لو أن صحفيا حوثيا كان معتقلا في سجون سلطة تمثيل الشرعية لأقام الحوثيون الدنيا ولم تقعد إلا على إطلاق سراح صحفيّٓهم المعتقل.
والواقع أن اختطاف الحوثيين لأكثر من عشرة صحفيين وإبقاءهم في سجونها كل هذه المدة اللامعقولة والمتعدية خمس سنوات، مع إطلاق المليشيات أوامر إعدام سياسي بأربعة صحفيين ، قد يعكس، من جهة ما، استشعارا حوثيا لأهمية الإنسان الصحفي ومدى حضوره وتأثيره في المجتمعات البشرية، لذلك فالمليشيا تقبض على كنز بشري، لو أنه باع موقفه الوطني لسجانيه لسرّحته من سجونها على الفور.
مقابل هذا فإن سلطة تمثيل الشرعية التي قال عنها مسؤول دولي انها تتحدث عن كل شيء إلا عن الصحفيين والمسألة الإنسانية في اليمن، لا تبدي ومضة اكتراث أخلاقي إزاء زملائنا المختطفين من رفاق القلم الصحفي في بلد يمجد سلطة البندقية والبارود على قيمة اليراع والمداد.
لقد فشلت سلطة تمثيل الشرعية في كل الملفات التي تضع على عاتقها مسؤولية الحماية الدستورية لمواطنيها ، وهاهي صفقة تبادل معتقلي الشرعية المدنيين بأسرى الحرب الحوثيين تجري على أعلى درجات الجور القاسط بين كفتي الصفقة، وهو ما يكشف حالة من الوهن المعيب لدى طرف الشرعية في ملف تبادل الأسرى بالمعتقلين ، يمنح طرف الحوثيين تفوقا ظافرا في المنازلة على طاولة هذا الملف الإنساني الحساس أو ربما تحتها.
إن إسقاط الزملاء الصحفيين من صفقة التبادل والذين يعد الإفراج عنهم أساسا شَرطيا لإجراء أية صفقة، فضلا عن نجاحها، يضع طرف التفاوض عن الحكومة محل مساءلة قانونية إزاء ما يتعرض له الزملاء الصحفيون من مخاطر جسيمة تتهدد حياتهم، فيما تتدلى أنشوطة الإعدام السياسي على رقاب أربعة منهم، قد تلتف في أية لحظة تبلغ فيه نزوة الهستيريا الحوثية ذروتها.
لقد تخلت سلطة تمثيل الشرعية عن قضية الصحفيين الإنسانية منذ اللحظة الأولى لاختطافهم ، وهاهي تجترم سلوكا لا إنسانيا ومريبا تجاههم في غض النظر عنهم وإسقاط أسمائهم من قوائم التبادل ، علما أن المبعوث الأممي إلى اليمن وكذلك الأمم المتحدة نفسها يعيشان لحظة تضامن إنساني غير مسبوق مع الصحفيين المختطفين، وكان بإمكان الشرعية استثمار هذه النقطة العاطفية لصالح الدفع بإطلاق سراح الصحفيين والذي بات اليوم ممكنا أكثر من أي وقت مضى .
لقد لاحظنا كيف تعاطت الشرعية مع زملاء مختطفين من الأسرة الصحفية لا ينتمون إلى حزب الإصلاح وكيف أنها نجحت في الإفراج عنهم بمجرد وجود نية لديها بالإفراج عنهم .
وعموما ، لا يدفع زملاؤنا الصحفيون في سجون المليشيات الحوثية ثمن انتمائهم إلى هذه المهنة المدنية النبيلة بالقدر الذي يكلفهم انتماؤهم الحزبي أو عملهم في وسيلة إعلامية تابعة لحزب الإصلاح وموقفهم في صف الشرعية ، كل هذا الخذلان الفادح من جميع الأطراف ، وفي الصدارة منها سلطة تمثيل الشرعية التي لم تمتلك بعد نية الإفراج عنهم أو اعتبارهم مواطنيين يمنيين بعيدا، عن أية تأطيرات حزبية ضيقة ، ونزعات ثأر تتقاطع مع الحوثيين في نقاط كثيرة .
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن مليشيا الحوثي لربما ملت وجوه الصحفيين داخل جدرانها وتريد أن تتخلص من هذه الورطة بأية طريقة ، لكن غياب فاعلية الأداء الصحفي وحملاته الإعلامية المكثفة لتحويل قضية الصحفيين قضية رأي عالمي إلى جانب غياب فاعلية الأداء الحكومي للشرعية يضعنا جميعا أمام حقيقة ناصعة وهي أن الصحفيين المختطفين لا يمكن أن يحررهم من أغلال الاعتقال سوى الصحفيين أنفسهم ، في حملة نكف إعلامي ، تقيم الدنيا ولا تقعدها إلا غداة عناق الأحبة .
ونداء أخير للسلطة الممثلة عن الشرعية :
امنحونا لمرة واحدة نقطة ضوء في تاريخكم المترع بالفشل ، تعاملوا مع الصحفيين لكونهم مواطنين يمنيين يدفعون ثمن موقفهم مع شرعيتكم المهترئة، اعتبروهم صحفيين في المؤتمر الشعبي العام، ولا تخافوا فالأخ سمير جبران سيتكفل بمصاريفهم الشهرية والاهتمام بهم بعد خروجهم، ولن تخسروا ريالا من جيب.