حتى ملامح وجهه تبعث التشاؤم في نفس كل إنسان سويّ، هذا البلطجي المعمم بالدجل، يفتي اليوم بقتل الجنوبيين بلغة صريحة ووقحة، لا تترك أي مجال للتأويل.لم أشاهد رجل دين بصفاقة هذا الرجل وخفته.
يقال أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يوجد فيه رجال دين وسطاء بين الله والناس، كما لم يمنح الله صلاحيته لأحد في تقرير مصير العباد ولا حتى للأنبياء أنفسهم؛ لكن ثمة دجالين كثر من عباده، تجرأوا على منازعة الله في هذه المهمة، دراويش نذروا أنفسهم لطمأنة القتلة من أولياء نعمتهم، يلعقون دم الضحايا ليوارو سوءة الجلاد..ولا يكترثون لعواقب الفضيحة.
بن بريك هو النسخة المتفسخة من الكهنة القدامى، فيما مضى من الزمان، كان رجال الدين المتطرفين أقل خفة من هذا الكائن، كانوا متوحشين؛ لكنهم يحتفظوا بقدر من الرزانة في أحاديثهم وفتواهم، يحرصون على صياغة مواقفهم بلغة فيها قدر من الإلتواء والتحايل على نصوص الشرع.
إلا أن هذا الرجل، لم يكلف نفسه بحباكة فتوى تلتزم بالسرد الشكلي لمصفوفة الأدلة والبراهين التي تمهد لفتواه وتسندها_ مهما كانت مغلوطة_ تعامل على طريقة موظفي المطاعم السفري، واكتفي بسلق الفتوى ع طريقة الدراويش المتخففين من أي ضابط معرفي أو إحساس أخلاقي بخطورة ما يقول…بربكم هل هذا رجل دين يدرك قيمة النفس البشرية في روح الشرع، أم مرافق جزار يعمل في سوق لسلخ النعاج.
مهما بلغ إنحطاط الرموز من مختلف المشارب، يظل إنحطاط الرجل المتمسح بالدين أكثر شناعة، إنه لا يمارس سفالته باسم القناعات البشرية الوضعية والقابلة للصواب والخطأ؛ إنما يلبسها رداء القداسة السماوي، وهو بهذا لا يدنس نفسه المنحطة فحسب، بل يقامر بتلطيخ المقدس المتعالي.
أعلم أن الله متعالي عن سفاهة بعض مخلوقاته أمثال بن بريك، لكن حين يقدم المرء منهم نفسه كناطق باسم الله، مقررا المصير المستحق للعباد الذين يخالفونه، فهو يلحق الأذئ بأهم مصادر القداسة في حياة الناس، دون أن يشعر بالخجل أو يتساقط لحم وجهه.
لا تفقدوا حماستكم في السخرية من هذه الوجوه السافلة، أهينوهم بكل الطرق الممكنة؛ كي يعرفوا أن زمن الضلالة ولى وأن هناك جيل يقظ ومتمرد حتى النخاع، لم تعد أحاديث الكهنة تستفز فيهم حس الرهبة بقدر ما توقظ فيهم إحساس عارم بالتهكم والسخرية وكثير من اللعنات.