منذ الأزل أطلق على بلاد اليمن اسم عُرف بـ " باليمن السعيد"، فهل الشعب اليمني سعيد بالفعل؟!. وأي سعادة يتقلب فيها اليمنيون الآن؟! ومن هي الأيادي التي قلبت سعادته إلى شقاء ونكسات متتالية. ؟
ربما يقول قائل السؤال نفسه: عن من وراء هذه المآسي في بلاد " الهدهد وبلقيس؟ وطرح هذا السؤال هو نوع من الغباء، لأن الكل يعلم هوية هذه الأيادي العابثة في اليمن و أرضها بلا منازع.
وحينما نقول " الأرض" فإنه يتبادر إلى ذهننا أنها ليست من أرض الوطن، فلا غرابة أن تدق الاسافين من غرباء، لكن المحزن حينما تعلم أن هؤلاء الغرباء لا يسعهم أن يتحركون إلا بمساعدة ابناء محسوبين عن الوطن " اليمن السعيد " الذي بسبب خيانتهم وترديهم الأخلاقي لم يعد له من اسمه نصيب إلا ذكرى .
جرائم الإمارات والسعودية " ثنائي الشر" في اليمن لا تقتصر على فضاعتها وفجرها فقط. وانما تتجلى مظاهر الغرابة في مواقف وسكوت المنظومة الدولية عليها.
السؤال هنا لماذا يصمون آذانهم عن صرخات المعذبون في غياهب السجون داخل اليمن؟!! بالرغم من توثيق منظمات حقوقية انتهاكات التعذيب داخل السجون اشهرهم سجن المكلا وسجون عدن. ولماذا يغضون أبصارهم عن نهب ثروات البلد جميعها بلا رقيب ولا حسيب.
فكيف تحول إذن هذا " التحالف " الذي دخل في البداية بإسم " عاصفة الحزم" لمحاربة الحوثيين في الجنوب، إلى عصابات وملشيات مسلحة، وآلة للقتل والتعذيب لكل مشتبه يعارض طموحاتهم .
اليمن إلى أين؟! تقسيم الكعكة بين ثلاثة بدلا من إثنين!!
هل كان دخول التحالف اليمن محاربة الحوثيين فعلا؟
لقد اثبتت الحقائق على الأرض بالجرم المشهود كيف تم التواصل بين التحالف والحوثيين، والعمل على إتمام صفقات بينهم لضرب المناهضين والحركات التحررية في اليمن، وبالتالي الحرص على استمرارية تمرد الحوثيين في الجنوب كمصوغ لبقاء قوة التحالف في البلد المختزل في السعودية والإمارات، والغريب أنها الوسيلة نفسها التي استعملها المخلوع الرئيس عبد الله صالح، وكأن البلد ساحة شطرنج للتباري .!
قد لا تكون أهمية اليمن في شساعة مساحتها ، ولكن تكمن فى جغرافية ممراتها البحرية الحساسة. فباب المندب الذي يحتل المرتبة الثالثة عالميا، إذ يعتبر البوابة التي تتحكم في الطرق التجارية بين الشرق والغرب، واعداد السفن النفطية الهائلة العابرة من هناك، ناهيك عن جزيرة سقطرى " الماسة" التي تتوسط العقد اليمني المصنفة كمحمية عالمية.
هذه الجزيرة التي هي استثناء في ثرواتها البحرية والحيوانية والنباتية جعلها ذلك محط أطماع العالم جوار واجانب، منذ القدم وليس الآن فقط.
"لماذا تجور الإمارات على الشعوب العربية عامة واليمن خاصة؟
لم يكن " لدويلة الامارات " وجودا في المنطقة، كانت أراضي محسوبة على دولة عمان، الإستعمار البريطاني هو من قام بزراعتها سنة 1971 ، وحتى هذا الوقت كان آل زيد يمسكون بخطام الناقة و يمشون على الرمال حفاة، ويسكنون الخيام. وبفضل الثروة النفطية اشراب طلعها. وللاسف لم يكن نباتا أصله طيبا، بل كان طلعا كطلع الشياطين.
هل استسلم اليمنيون لاطماع " الاشقاء العرب " في جزيرة سقطرى؟!
الوقائع على الأرض تقول بالفعل كانت محاولات قبل ثلاث سنوات ، إذ كادت الجزيرة أن تسقط في أحضان الإمارات إلا أن أحرار اليمن هبوا للدود عن جزيرتهم وجمدوا توسعاتهم.
"الحنين للكنز المفقود"
ما كان للاماراتيين أن يجرؤوا على معاودة احتلال سقطرى تحت غطاء سعودي لولا ارتهان حكومة " الثابوت المحنط " بقيادة عبد ربه منصور هادي.
فأي شرعية يراهن عليها اليمنيون وهم يشهدون كل يوم المدن اليمنية تتهاوى الواحدة تلوى الأخرى في يد " التحالف " بينما الحكومة والرئيس صامتون صمت القبور.
فهل الرئيس اليمني يهدد ويساوم بين حياته والصمت على ما يحصل؟ أم هو خذلان وتقاعس. حفاظا على كرسي الرئاسة المزيف.
خلاصة القول، النتيجة واحدة، والبلد تفتت حصى حصى، وثرواتها تتقاسم بين " الإخوة الأشقاء" ويعبث بها العابثون.
فهل للنظام الدولي دور أو مصلحة فيما يحصل الآن؟ سواء أكان بصمته أو اكتفاءه بمراقبة الوضع من بعيد.
فهل يتحرك اليمنيون مرةأخرى لانقاذ جزيرتهم حتى لا تضيع كجوهرة ثمينة في كنز مفقود وصراع علي بابا والأربعين حرامي.
فلا أحد من الأطراف الدولية سيفكر في إنقاذ اليمن من مستنقع الضياع إلا أبناء الوطن الحقيقيين أنفسهم.
كاتبة وصحفية مغربية
الرباط - المغرب
*مقال خاص بالموقع بوست