انفجرت الأنابيب ملء هذا الفضاء الأزرق، أصابته بالتلوث، وفقدت الزرقة معناها، في البحر والسماء وفساتين نساء الجن.
أين نهرب، كيف نختبيء من هذا القرف، وبماذا نبرر صمتنا على هذا الفجور والتردي في مصبات تلك الأنابيب الملمعة بأفخر كريمات الشعر وتصفية البشرة وكأن ما في الأنبوبة بلس.
مقابل كل قصيدة شعر.. هنالك ألف مستنقع للبلاهة والاستخفاف بالعقول، مقابل كل صورة جميلة لطفل أو امرأة فارحة بنفسها.. هنالك ألف صورة ملونة بالزيف والغطرسة والكيد والروائح الكريهة المنبعثة من الحقد والفجور والقلوب المجخية بالتعصب والتربص والخبث والخبائث والدراهم والريالات.
لدى كل أنبوب خيال مائة روائي يمكنه من اختلاق القصص السيئة والعيوب لإلصاقها بخصمه، بالإضافة إلى يقين الأنابيب بمختلف أنواعها أنها تصب في مصلحة الوطن، متصالحون مع أنفسهم بشكل عجيب وبجاحة كبيرة.
كيف نخطو إلى الغد وفي كل منعطف مستنقع، وما الذي بقي لنستأنس بهذه الزرقة في هذا الفضاء الافتراضي وتحت كل كلمة بالوعة أو رصاصة، خيبة كبيرة وقهر أكبر وقرف كثير يتسرب من بين الحروف.. يخرج من النقاط.. تتقيح الفواصل والمسافة بين الكلمات في كل مساء أكثر وأكثر.
يفرزون الهواء الطلق على حسب تحيزاتهم، هواء هذه القرية عليل وهواء أختها مر ما دام في كل واحدة معتوه بشعار مختلف، حتى الشهداء لا أحد يترحم على شهداء الآخر أو يذكرهم في قائمة الأبطال مع أنهم لو كانوا أنابيب صرف كما هم في حسابات الأنابيب الرخيصة، لما كانوا شهداء وأبطالا بالأصل، ولو علموا أن الأنابيب ستستثمر دمهم أو تنتقص منه لنسفوها قبل أن يذهبوا لمحاربة العدو.
مغلوب هذا الشعب، حلّقت عليه من كل الجهات، يتلقاها من لغم في الأرض، أو قنبلة من السماء أو أنبوب في مقر، أو من عجزنا نحن فاقدو الحيلة والحول.
الله وحده يعلم متى سيجرف ماء الحرية هذه المستنقعات، أو متى ستخرج من قرفها وتعود إلى رشدها لتصبح مزارع ورد وكرامة وإنسانية ونور وأوردة دم.