من يتابع تطورات الحرب في ليبيا ومقارنة ما جرى ويجري في المشهد الليبي مع ما آلت اليه تطورات الحرب في اليمن يلاحظ جملة من الفوارق، لان شرعية ليبيا تحارب المتمردين من داخل الوطن وليست رهينة في الخارج كما في الحالة اليمنية ، فأنها مطلقة الحرية في اختيار وتنوع الحلفاء ولم تضع البيض في سلة واحدة كما فعلت الشرعية اليمنية.
فبينما كان الحليف التركي أمينا ووفياً كان حليف اليمني ليس فقط تحول لوسيط فقط عند محاولات الحسم وهو أقل شئ الموقف الحيادي بل وصلت لقصف بالطيران بعضها يعترفون انه متعمد واخرى ما اصطلح به ب " نيران صديقة"
عداء التحالف ضد الشرعية ليس فقط بالأفعال بل وحتى إعلامياً واللافت ان الشرعية لا تحرك ساكن ولا تتصرف بما يمليه الدستور والمصلحة اليمنية في حين تم إخراج قطر بجرة قلم .
تتبجح النخب السياسية والإعلاميين المقربة من صانعي القرار في دولتي التحالف بالعداء للشرعية ولليمن وفي المقابل تشيد بدور الانقلابيين ، وكانت السعودية تتحفظ في بعض التفاصيل وغداة سقوط سقطرة اتضحت الرؤية لأول مرة تفضح نفسها لمن بقى من اليمنيين يظن خيرا بالسعودية التي هي أسوا من الإمارات التي عرفت بالوضوح والعداء السافر.
بعد الانتصارات الليبية الأخيرة ضد المتمرد حفتر يصرحون بأن حفتر مجرم حرب وكلفت حكومة طرابلس سفيرها في الامم المتحدة باعداد ملف بوثائق يدين حفتر لمحاكمته دوليا .. وصرحت اكثر من مرة بأنه ليس له مكان في مستقبل التسوية في حين تتصرف شرعية اليمن عكس ذلك فمن تمرد تحاول شرعنته بداء من اتفاق السلم والشراكة وليس انتهاء بالانتقالي ربما مستقبلا تتوسط السعودية بين الشرعية قائد جبهة الساحل الغربي ليكون له حصة في تسوية قادمة .
من أخطاء الحكومة الشرعية والتحالف هو إيهام طرفي الانقلاب الحوثي شمالا ومؤخراً انقلاب " الانتقالي" جنوبا بعد شرعنة الانقلاب المستنسخ بدعم التحالف. وذلك بوعدهم بنصيب في كعكة السلطة مهما فعلوا وعليه فأنهم لا يلامون فأن انتصروا بالغلبة استمرار لطبيعتهم الحربية والفتوحات فليكن وإلا فمكانهم محجوز بثلث السلطة مستقبلاً.
مكافئة طرفي الانقلاب الذين سببوا بتشريد ثلاثة مليون يمني وقتل ألآف وعشرات الآلاف في ستة حروب وجعلوا أكثر من ثلثي الشعب اليمني تحت خط الفقر ، سيكون بعد المحاصصة والتقاسم تحت عنوان (التوافق) ليس شريكين كما كان بعد خروج الرئيس السابق الشكلي من الحكم بل وهذه المرة طرفين اظافيين الأول مؤدلج عقائديا والأخر منطقيا مرتهن للإقليم .. وهؤلاء سيشكلون خطرا على اليمن والمنطقة برمتها ، وسيلعب الإقليم دور مستقبلي حتى لو انتهت هذه الحرب طالما قد زرعت عملاء لها سيشاركون في حكم اليمن ، ولهذا فالتحالف ليس فقط وأد ثورة اليمن قبل تسع سنوات بما عرف بالمبادرة الخليجية السيئة الصيت التي منحت حصانة ممن لا يستحق من لا يحق له .. ثم تواطئ الإقليم في إسقاط صنعاء .. ومنع الحكومة الشرعية ان تعود لما أسموه بالمناطق المحررة واستنسخوا انقلاب آخر في عدن وأخيرا سقوط سقطرة.
