عبدالوهاب العمراني

عبدالوهاب العمراني

كاتب يمني سفير في وزارة الخارجية اليمنية

كل الكتابات
اليمن بين مدافع الإمارات ومدافع آية الله .. سقطرى نموذجاً
الجمعة, 01 مايو, 2020 - 05:59 مساءً

يبدو ان جزيرة سقطرة قد سقطت أو اوشكت على السقوط لهذا مصير الجزيرة والجنوب عموماً بل واليمن في يد التحالف ان شاء تستقر الأوضاع وان شاء وحد اليمن وان شاء قسم اليمن او شرذمة طالما قد رهنت الشرعية قرارها بكونها أسيرة التحالف لأكثر من خمس سنوات خارج اليمن ، ولا تستطيع العودة لثلثي اليمن " المحرر" !
 
اعنف معارك دارت منذ صباح الجمعة في الاول من مايو في الجزيرة الوادعة سقطرة ، بين قوات الجيش اليمني ومسلحي المجلس الانتقالي الانفصالي ، وصحى اهالي العاصمة حديبوا على اصوات المدافع الاماراتية لاقالة محروس وتعيين شخص موالي لابوظبي .
 
وكان مستشار الرئيس ورئيس الوزراء السابق أحمد بن دغر قد وجه في وقت سابق نداء عاجلا للسعودية ولرئيس الجمهورية ونائبه ولرئيس الوزراء بالتدخل العاجل لوقف المعارك في محافظة وجزيرة سقطرى. بينما اكتفت الحكومة رسميا بمناشد السعودية بالتدخل وعلى خلفية مداخلة الكاتب انيس منصور بأن الانتقالي يغازل روسيا للتدخل مقابل وعود بامتيازات في الجزيرة وعدن ونكاية بالسعودية وكأنه فضح حكومة الشرعية بأنها تخشى تدويل القضية الجنوبية بواسطة ابرز اعضاء مجلس الامن روسيا بدلا من كانت قضية اقليمية وخاصة ان ايران حليفه لروسيا وبهذا يتماهى كلا من الامارات وروسيا وإيران في جزئية ما يسمى بالقضية الجنوبية وما كان من الحكومة الشرعية الا ان تبعث برسالة اعتذار للسعودية تتبراء من ان انيس منصور ليس مسؤل اعلامي بالسفارة اليمنية بالرياض ، وبدلا من ان تبرر السعودية صمتها تعتذر الحكومة الشرعية للسعودية ، وتتبرا من كل من ينتقد التحالف ، تماما مثل الميسري والجبواني وغيرهم.
 
وفي هذا السياق قال بن دغر في تغريدة عبر حسابه على تويتر ، إنه في السابعة والنصف صباحاً أكد له محافظ سقطرى إندلاع القتال وبكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في جزيرة سقطرى بصورة لم يسبق له مثيل في تاريخ الجزيرة ، بعد أن تمكنت قوات الانتقالي الجنوبي من السيطرة على اللواء يحاولون الآن السيطرة على العاصمة حديبوهدد ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، قيادة القوات السعودية بـ"إجراءات صارمة" في حال لم تتدخل تلك القوات لإزالة استحداثات عسكرية في سقطرى، وحملها كل ما يحصل في محافظة الأرخبيل.
 
 وفي رسالة تهديد من الانتقالي للحكومة السعودية تحدثت الرسالة عن ما سماها حشود ومظاهرات تطالب الرئيس هادي إقالة من وصفته الرسالة بـ"المحافظ الاخواني رمزي محروس" الذي قالت أنه قام باستحداث نقاط عسكرية على مداخل ومخارج شوارع عاصمة المحافظة حديبو. وهذه أول مرة يخاطب فيها "الانتقالي" القوات السعودية التي تتواجد في أكثر من منطقة ، يُذكر بأنه أي الخلاف السعودي مع الانتقالي فقط إعلاميا لكنه على الواقع تماهي مع تطلعات طرفي التحالف واختلاف فقط في الاسلوب وتطابق في الهدف وهي شرذمة اليمن وتقسيمه لاربعة كيانات هي الحاصلة عمليا ، وتجذر الحوثي ، وبداهة هي أهداف تختلف كليا عن مسوغات تدخل التحالف في هذه الحرب التي دمرت اليمن بإسم استعادة الشرعية.
 
يُلاحظ اغلب جيش التحالف في المناطق المحررة ، واكثر بؤر الصراع هي في هذه المناطق المحررة ومنها سقطرة التي تبعد مئات الكيلومترات من سواحل اليمن وليس من اقرب نفوذ للحوثيين .
 
اللافت ان الشرعية لا تحرك ساكن تجاه التدخل الفج والعدوان السافر ، يتسائل الكثيرون لماذا تضل الشرعية ساكتة ؟
ولماذا لا تقطع العلاقات طالما ان الشرعية  في حالة حرب مع الامارات باعتراف الشرعية نفسها بكثرة الشكوى من تصرف الامارات عن طريق ادواته الانتقالي .
 
