عبدالوهاب العمراني

عبدالوهاب العمراني

كاتب يمني سفير في وزارة الخارجية اليمنية

كل الكتابات
شرعية ليبيا وشرعية اليمن .. والبون شاسع
الأحد, 23 أغسطس, 2020 - 02:42 مساءً

لماذا لا يتعلم مسؤولو الشرعية من قضايا إقليمية كالصومال وليبيا على سبيل المثال ؟
 
فشرعية ليبيا التي تناضل من داخل وطنها ولم تكن رهينة في استمبول او الدوحة ولهذا فأنها تمتعت بميزة الحركة والمناورة ودرجة التعامل مع الحليف.
 
في حين وضعت شرعية اليمن البيض في سلة التحالف ، وكأن التحالف قدر على اليمن ولا سيما الإمارات فبينما أخرجت قطر بجرة قلم فهي عاجزة ان تقطع علاقتها بالإمارات .
وبينما شرعية هادي لا تستطيع الحسم عسكريا من المتمردين في الانتقالي لانها كلما تحركت هرولت السعودية لفض النزاع وترغمهم على اتفاق ويعتبر اول اتفاق في التاريخ لا يتفاوض الطرفان بل طرف ثالث السعودية.
 
وأصبحت دول التحالف ولاسيما السعودية مجرد وسيط وليس غريم وتتعامل مع الشرعية بنفس معيار تعاملها مع المتمردين.
 
من ضمن أخطاء الشرعية والتحالف على السواء بأنهم يمنوا الطرف الانقلابي الاول في صنعاء والانقلاب المستنسخ برعاية التحالف في عدن بكعكة مستقبلية لتقاسم السلطة مع الجزم بأنها حركة إرهابية انقلابية وفي هذا تناقض صارخ في هكذا ثوابت يستند عليها ، يتناغم ذلك مع تأكيدات حكومية بضرورة إشراك الحوثيين بدلاً من التلويح بمحاسبتهم على جرائمهم. ويكفي خطأ قيادة الرئيس هادي بالسماح لهم بالانخراط في الحوار الوطني الشامل وهم مجرد ميلشيا واليوم يُراد شرعنة الانقلاب بتسوية هشة وفي حال اتفاق مفترض لن يكون سوى نسخة محسنة ومهذبة لاتفاق السلم والشراكة فكلاهما يخرجان من فوهة البندقية. ومن هنا فهؤلاء لا يعيرون اهتماماً بقيم السلام الحقيقي طالما ضمنوا تلك الوعود (تقاسم السلطة) وبالتالي فجبهة التحالف تضعف الحلفاء في الحكومة الشرعية التي يزعمون بأنهم شنوا الحرب من اجل استعادتها.
 
في حين ان شرعية ليبيا بعد إعلان وقف العمليات العسكرية في الأسبوع الأخير من هذا الشهر اغسطس اشترطت حكومة طرابلس ان لا حوار ولا مستقبل سياسي لمجرم الحرب حفتر ، انهم يسمون الأشياء بمسمياتها كما ان حليفهم واضح وليس غامض مهادن ومخادع لو لم يتدخل التحالف قبل اكثر من خمس سنوات لكانت الحركة الحوثية خلال هذه السنوات من الماضي اختزل دور الشرعية اليمنية فقط في استمرار شرعنة تدخل التحالف فعبثه وتنكيله باليمن وحصاره وتدخله في كل صغيرة وكبيرة يستمد شرعيته من الحكومة الاسيرة والرئيس الضعيف المرتهن في الرياض وحتى لو عاد من امريكا سيعود لعشة الدافئ في الرياض فبعض الطيور عندما تطلق سراحها تفضل العودة للقفص بصورة طوعيه ، الرئيس الذي هرب عدة مرات من صنعاء ومن عدن لن يهرب من الرياض.
 
معلوما أن هناك تخادم ومصلحة مشتركة في تجذر انقلاب الحوثي ليرسخ الانقلاب المستنسخ بينما حرب اليمن سببها الاقليمي الرئيس العرب وليس العجم مع ان كلاهما ينكل باليمن لكن العرب اشد كفرا ونفاقا.
 
في حين لا يوجد دور لإيران في ليبيا فليس في ليبيا مجوس ولا شيعة اهل البيت عليهم السلام او زيدية جارودية فقط يعبث بها العرب بإضافة مصر الى جانب الخليج وكذلك هناك دور ونفوذ اوروبي روسي فرنسي وغربي عموما في حين لا يوجد ذلك في اليمن فالملق سعودي اماراتي بامتياز والى حد ما دور اياراني اقل تأثيرا واذرعه اقل عماله وارتهانا مقارنة بالشرعية والانتقالي.
 
ثمة موقف مهم يحسب لشرعية ليبيا انها لم توافق بوقف اطلاق النار الا بالضغط على الطرف الآخر ان يستبعد من سببوا في التمرد بل ومحاكمتهم والأمر الآخر نص صيغة الموافق للحوار او اي اتفاق ينبغي ان يكون بين مكونات منتخبة وليس مع حفنة من الميلشيات .
 
بعكس الحالة اليمنية فهي تكافي المتمرد بالاتفاق معه وشرعنته واللافت ان اتفاق الرياض لم يتقابل الطرفين بل وسيط ثالث هي السعودية
ليبيا متحررة من هيمنة الحليف التركي والقطري ولها مساحة للمناورة لانها قابعة داخل حدود الوطن في حين ليس الأمر كذلك في شرعية اليمن المرتهنة .
 
ليبيا تحترم مرجعياتها المتفق عليها مثل اتفاق الصخيرات والاتفاقات الأخرى في حين سلوك الشرعية تجاه المتمردين تضرب بالمرجعيات عرض الحائط لتبقى مجرد قيم افتراضية ليس إلا.
 
ومن هنا فبينما تؤسس شرعية ليبيا لعملية سياسية جادة وليس مجرد ترحيل للصراع كما في التجربة اليمنية ولان البداية صحيحة ووطنية فالنتيجة ستكون بداهة كما خطط لها لسلام مستدام ، في حين حلول القضايا اليمنية منذ منح الرئيس السابق حصانة يحلم بها اي دكتاتور عربي ومع ذلك جعل من المؤتمر مسمار جحا لاستمر العبث بالمرحلة الانتقالية والتنكيل باليمن من خلال محاولات استبعاد خصومه وتموضع ميلشيا الحوثي وتمكين الدولة العميقة للحوثيين من السيطرة على مفاصل الدولة اليمنية ، ليس نكاية بمكون سياسي بل لوأد ثورة فبراير وبإيعاز من الاقليم حلفاء الرئيس السابق وما بني على خطاء يفرز حلول مشوهة مرتجلة تحمل بذور صراع مستقبلي محتمل لحرب تلد أخرى .
 
تكرار الاخطاء ضرباً من الحماقة ، ولمجرد ارضاء الحليف المتخاذل والمتأمر لا ينتج سلام مستدام .. متى تتعلم النخب اليمنية والساسة الفاشلين في اليمن ويستفيدون من تجارب الاخرين  ؟
 
 *كاتب يمني وسفير في الخارجية

التعليقات