فاروق المفلحي

فاروق المفلحي

كاتب يمني مقيم في كندا

كل الكتابات
عن انتصار اردوغان
الثلاثاء, 03 نوفمبر, 2015 - 02:39 صباحاً

لم ينتصر الرئيس رجب اوردغان وحزب العدالة ،هذا الانتصار الكاسح المدوي الا لان حزبه كان هو الشعب التركي بمختلف مشاربه من محافظ الى علماني الى متحرر ومقهور وحسير الى عامل مصنع وطالب وربة بيت، وكانت عينه على التعايشات بين كل القوميات وخصوصا الاقليات ومنهم الاكراد والارمن والعرب .
 
هذا الشعب التركي الذي يتكون من عدة قوميات وثقافات يوحدهم وطن اسمه تركيا، الجميع فيه معا باختلافاتهم المبهجة الجميلة والجميع يمثلون نسيجا واحدا ومتعدد التلاويين وواثق الخطى الى المستقبل.
                   
لقد فطن رجب اردغان كيف يدير حملته الإنتخابية بكل حذق وذكاء وتعقل ، فلم يوغل بل لم ينبس ببنت شفه في ذم مؤسس تركيا الفتاة - مصطفى الدين اتاتورك- الذي ترى صوره في كل موقع ومدرسة ، وتماثيله تزين وتتموضع في كل ساحة في الوطن التركي الجميل ،أتاتورك بطل! والسلام! لا ياخذنا الخلاف ونصرف الهم والجهد لاختلافاتنا حول شخصه ومثله واعماله فننسى تركيا ومستقبلنا .
 
لقد جعل رجب اردغان جعل من -أتاتورك - شخصية ملهمة وبطل قومي يردد مآثره وينكر او يغض الطرف عن مثالبه ، مثلهم في ذلك مثل الصين الذين رأوا التصالح مع ماضيهم وعدم ذم قائدهم الدكتاتور القوي والعنيف والمخيف - ماو تسي تونغ - رغم انهم في الصين اتوا على الكثير من مثله واطروحاته واغفلوها بل نبذوها .
 
اليوم الصين تبني المعابد وهي الشيوعية الملحدة ، وتعين الاقليات المسلمة في بناء مساجدها واحياء شعائرها وكذلك فالبوذية في التبت تجد رعاية خاصة كما وتركيا استلهمت التعايش فهي اليوم مثلها مثل الصين تستلهم كل مبادىء التسامح وتستحضر الرائع من تاريخها وتردم خلفها خلافاتها وماضيها المؤلم مع الارمن والاكراد ومع بعضهم البعض.
 
اردغان يحقق اليوم النصرالمبين يحققه بوعيه وحسن تصرفه وكياسته وسماعه المفكرين وصوت العقلاء لا المتنطعين ،ولم يحشد هذا النصر من دوواين الاثرياء وفنادقها -الخمسة نجوم- بل وليس من المساجد والكنائس او الجامعات بل حشد نصره من بين صفوف المقهورين ومن بين ازقة المرهقين ومن ارياف تركيا وحقولها وعمالها ومعدميها واقليّاتها .
 
تماهى حزب العدالة مع الشعب، واستظل بظله الوارف وعاش نبض الناس والأسرة والام والطفل والمقهور وقبل وتقبل الجميع ، وترك خلفه التنطعات والمذهبيات والعنصريات والتشددات والملامات وتكريس العداوات ومقت الاخر وازدرائه ،بل واستمع الى المراة التركية ولم يصد تحررها او حتى بعض علامات ومظاهر تبرجها وتهتكها ،فالهم وطن وليس بنطال وتنورة ، وتواضع ، ومن وتواضع لله رفعه .

التعليقات