عبدالرحمن قحطان.. العلم والعمل
الاربعاء, 20 أبريل, 2022 - 09:32 مساءً

الفقه والأدب
العظمة والتواضع
الهيبة والبشاشة
الوقار في غير فظاظة
والظرافة في غير ابتذال
أبو العلماء وصاحب الفضلاء
وجليل الكُبَراء وحبيب البسطاء
صوت الحق نثرا وشعرا
وداعية الهدى قولا وفعلا
الشك طريق اليقين..
 
عرفت شيخنا أول ما عرفته في سنيّ دراستي الابتدائية موجهاً للغة العربية وكيف أنسى يوم دخل صفّنا الدراسي فسألني عن كلمة أبيات أيّ نوع من أنواع الجموع هي؟ فأجبته -كما علمّنا أستاذنا وكان مبتعَثاً عربياً- بأنها جمع مؤنث سالم. فأشار الأستاذ إليّ في الخفاء أنْ أحسنت. ليفاجئنا الشيخ مُخطِّئاً الإجابة ومعللاً حكمه بقوله: لا يكون الجمع مؤنثا سالما إلا بوجود ألف وتاء زائدتين ينتهي بهما. ولم يزد في كلمة أبيات إلا حرف واحد هو الألف أما التاء فهي من أصل الكلمة (بيت) لا زائدة عليها. ولذا فهي جمع تكسير. فقررت يومها ألا أعتمد كل ما يقوله المعلمون وأن أترك مجالا للشك في معلوماتهم حتى أتيقن.
 
المدخل أولاً..
 
ومرت السنين لأراه من خلال الجلسات المتلفزة لمجلس النواب وهو يتحدث بصوت الشعب معبرا عن آماله وآلامه وإن أنسى فلا أنسى تعليقه -بحضور الحكومة تقريبا- على مشكلة الصرف الصحي بأمانة العاصمة والتي أثيرت بالتزامن مع تفاقم مشكلة انعدام مياه الشرب بتعز فقال يومها: في تعز لم يجدوا الماء الذي يدخل، وانتم مهمومون بالماء الذي يخرج!! فاطلبوا المدخل قبل المخرج.
 
وصدقت شيخنا فلو اهتموا (بالمدخل) لهذه الدولة ما كنا اليوم نبحث عن (مخرج).
 
فتوى لا علم ..
 
حدثني أخي وأستاذي الشيخ يحيى البريهي حفظه الله وهو أحد أبرز تلاميذ شيخنا أن مستفتيا جاء بمسألة إلى الشيخ في حلقة علمه فأراد بعض التلاميذ الرد على المستفتي فنهرهم الشيخ قائلا : هذه مسألة فتوى لا مسألة علم وليس كل من حضر العلم استحضر الفتوى.. وصدقت والله شيخنا فالفتوى صناعة مستقلة لو كانوا يعلمون!
 
الأب المباهي لا الشيخ المتباهي..
 
كان لي شرف التقائه مرارا وتكرارا في آواخر عمره بسبب عودتي للإقامة بتعز وهناك تعرفت بالإضافة إلى قحطان العالم على قحطان الأب. الذي يصغي إلى حديثك باهتمام وكأنه يسمع مفرداتك لأول مرة وربما كان قد سمعها مرارا قبل أن تولد. ولا ينسى أن يباهي بك من حوله ويجتهد في الإفصاح عما ظهر له من مناقبك.
 
ثم يحفّك بدعائه الذي يخرجك من عنده بغير الوجه والقلب الذي دخلت بهما إليه رونقاً وصفاء وراحة واطمئنانا.
بل ربما يسألك عن حالك ويطمئن على صحتك مآدّاً على طريقة الاجداد كفه إلى كفك مقبوضة ببعض المال مجتهدا في إخفائها عن الموجودين مشدّدا عليك أخذها كأبٍ يرى فيك طفله الذي لا يكبر أبدا.
 
     شيخنا قحطان
 
ماذا أقول -بعد كل ذلك- وأنا الشاب الذي مرت عليه حياتك كطيف لا يمسك منه إلا خيالا. فزرعتْ فيه -مع ذلك- من القيم ما عجزت عن مثله المدراس والجامعات التي قضى فيها السنين الطوال.
 
ماذا أقول وأنا أودِّع -فيك- من لم أشبع من استقباله، وأنعي من لم أرتوِ من حياته.
 
ولولا أن الشمس لا تغيب إلا عنا. والقمر لا يتناهى إلا في أعيننا.. لقلت: متَّ.
لكن الأولى دائبة الشروق، والثاني دائم الاكتمال، وأنت بإذن الله سرمدي الحياة
 
فرحمك الله شيخنا الفقيه العلامة الداعية التربوي البرلماني عبدالرحمن قحطان وتقبلك في الصالحين والعلماء العاملين وأسكنك فسيح جناته وجزاك خير ما جزى عالما عن أمته ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فصبراً واحتساباً وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك شيخنا لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.
 

التعليقات