في هذه الحالة الشرعية لم تعد شرعية لانها لم تحافظ على مصلحة الشعب في قوتهم وفي الدواء ومواجهة فيروس كورونا واضرار السيول ونحو مليون بدون مرتبات لاربع سنوات ، ودمار في كل مكان وربما ما دمره التحالف اكثر مما قصفه الحوثي ومع ذلك تدمير اليمن بمسوغ استعادة الدولة والشرعية وهي لم تستطع ان تعود لما يسمى بال80% من المناطق المحررة !
 
في حال سقطت سقطرة ليست اكثر اهمية من شبوه الاكثر مساحة والاغنى ثروة سقطرة التي تساوي مساحتها خمسة اضعاف مساحة دولة البحرين وقبل ايام سقطت محافظة الجوف التي تبلغ مساحة لبنان واربعين مرة مساحة البحرين.
 
التحالف لا يسعى فقط لتقسيم اليمن بل لشرذمته وفي افضل الاحوال تقسيمه لكن بعد حالة من التشرذم والحروب الداخلية التي ستعقب انتهاء هذه الحرب.
 
فهذه الحرب ستنتهي حتماً كأي حرب ولكن حسب شروط المنتصر والمهزوم هنا التحالف والشرعية.
 
وليس هنا افق امل لانتصار خصوم الحوثيين فاذا كان هناك نوايا طيبة كما هو في مسوغ تدخل التحالف لاستعادة الشرعية فكان يفترض في العام الاول للحرب بعد بضعة اسابيع من تحرير عدن ولأن الشئ بالشئ يذكر فالشرعية وشرعية الحكم والحاكم ، كلمات تردد في الإعلام العربي واليمني على وجه الخصوص ، الشرعية في الجملة أحد المفاهيم الأساسية في علم السياسة  في عصرنا الحالي ، وباعتبارها الرضا أو القبول العام للنظام السياسي كونها موافقة الشعب الخاضع لسلطة معينة على ارض بلداً معينا بنظام معترف به دوليا حسب مسوغات قيام الدول من اقليم " ارض" وشعب وسلطة واعتراف دولي ولو اسقطنا هذه الشروط القانونية فهادي انتخب لفترة معينة انتهت قبل نحو خمس سنوات ، وحاليا بعد اكثر من خمس سنوات على سقوط صنعاء وهذه الحرب لم يعد هناك رضاء شعبي بل اقليمي وعربي تحديداً الأمر الاخطر لم تعد هذه الشرعية داخل " الاقليم" أي الارض . ويبقى ان يعترف العالم بانقلابي صنعاء وعدن وانذاك تنتهي كل الشروط للشرعية وهي مسألة وقت ليس إلا !
 
في كتابه "روح القوانين" وهو الكتاب الاشهر في الفكر السياسي الغربي يفرق مونتسكيو بين القانون كنصوص مجردة وقيم نظرية افتراضية وبين تطبيق روح القانون وجوهرة ، ومن ذلك نستلهم مدى اخطاء العرب حُكاماً وحكومين ، ومنهم الراي العام في اليمن في التفريق بين قيم الوطنية التي غدت مجرد شعارات نتغنى بها وبين الواقع المعاش والملموس الذي لا يتناغم مع روح تلك القيم .!
 
يعتقد الحراك بأن الانفصال مقابل التنازل عن سقطرة ومن هنا يُفسر مسوغاتهم لتصرف الامارات في الجزيرة والجنوب عموما .. وفي المقابل يعتقد الحوثي أيضا بأن انفصال الجنوب برمته يصب في صالحة فيمكنه من ادارة الشمال بأريحية مع انه سيضل اقلية داخل اقلية حتى بعد الانفصال لان سكان ازال ليسوا كلهم حوثة ، وهم بأحلام العصافير هذه امتداد لرؤية مؤيدي وانصار زعيم الفساد فهو الذي ارسى مسمار ارتهان اليمن للاقليم ، وبسبب سياسته بتنميط اليمن في نظر الغرب برؤية أمنية وكأنه بؤرة ارهاب معتقدا بأن ذلك سيدعمه في سلطته غير مدرك توابعها لاحقاً فبدلا من رؤية المجتمع الدولي لليمن بنظرة تنموية فقط من زاوية امنية وجعل من اليمن مكانا لمقارعة القاعدة نيابة عن حكام الخليج . وفي هذا تتماهى رؤى كلاً من الامارات وإيران وإلى حد ما السعودية لهذا التصور مع ان امن المملكة الاقليمي مع يمن موحد متجانس قوي فهو عمق استراتيجي للجزيرة العربية قاطبة ..
 
العرب والعجم يتقاسمون النفوذ لاستعادة الحدود الشطرية !
 
* كاتب يمني وسفير في الخارجية
 

التعليقات