واقعنا المختل
الخميس, 14 مايو, 2020 - 01:57 مساءً

لا يكفي أن تكون ضد الحوثيين؛ كي تنال صفة مناضل جدير بالإحترام، ولا يكفي أن يعتدون عليك؛ كي تغدو مقبولًا، أو تكتسب حسًّا نبيهًا وتتخلص من سذاجتك.. ستظل غبيّا من قبل القمع ومن بعد، قد يتعاطف معك الناس لكونك تعرضت للظلم، لكن أحدا غير قادر على إحتمال تفاهتك فيما بعد أو تحريرك من بلادتك وإرغام نفسه على تقبلك..إنها غبية بشكل مستفز ولا يمكن لأحد أن يجادل على ذلك..ذلك النوع من الغباء الواضح دونما حاجة لشرح.
 
حسنًا يا رفاق، وجود التفاهة في حياتنا أمر مهم، إننا نخطئ كثيرًا حين نتضايق منها، لا أدري من أقنعنا أن كل شيء في الحياة يجب أن يكون جيّدًا؛ كي ينال إعجابنا وإحترامنا.
 
الأشخاص التافهون، الأفكار الساذجة، الأغاني الرديئة، النصوص المبتذلة، قصائد الشاعر عظيمان وفيديوهات "إبتسام أبو دنيا"
كل هذه الأشياء الباعثة للنفور تلعب دورًا مهمًا في تجديد معيارية الحياة لدينا، وبدونها سيحدث إختلال فادح في قدرتنا على إطلاق الأحكام على الأخرين وفرز ما هو جيد وردئ في ميزان القيمة والمعنى.
 
أعرف أنها امرأة باردة الحضور ولا تشكل أي حالة ملفتة، هي لا تتضمن أي أفكار ملهمة بذاتها، ولكنها تمثل نموذج يكشف فداحة واقعنا المختل.. صورة واقعية تجسد ذروة المهزلة في معسكر الشرعية ونماذجها التي تحظى بالرعاية والحفاوة.
 
أنا لا أتردد أبدًا في التوقف عند كل مظاهر الحياة الشاذة، لا أبخل عليها بالوقت وأرى أن تجاوزها هو حرمان للوعي من فوائد التفاهة. التفاهة كحالة حيّة ومتجسدة في شخص ما، امرأة ما، "إبتسام" وهي تدفعك للبكاء والرثاء على حال الشرعية.
 
إبتسام أبو دنيا: لا أعلم ما إذا كان هذا لقبها الموروث أم اسم الشهرة الذي اختارته لنفسها، مذ سمعت عنها والسؤال يدور في رأسي، لماذا اسمها: إبتسام أبو دنيا وليس " أم دنيا " هل هي رجل أم أنثى، متزوجة أم عازبة، هل لديها ابنة اسمها "دنيا" أم أن هذا اسم مسبق لحلم تنتظر تحققه..؟ وهو ما دفع رجالات الشرعية للتسابق على استضافتها.
 
أعلم أن هذه تساؤلات شخصيّة؛ لكني أظنها مشروعة وقد تمنحنا جوابًا، عن السؤال المحيّر، ما هو الإمتياز الذي تملكه هذه المرأة والسرّ الذي دفع بها للواجهة..؟ من غير الجيد أن نتجنب البحث عن تفاصيل خاصة في سياق رغبتنا بتفسير شخصية عامة، مثيرة للضحك، وفيها الكثير من الهبالة الملهمة.
 
أشاهدها تتحدث وأقول في نفسي: ما الذي يدفع الشرعية لإحتضان شخصية فارغة كإبتسام أبو دنيا، ما هي الإضافة التي تمثلها هذه المخلوقة بالنسبة لقضية استرداد الدولة، ما هو المعنى الذي تمنحه للنضال المشرف، أليس ثمة عشرات ومئات الدكاترة والمثقفين والمناضلين، عاطلين في بيوتهم وحياتهم مدمرة، وهم أولى بالإلتفاتة والإحتواء من هذه المرأة المهبولة..؟
 
هل ثمة عدل في أن ينام دكتورا في صنعاء محاصر بمطالب الإيجار، وتسترخي إبتسام في إحدى شقق الرياض على سرير وثير محاطة بكل وسائل الراحة والأمان، فارغة وتستغل وقتها في تلويث الفضاء العام..؟
 
إن إحدى أسباب التيه الذي تعيشه الشرعية هو اتكاءها على العكاكيز المنخورة، عقدها صفقات مشبوهة مع النطيحة والمتردية وما أكل السبع.
 
إبتسام أبو دنيا نموذج لطريقة اشتغال الشرعية، حيث تفتح ميناءها؛ لامرأة أشبه بباخرة معطوبة وتمنحها الوقود والمرفأ ثم تعتقد أنها ستبحر وستصل بنا للشطء، فيما هي تسهم في عزوف الركاب عنها ويتعالى صراخ الناس: ما هذا العبث الذي يجري، أوقفوا هذه الباخرة عن الحديث، نريد النزول هنا، فالرحلة فاسدة والقبطان مثيرون للإشمئزاز ولا حاجة لنا لمواصلة السير في قارب إحدى راكبيه، إبتسام أبو دنيا ويسير بنا نحو الهاوية.
 

التعليقات