لا تزال معركة أبين تراوح مكانها بين الكر والفر في مناطق قرن الكلاسي وجبل سيود ومنطقة الشيخ سالم على مقربة من زنجبار عاصمة المحافظة.
وفيما تشير مصادر متعددة إلى تقدم ملحوظ لقوات الجيش خلال اليومين الماضيين، إلا ان أفق المعركة غير واضح المعالم حتى الآن.
وتؤكد القيادات العسكرية الميدانية للجيش عزمها على استعادة المحافظة بالكامل من عناصر الانتقالي والتقدم صوب العاصمة المؤقتة عدن.
لكن، يبدو ان المعركة كسابقاتها واحدة من حروب الاستنزاف التي أرادها التحالف بقيادة السعودية لكسر الجيش اليمني.
ومنذ توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات في بداية نوفمبر الماضي، لا شيْ تغير على الأرض.
رغم أن الاتفاق يشير إلى بنود رئيسية لتنفيذه خلال أيام فقط. كان واضحا أنه ولد ميتا وغير منطقي في مدته الزمنية.
وبالعكس، صعد المجلس الانتقالي لهجته السياسية وتواجده في الميدان، وأعلن في خطاب حرب من عاصمة الإمارات ما اعتبره "الادارة الذاتية للجنوب".
كما شهدت جزيرة سقطرى تمردات متكررة تقوم بها قيادات عسكرية مرتبطة بالمجلس الانتقالي.
وإذ فتحت معركة أبين، بابا آخر للتساؤلات بشأن الوجهة القادمة لقوات الجيش. لكن يبدو أن عدن لاتزال بعيدة عن القرار السياسي للتحالف.
وبدت تصريحات رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، ونائبه، هاني بن بريك، أكثر تحديا لأي محاولات حقيقية لتنفيذ اتفاق الرياض أو حتى التراجع عن "الادارة الذاتية".
وتصدر تصريحاتهما من عاصمة الإمارات أبو ظبي والتي سبق وان أعلنت خروج قواتها من اليمن.
وفيما تركت المهام للسعودية. غير ان الاعلان المخاتل، لم ينطلي على أحد من المراقبين بعد تدريب الإمارات ورعايتها مليشيا وقوات عسكرية موازية للجيش الشرعي.
كما ان الرهان على تباين الأجندة بين الرياض وأبو ظبي فشل في كل مرة أمام حقائق الواقع المر.
وتدفع قوات الجيش ثمن هذا الواقع من معنويات جنودها في معركة جديدة من الواضح أنها تهدف لإستنزافها في صحراء أبين.
وتقابل السعودية مخاطر التهديدات التي تواجه أمنها القومي والملاحة الدولية بعدم اكتراث أو مطالبات ناعمة من المجلس الانتقالي.
آخر هذه التهديدات، ما تعرضت له سفينة تجارية بريطانية من أعمال قرصنة قبالة سواحل اليمن، وهو ما دفع التحالف إلى اتهام المجلس الانتقالي بمنع قوات خفر السواحل اليمنية من أداء مهامها العملياتية.
وقال مصدر مسؤول في التحالف إن المجلس الانتقالي لم يتجاوب مع قيادة التحالف بشأن استمرار عمل قوات خفر السواحل اليمنية.
ومع خطورة ما تشكله ملشنة الملاحة البحرية، وترك المجال لعودة عمليات القرصنة واستمرار تهريب السلاح لجماعات التمرد.
بدا نائب رئيس المجلس الانتقالي، هاني بن بريك، كعادته متحديا بالقول "سواحلنا لن نسلمها لأمراء الجماعات الإرهابية في الحكومة الشرعية"، حسب تعبيره.
وذهب إلى أبعد من ذلك بإصدار ما اعتبرها فتوى لإستحلال دماء الجيش اليمني الذين اعتبرهم معتدين على أرض الجنوب.
وتعد هذه نغمة أثيرة لقيادات المجلس الانتقالي لحشد الجهود في مواجهة قوات الجيش.
وبشكل مستمر، تعاد صورة حرب صيف 94م إلى الأذهان الجنوبية تارة، فيما يوصم الجيش بأنه تابع للإخوان، تارة أخرى.
كل ذلك، يجري بهدف حرف معركة أبين كما غيرها من المعارك عن مساراتها الصحيحة برعاية إماراتية وتواطؤ سعودي واضح.