الإشكال ان الرأي العام في واد وحكومة الشرعية والرئيس هادي المرتهن في واد آخر فسلوك رأس الدولة وحكومته لا تتماهى مع الآم ومعاناة اليمنيين بعكس أنصار الشرعية الليبية وهذا سر قوة شرعية ليبيا انها وشعبها في خندق واحد ، وليست كشرعية هادي التي تعاقب كل من ينتقد ويعري التحالف .
ولمواقف كلا الشرعيتين في هذين البلدين فقد حدث شرخ بين قيادة شرعية اليمن وجمهورها وفقد الثقة بعد اكثر من خمس سنوات بينما زادت شعبية الشرعية الليبية بالنظر لمواقفها المنسجمة مع تطلع الشعب الليبي .
كلا من ليبيا واليمن يدأب الخليج لاستعادة الدولة العميقة لازلام القذافي منهم حفتر وبوادر تهيئة سيف الإسلام القذافي هو الأمر نفسه في اليمن ازلام الرئيس السابق.ابنائه وعائلة صالح.
ليبيا كاليمن الشرعية يؤيدها المجتمع الدولي نعم لكن تكالب عليها العرب وغيرهم وليس لايران يد حتى تكون شماعة المجوس ، فقط العرب العاربة واوربا اعداء واضحين ورغم ذلك كلهم في كفه وحليف شرعية ليبيا تركيا تعادلها في كفة اخرى .لدى شرعية ليبيا خيارات تقييم اصدقائها وتبديل الحلفاء بعكس شرعية اليمن كأن تحالف الغدر قدر مكتوب على اليمن اللافت ان قطر ابعدت ولم تنسحب إلا بإرادة التحالف وليس الشرعية وخرجت بجرة قلم لكن الامارات لا تستطيع الشرعية إخراجها ، وضع البيض في سلة الخليج ليس جديد فقد سن هذه السياسة الرئبس السابق ، وحاليا النتيجة التي هي من ضمن الدولة العميقة غدت وكأنها مجرد شرعية غطاء تدمير اليمن من قبل تحالف الغدر.
وتقتضي المصلحة الوطنية بداهة بإعادة تصحيح علاقة الشرعية بالتحالف على اسس سليمة وكان يفترض هذا قبل الحرب او على الأقل في الاسابيع الأولى وحتى قبل تحرير عدن ليتخذ منها مسمسار جحا للتنكيل باليمن تحت لافتة الشرعية والتي غدت مجرد شرعنة الحرب .
لو لم تكن الشرعية مرتهنة بحكم البقاء خارج الوطن لاكثر من خمس سنوات فقد غدا قرارها مختطف وشرعيتها تتأكل والإنقلاب المستحدث والمستنسخ بتواطؤ وتأمر الاقليم اصبح أمرا واقعاً آخر يفرض نفسه ..
لإشكال في نهج الشرعية انها لم تسمى الاسماء بمسمياتها وتتخذ قراراتها بدون تشاور وغابت عن الشعب لاكثر من خمس سنوات ويريدون نصرا جاهزا وتحالف يستعيد دولتهم وهذا من المحال .
كان الاجدر تجريم الحوثية وعدم التفاوض اصلا ، وهو الأمر نفسه للانقلاب المستنسخ فلال مرة يحدث اتفاق بدون لقاء مباشر بين طرفي النزاع وهو ما حدث فيما سمي باتفاق الرياض والذي شرعن ما سمى بالانتقالي .
معلوماً بأن التمنيات شيئ والواقع شيىء آخر فلا تتماهي التمنيات والأحلام مع واقعنا المؤسف ، ولكنها صيحة في واد علها تشحذ الذهن والهمم لتوحيد رؤية وطنية شاملة.
*كاتب وسفير في الخارجية اليمنية