كشف ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات عن وجهه الشرير والمتصهين بالتوقيع يوم أمس على اتفاقية تطبيع العلاقات الكاملة مع إسرائيل.
يشمل الاتفاق على خارطة طريق لتوقيع عدة اتفاقيات ثنائية بين أبو ظبي وتل أبيب، من بينها الاستثمار، والسياحة، وتبادل الرحلات الجوية المباشرة، وتبادل إقامة السفارات والأمن والتكنولوجيا والبيئة وغيرها من المجالات.
وبالإعلان ذاته، تكون أبو ظبي قد كشفت أيضا عن دورها الوظيفي في المنطقة، وهو دور منذور للخراب والتقسيم والتجزئة لصالح الدول الاستعمارية وعلى رأسها إسرائيل.
لقد نذرت نفسها مبكرا لهذا الدور خاصة بعد اندلاع ما بات يعرف بثورات الربيع العربي، حيث حرصت على تحويله إلى ربيع عبري خالص من خلال السعي إلى وأد ثورات الشعوب والتدخل المباشر والسافر في كافة الدول التي شهدت ربيع الثورات.
أفزعتها الموجة العارمة للثورات ومطالب الحرية والاستقلال والكرامة فذهبت بعيدا للنيل منها؛ استجابة لمخاوف تل أبيب التي رأت في الديمقراطية العربية خطرا ماحقا على كيانها المغتصب.
من مصلحة إسرائيل بقاء الحكام الديكتاتوريين العرب، فمن خلالهم تضمن ديمومة سياساتها التوسعية والحفاظ على كيانها عوضا عن أن تذهب البوصلة إلى الجماهير العربية وحق تقرير المصير.
في الحقيقة، لقد أهدت الإمارات الأحرار في العالم العربي هدية ثمينة حين كشفت للعلن هذه العلاقة بدلا من اللعب تحت الطاولة كما تفعل بعض الدول وتنتظر دورها في قطار التطبيع العلني.
ثمة مقارنات كثيرة على وقع الصدمة الإماراتية الفاضحة يوم امس. لكن تظل أبو ظبي متفردة في اختيارها الهرولة إلى أحضان إسرائيل دون مقابل ولو حتى من باب كمية وافرة من المغالطات العربية المعتادة.
في سياق هذا التموضع الجديد، قاد محمد بن زايد حملة جرائم واغتيالات لرموز التيارات الإسلامية في المنطقة العربية، وكان واضحا أنه يهدف إلى تهيئة الساحة لهذا الدور الجديد.
لا قت إجراءاته القمعية ومحاولات اجتثاث فروع الاخوان المسلمون رضى و استحسان بعض الأصوات القومية العربية التي راحت تبشر بعهد جديد خال من الإسلاميين.
لكن التطبيع المعلن يضع هذه الأصوات وتيارات أخرى، بينها إسلامية، أمام مختبر حقيقي للمواقف. الأهم أن القناع الذي كان يتستر به محمد بن زايد سقط وبدت سوأته وصورته واضحة ومكشوفة للجميع.
رغم ذلك، لم تكن الصورة غائمة، إذ خلال السنوات العشر الأخيرة، جندت أبو ظبي طاقاتها لخدمة المشروع الصهيوني ابتداء باغتيال قائد حركة حماس محمد المبحوح في أحد فنادق دبي وآخرا برعاية مشاريع التخريب والتدخلات العسكرية المباشرة لوأد التجارب الديمقراطية في مصر وليبيا واليمن.
فعلت كل ذلك ضمن حالة تجييش غير مسبوقة لمحاربة من تعتبرهم التنظيمات الإرهابية في المنطقة. إلا أن إعلان التطبيع الشامل مع إسرائيل يضعها في مواجهة الشعوب العربية الحرة التي ترى في فلسطين قضيتها الأولى.
صحيح أن حساباتها حاضرة وعملت بدأب لتجفيف منابع احتجاجات هذه اللحظة، لكن جذوة فوران الشعوب لم تخمد بعد، ولا تزال سطوة الجماهيرية حاضرة في الشارع العربي.