه.