مذعرفته نهاية التسعينات في صنعاءكنت ولا أزال أعتقد أن الدكتور عبدالعزيز المقالح الشاعر والثائر والأكاديمي والإنسان هو نوع نادر من اليمنيين .
قل أن تجد في تاريخ الدكتور المقالح خطأ كبيرا فقد حرص خلال كل مراحل حياته النضالية والشعرية والفكرية والعملية أن يحفظ حياته من الأخطاءالكبيرة والانحيازات القاتلة وهذه شيمة من شيم الكبار الذين يمتلكون القدرة على حفظ تاريخهم بعيدا عن الإستقطابات السياسية والإجتماعية والإنسانية.
تعرفت للدكتور في فترة انتقالي الى صنعاءبداية الألفية والحق أنني واصلت زيارته في مركز الدراسات والبحوث خلال فترة البدايات ثم أخذتني الحياة نحو العمل الصحفي.
وأنا لا أنسى مطلقا روح المقالح الرحبة وطيبته وأخلاقه واهتمامه بالجيل الشعري الشاب وقدكنت آنذاك منسوبا لشعراء التسعينات .
إذتجد لدى المقالح روح الكبار في التعامل مع الشباب الجديد شعراء أوكتاب قصة أرواية أوباحثين .
ولازلت أتذكر مداومته على كتابة عموده اليومي الثلاثاء في صحيفة الثورة أيام كنت أعمل فيها وهو مايدل على التزام واستمرارية تميز الكبار.
ولا أتذكر أن الدكتور المقالح على كثرة مشاغله وعلاقاته وخاصة في السنوات الماضية بخل على واحد من الشعراءوالكتاب من مختلف الأجيال بوقت أونصيحة أو تشجيع ضاربا أعظم الأمثال في رعاية الفن والفكر والشباب وجميعنا يتذكر ذلك ولازال حتى اللحظة يفعل ذلك.
وأنا أعيد قراءة قصيدته (الوصية)* من ديوان "أوراق الجسد العائد من الموت" التي يقول فيها:
جمهوريّاً جئتُ
وجمهوريّاً عشتُ
وجمهوريّاً سأموتْ.
أؤمنُ باللهِ العادلْ،
وبأنَّ الناسَ سواسيةٌ في الحبِّ
سواسيةٌ في الخبزِ
سواسيةٌ في الموتِ
سواسيةٌ في الجنَّةِ أو في النّارْ.
تذكرت فرادة الرجل فالحق أن ثائرا وشاعرا وأكاديميا مثله عاش كل تقلبات هذا البلد الصعبة بكل مراحلها وحفظ حق نفسه وحق شعبه في اختيار خطه الوطني لهو رجل تستحق حياته الإحتفاء والتعلم منها .
مع مرور الوقت نشعربأن رموزا يمنية لازالت بين ظهرانينا تمثل علامة فارقة في يمننا الجمهوري وفي خياراتنا الوطنية وفي حياتنا.
عبدالعزيزالمقالح بتراثه الشعري والفكري أكبر مما أكتبه هنا وتمنيت مرات ومرات أن أوثق بنفسي هذه التجربة تلفزيونيا وعرضت ذلك عليه أكثر من مره عبر آخرين ومنهم الشاعرزين العابدين الضبيبي لكنه كعادة كل حكيم عازف عن الأضواء
رغم أننا جميعا بحاجة أن نستمع لصوت يمني حكيم وتجربة ثرية كتجربة الدكتور عبد العزيز المقالح الذي نعتبره آخر العمالقة .
أختم بهذا المقطع من قصيدة كتبها مؤخرا.
أنا ليس لي وطنٌ
أفاخر باسمهِ
وأقول حين أراه:
فليحيا الوطنْ .
وطني هو الكلماتُ
والذكرى
وبعضٌ من مرارات الشجنْ
باعوه للمستثمرين وللصوص
وللحروبِ
ومشت على أشلائهِ
زمرُ المناصب والمذاهب
والفتن .
* * *
صنعاء...
يا بيتاً قديماً
ساكناً في الروح
يا تاريخنا المجروح
والمرسوم في وجه النوافذ
والحجارة
أخشى عليك من القريب
ودونما سببٍ
أخاف عليك منكِ
ومن صراعات الإمارةْ.