اليمن بعد الشدة
الاربعاء, 03 أغسطس, 2016 - 06:40 صباحاً

تمر مشاورات السلام اليمنية بأيام حاسمة مع تمديدها أسبوعاً إضافياً يفترض أن يتوج باتفاق لإنهاء الصراع والحرب، وهو أمل سيبقى معلقاً على توقيع فريق الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح على المسودة المقترحة من الأمم المتحدة، وكذلك على المجتمع الدولي الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته بعد أن تبين له من يريد السلام وحقن الدماء ومن يسعى إلى التصعيد.
                               
وحتى تتضح الصورة أكثر، وقع وفد الحكومة اليمنية على الوثيقة التي قدمها الموفد الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قبل أن يغادر الكويت احتجاجاً على رفض وفدي الحوثي وصالح قبول الوثيقة والتوقيع عليها، معلناً في الوقت ذاته أن مغادرته الكويت ليست انسحاباً من المشاورات، فيما لم يخل هذا الموقف من تمرير رسالة إلى رعاة المشاورات والأمم المتحدة تحديداً لتحفيزها على حسم أمرها ووقف العبث، فلا يعقل أن تستمر المشاورات بلا طائل والشعب اليمني يفقد في كل يوم المزيد من مقدراته وأرواح أبنائه، بينما لا يبدو الطرف الانقلابي في وارد الانصياع لمبادئ الحل السلمي. ففي الوقت الذي كان يتوقع فيه أن يجنح الحوثيون وصالح إلى سبيل الرشاد والتصالح مع إخوانهم في الوطن والدم، قطعوا خطوة أخرى باتجاه تكريس الانقلاب عبر تشكيل «مجلس سياسي» يزعمون من إعلانه تثبيت سلطتهم القاهرة في صنعاء، في حين تعكس الخلفية التي صدر منها هذا التصرف هروباً جماعياً من استحقاقات الحل السلمي الذي لم ينص على إقصائهم أو التشفي فيهم، وإنما اعتبرهم شركاء في الحل، عكس رغباتهم الرامية إلى عدم الاعتراف بالطرف الثاني الذي يحظى بالشرعية الدستورية والدعم الدولي، وقدم تنازلات، بدت في أحيان كثيرة مؤلمة، من أجل أن تنجلي هذه الأزمة ويعود لليمن استقراره في كنف جواره العربي.
 
ربما لم يفهم معسكر الحوثي وصالح الغاية من المشاورات الجارية في الكويت، كما لم يفهم أيضاً وقوف دول التحالف العربي ودعمها المطلق لإنهاء الحرب وعودة الشرعية عبر اتفاق سلمي تتحمل فيه جميع الأطراف مسؤوليتها وتلتزم بمقرراته. فقبول الطرف الذي انقلب على الدستور في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة لا يعني صكاً على بياض ليفرض الشروط التي يريد، وإنما هي خطوة إجرائية لتحديد عناصر المشهد المتأزم من أجل رفع المعاناة عن الأبرياء ووقف إزهاق الأرواح سواء في هذا الطرف أو ذاك. كما لا يعني دفع التحالف العربي الأطراف اليمنية إلى المشاورات السلمية، وعقدها في دولة عضو في التحالف هي الكويت، إسقاط الحل العسكري، بقدر ما كان تعبيراً عن نية طيبة من أجل منح الفرصة للحل السلمي وحث الطرف الانقلابي في صنعاء إلى التعقل والتبصر في عاقبة التمرد والاحتكام إلى السلاح.
 
ما يصدر من الكويت وما توحي به الجلسات الماراثونية يؤكد أن ملامح الحل بدأت تتبلور، فلا يعقل أن تنتهي مسيرة 90 يوماً من المشاورات في الكويت بالفشل، وقد يكون احتجاج الوفد الحكومي وعودته إلى الرياض ورفض الحوثيين التوقيع على الوثيقة الأممية بعد تشكيلهم «مجلساً» مع صالح، من علامات الفرج بعد الشدة، واليمن يستحق أن ينعم بالأمن والسلام، واليقين سيكون خلال أيام قليلة.

نقلا عن الخليج الاماراتية

التعليقات