علي أحمد العمراني

علي أحمد العمراني

برلماني يمني، وزير الإعلام السابق، والسفير السابق لليمن لدى الأردن.

كل الكتابات
عن وحدة الضم والإلحاق والبيع قطعة قطعة! (2-1 )
السبت, 29 يونيو, 2024 - 05:17 مساءً

وقفت مؤخراً على تناولات لشخصية وحدوية مرموقة من جنوبنا العزيز، تتحدث عن مفهوم وحدة الضم والإلحاق، ومفاهيم من قبيل الفرع والأصل .. ومن الطبيعي أن تكون مثل هذه المفاهيم مرفوضة ومستهجنة.
 
ولا يوجد أحد، بما في ذلك أخلص الوحدويون، ولا كاتب هذه السطور، يقبل بأن تكون الوحدة مجرد ضم وإلحاق، في ما مضى وفي المستقبل.
 
والحقيقة، فإن اليمن كله أصل وفصل. ولا تقبل البيضاء، أو تهامة، والجوف، وإب ومأرب، وتعز، وذمار، والجوف، بصعدة، مثلا، إلا شقيقة، وشريكة، كما تقبل الهاشميين، إخوة وشركاء، لكنها، لا تقبل سيطرة أهل صعدة عليها، مثلما يحدث الان، سواء كانوا حوثيين هاشميين أو غير ذلك.
 
ومن يتبنى مثل ذلك التمييز، أو يمارسه، ضمناً أو صراحة، فهو يعبر عن جهلة بالتاريخ، والحقائق، وتنكره للحق والعدل؛ ومآلات الأمور، ويستحق التنديد والرفض المطلق والمقاومة، والإزدراء.
 
ولنا في كل ربوع اليمن وجهاته، مجد وتاريخ، وحضارة وأهل وأصل وفصل، سواء قبل الإسلام أو بعده، ما عدا إن الإمامة، في المجمل، كارثة من يومها الأول، والآن.
ولا نتحدث هنا، عن ترهات ودعاوى وزيف الولاية!
 
وللنزعات الإنفصالية، سببان؛ الآن وفي تاريخنا، وهما؛ الإستحواذ والاستغلال، وما قد يحدث من استعلاء جهوي أو فردي مقيت ، بسبب نتائج الحروب، والسبب الآخر؛ هو الرغبة والطمع في التفرد في حكم منطقة بفصلها عن الدولة الأم وقت ضعف الدولة أو مع تدخل خارجي، وغالباً قد يحدث الإثنان معاً.
وفي كل الأحوال، فإن المظالم، وإن حدثت، لا تبرر المضي بشرذمة الأوطان، مع أن المظالم قد تساعد في الدفع بالتشرذم قدماً، وقد يتذرع بها ويتحجج بها ويبالغ فيها الإنتهازيون و الطامعون، غير الجادين في إرساء العدل، وإنما باستغلال أي مستوى من الأخطاء والاختلالات لمآرب خاصة.
 
والأجدى، هو مواجهة الظلم من داخل الدولة ذاتها، دون هدمها وشرذمتها وتفكيكها؛ والعمل والزمن،  كفيل بالإصلاح والتصحيح، دون هدم البيت على ساكنيه مثلما حدث ويحدث، في اليمن.
 
وعندما تتجاوز السلطة القائمة كل الحدود، مثل حالة الحوثي، فلا سبيل سوى المقاومة، ولكن دون هدم كيان الوطن، أو اتخاذ وجود جماعة مثل الحوثي ذريعة لذلك، مثلما يتبنى الانفصاليون.
 
ونحن نتحدث عن أحوال اليمن، قال لي صديق، من سلطنة عمان الشقيقة؛ التي يتسم حكامها وأهلها بروية وعقل : قد تحدُث عندنا مشاكل، لكننا نعالجها بالصبر والحكمة، والإصلاح والعمل دون هدم البيت على ساكنيه!
 
تأملت في قوله، وقلت في نفسي : ما كان أحرانا في اليمن بفعل ذلك أيضاً.
 
والملفت أن المنتصر في حروب الإخوة الأعداء في بلادنا، قد يتمادى، ويتجاوز  وقد يأمن مكر التاريخ أيضاً، وقد حدث ذلك ، ويحدث أمام أعيننا.
 
في 2010 كتبت مقالاً بعنوان : أهل الحنوب شؤوون وشجون، ونقلت عن الزميل الشيخ صالح بن فريد العولقي، كلامه للشيخ عبدالله الأحمر في منزل الأخير، وقوله؛ لقد دمرنا دولتنا، وسنكون لكم عبيد كما يبدو!
 قال ذلك بعد حرب 1994 مباشرة، التي شارك فيها بن فريد ضد الإنفصال!
وليس هموم وكلام بن فريد هو فقط ما أوردته في ذلك المقال، بل تحدثت عن التمايز الذي كنا نشعر به نحن أيضاً في مجلس النواب، وذكرت في ذلك كلاماً للشيخ نبيل باشا، والدكتور عبدالرحمن با فضل، ووضع الدكتور الشيخ عبدالوهاب محمود، نائب رئيس المجلس، حينذاك.
 

التعليقات