تعامل أمريكا مع ملف السودان مخزي ويعكس الوجه المتغطرس للإدارة الأمريكية في التعامل مع القضايا المحورية للدول الأخرى.
رفضت أمريكا أولاً أن ترفع السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب حتى توافق الحكومة الجديدة (الشبه مفلسة!) على دفع تعويضات تصل إلى 330 مليون دولار لأهالي ضحايا تفجيرات السفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا في 1998 والذي تم اتهام النظام السوداني انذاك بتقديم الدعم المادي والفني للإرهابيين الذين نفذوا التفجيرات.
وبإصرار أمريكا على إبقاء السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب منع السودان من الاستفادة من أي منح أو مساعدات مقدمة من الجهات الدولية كالبنك الدولي أو صندوق النقد الدولي.
والمضحك أن السودان رضخ لدفع هذه التعويضات فيما هو في أمس الحاجة لمبلغ مشابه لمنع انهيار اقتصاده. ولكن حتى بعد قبول السودان لدفع هذه التعويضات، أضاف ترامب شرط التطبيع مع إسرائيل لرفع العقوبات.
ومع الأسف وافق المجلس العسكري والحكومة في السودان على هذا الشرط والتحقت بركب الدول الخليجية المطبعة بكل ذل وهوان رغم رفض أغلبية الشعب السوداني لهذه الخطوة.
ربما رأت القيادة السودانية أن هذا هو طريقها الوحيد نحو الخروج من الوضع الصعب التي وقعت فيه، وكنت أتمنى أن تعي الدرس الثابت في التاريخ بعدم الاعتماد على الخارج لبناء أي بلد، فلو كانت القيادة السودانية اعتمدت على شعبها وعملت معه وأصلحت نفسها بنفسها لكان خيراً لها من عقد الآمال على المساعدات من الدول الخليجية أو الغربية.
الدعم الدولي ممكن أن يلعب دوراً مكملاً ومساعداً ولكن لا يجب أن يتحول إلى أن يكون هو الأساس وتفرط الدول بأولوياتها وسياساتها في سبيل الحصول عليه. فهل من مستمع؟